تظاهرة «الخروج إلى المسرح»: تجربة فنية تدافع عن جماليات متعددة

المسرح فعل لممارسة كلية لأبجديات الحرية، المسرح رحلة صادقة تجمع بين المتفرج والممثل،

تجربة فنية وانسانية تقدم مواضيع مختلفة وتعالج قضايا شائكة بطريقة جريئة. المسرح باب للحريات ولازالت الخشبة مقدسة. حين يصعد الممثل يتعرى من كل المعيقات الدينية والسياسية والاخلاقوية ليكون صادقا مع نفسه وجمهوره. على الركح يكون الممثل حرا ويكون المسرح اصدق مساحة للتشاركية والتنوير. الخروج الى المسرح تظاهرة تحتفي باب الفنون وتقدم لجمهور مدينة الثقافة منذ خمسة اعوام باقة من اكثر العروض جدية وأجملها فنيا من 23 الى 29 سيبتمبر 2024 في قاعات مدينة الثقافة الشاذلي القليبي.

الخروج الى المسرح..الخروج الى الحياة هو شعار التظاهرة التي انطلقت منذ خمسة اعوام لمحاربة فكرة «الجدران المغلقة» التي فرضها فيروس كوفيد على التنسيين، كسر المسرح جدار العزلة وولدت التظاهرة مختلفة تقدم للجمهور عروض مسرحية تنتمي لمدارس ابداعية مختلفة، فتلتقي خبرة كبار المسرح التونسي مع احلام شبابه لتشييد فضاء مسرحي ينتصر لفكرة الحرية وقدرة المسرح على التغيير.

تفتتح برمجة الخروج الى المسرح بعمل فني «عظيم» كثر حوله الكثير من اللغط خلال صائفة 2024 بعد غيابه عن برمجة المهرجانات الصيفية الكبرى، مسرحية «اخر البحر» للمخرج الفاضل الجعايبي، التي ستقدم يوم سبتمبر بداية من السابعة والنصف مساء بمسرح الجهات والعمل من انتاج المسرح الوطني ومركز فنون جربةن مسرحية تنقد المنظومة الدينية والسياسية والاجتماعية والحقوقية، نص جريء قدمه ممثلين مهرة عرفوا كيف يوصلوا شيفرات العمل الى الجمهور.

مسرحية «اخر البحر» تجربة فنسية جديدة للمخرج فاضل الجعايبي وشاركه في صياعة العمل لابداعي كل من محمد شعبان وصالحة نصراوي وسهام عقيل وريم عيّاد وحمادي البجاوي.

«اخر البحر» صرخة ضدّ الحياة والموت والعنف البوليسي، نداء لمراجعة مجلات حقوزق الانسان والصراع الازلي بين الحياة والموت، هو ملاحقة للوجع من ميديا الاغريقية الى عاتقة العربية وما بينهما من سنوات ضياع التقطها مخرج ذكي ليصنع منها مسرحية مرجع في الكتابة والاداء والانتصار الكلي للحقوق والحريات التي داب مسرح الجعايبي يدافع عنها منذ بدايته الى اليوم.

لم يكن ايقاظ وترويض هذا الغول الميثولوجي الفاتن بالأمر الهيّن. لكن الجعايبي استطاع أن يُعيد حبك نسيج الأسطورة في سَرد مشوّق ليبعث ميديا في ثوب شرقي حديث، مُنزّلا إيّاها في بيئتنا التونسيّة تنزيلا مُحكما، لتكون بحجم قساوة اللحظة التاريخية الرّاهنة. وهل أفضل من ميديا اليوم- دون اسقاطات على المسرحيّة- لمُساءلة قَتَلة الأطفال في غزّة مثلا؟ كما كتب الكاتب والطبيب النفسي ايمن الدبوسي.

تتواصل فعاليات التظاهرة ويكون اللقاء الثاني يوم 24سيبتمبر في قاعة المبدعين الشبان مع تيمة البحر ايضا وعمل «قونة» اخراج فرحات دبش ونتاج مركز الفنون الركحية والدرامية مدنين ويعالج العمل موضوع الهجرة السرية وتاثيراتها على المجتمع التونسي، بين الكوميديا والسخرية والتراجيديا يقدم حمزة بن عون وجمال شندول ولسعد جحيدر وجهاد فورتي مجموعة من المشاهد والشخصيات التي تنقد «الحرقة» ظاهرة اجتماعية واقتصادية وحقوقية لها تبعاتها السلبية على الشباب التونسي.

للشباب حضوره في التظاهرة ولابدعات الشباب نصيبها من العرض، ثالث العروض سيكون بعنوان «واحد» للمخرج مروان الميساوي، العمل من تمثيل اوس ابراهيم وحامد سعيد ومحمد البرهومي وشيماء بلحاج ومحمد فوزي البكوش وزينب المرزوقي، صمم موسيقاه وضاح العوني والاضاءة لشوقي مشاقي وتقني الاضاءة رياض توتي وتوظيب ركحي غازي لكحل.

مسرحية «واحد» تجربة ابداعية جديدة تجمع شباب يؤمن بقدرة المسرح على صناعة جمهور واع وله طريقته المميزة في طرح المواضيع وتناولها والانتظار هو التيمة الابرز التي سيلتقي معها جمهور قاعة المبدعين الشبان مساء الخميس سبتمبر في السابعة والنصف مساء.

يبدع معز العاشوري في مخاطبة المتصوفة، له قدرة على استقراء النصوص التراثية واعادة احيائها بلغة مسرحية معاصرة، الى خبايا الصوفيين وحكاياتهم تكون الرحلة المسرحية «روضة العشاق» اخراج معز العاشوري وانتاج مركز الفنون الركحية بن عروس، عمل سيقدم للجمهور مساء سبتمبر في مسرح الجهات.

«روضة العشّاق» من تمثيل شهاب شبيل ورامي شارني وهيفاء بولكباش وعبد السلام جمل وإسكندر هنتاتي وأمان الله توكابري وعبد الحميد فرح ومهدي علوشي ومأمون بن علي وريان رحموني ومحمد سفينة وخلود مونة.

«روضة العشاق» عمل ينصت الى القلب ونداءاته، مسرحية تحاكي جمالية العشق وتدافع عن قيم مثل النبل والمحبة والشهامة، عمل يحفر في الذاكرة الجماعية للمتصوفة ويبرز نقاط التشابه بين اغلب الفرق الصزفية وينقل بتقنيات مسرحية بعض الاشارات التي يعتمدها الصوفيين ويحاول تفكيك شيفراتها على الركح، مسرحية ثرية بالمعاني والصور والدلالات، شاعرية في الأداء وشعرية في التجلي بين جسد الممثل ونصه المنطوق، هي رحلة حقيقية الى عالم جميل يسود فيه الحب وتفنى فيه الروح عشقا.

تتواصل فعاليات التظاهرة السبت28 سبتمبر مع مسرحية «البوابة52» اخراد دليلة مفتاحي، والمسرحية تفتح ابواب الذاكرة وتعيد الحياة لمناضلات تونسيات ساهمن في حرية تونس من الاستقلال، عمل ينتصر لنساء هذا الوطن وقدرتهنّ على صناعة تاريخ مشرق ومميز.

ويقدم محمد علي سعيد عمله الجديد «اعترافات» مساء الاحد 29سبتمبر بمسرح الجهات، وتختتم تظاهرة الخروج الى المسرح بعمل من انتاج قطب الفنون الركحية هو «البخارة» اخراج الصادق الطرابلسي والعمل يطرح موضوع التلوث من تمثيل رمزي عزيز وعلي بن سعيد وميم بن حسين بلال سلاطنية ومكي بليغ.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115