مهجان بوقرنين الدولي سهرة الفنان وليد الصالحي المزود الصفاقسي تعبيرة تونسية منفلتة تعبّر عن هواجس الانسان التونسي

تونسي جدا، يدافع عن الموروث والهوية بموسيقاه واغانيه،

اختار فنّ المزود مطيته لينقل للاجيال بعض خصوصيات وثراء الفن في الايقاعات والموسيقى التونسية الحضرية والريفية، فنّ المزود له جمهوره ومحبيه وله فنانيه الجادين في العمل والتجديد من حيث الصورة او الكلمة مع المحافظة على حضور "المزود" آلة اساسية تكون سيدة العرض والمتحكمة في كل تنويعاته والفنان وليد الصالحي من الفنانين المحافظين على خصوصية المزود والعاملين بجدية في السنوات الاخيرة لتقديم صورة حقيقية عن ممارسي هذا الفن وممتهنيه ومحبيه.

امام جمهور مهرجان بوقرنين الدولي قدم وليد الصالحي عن فرجوي متكامل جمع الغناء والمشاعهد الراقصة مع مساحة للعزف الفردي، الصالحي قدم اغانيه طيلة الساعتين وليضرب مع جمهوره موعدا مع الفرحة.

المزود فنّ الفرحة للتونسيين

تعرف تونس تنوعا في الانماط والالوان الموسيقية، يزخر هذا البلد بالوان فنية تختلف من منطقة الى اخرى، فموسيقى الشمال تختلف جذريا عن ايقاعات اهل الجنوب، وموسيقى الجزر جد متبيانة عن موسيقى الوسط، والمزود احدى اهم الالوان والطبوع الموسيقية التونسية، ظهر هذا الفن في بدايات القرن العشرين بعد ان احضره البدو الرحل الذين قدموا الى تونس في بدايات القرن من الجزائر وليبيا ليصبح هذا الفن موحّدا للتونسيين في حفلات "الربوخ".
وتنوّعت طريقة العزف والغناء بين جهات مختلفة من "المزود الصوفي" الذي يتغنى اساسا بالاولياء والصالحين و"مزود الزندالي" الذي مثل تعبيرة عن موسيقى السجون، و"المزود الراقص" المعبر اساسا عن الفرحة والاحتفالات، وعنه نتج "مزود الربط" الى "المزود الصفاقس" الى "المزود القفصي" وجميعها تشكّل باقة ملونة لبد يزخر بالثراء والتنوّع.
هذا الفن بكل تلويناته وايقاعاته ارتبط بالكادحين والحالمين، ارتبط بالزندالي وايقاعات تكتب وتغنى داخل السجون وارتبط بحفلات الزواج في الارياف الممتدة بعد تعب حصاد اشهر الصيغف، فن اقترب منذ بداياته من وجع الانسان، تعبيرة موجعة ومنفلتة عن مشاعر الحب الصادقة وإنصات للعديد من المواضيع الاجتماعية قبل ان تنبذه السلطة وتمنعه من الراديو وتقصي فنانيه ليقترب اكثر من الناس ويصبح "المزود" سيد الحفلات التونسية.
وتتألف آلة المزود من قربة أو ما يشبه الكيس المصنوع من الجلد وهي آلة هوائية ينفخ فيها العازف بواسطة مزمار وتحتوي القربة في العادة على مزامير أخرى تأخذ الهواء لإخراج صوت بعد الضغط عليها وهي تستعمل كثيرًا في الفلكلور والأفراح وترتبط اساسا بمفهوم الفرحة وحفلات الزواج.
ووليد الصالحي من فناني المزود المدافعين عنه وعن التنوع الموسيقي التونسي، ارتبطت اغانيه بالمزود الصفاقسي المتميز بالحان اكثر رقة من بقية النغمات، الصالحي يحافظ على موروثه الفني ويجدد في الكلمات والالحان، فنان يقاوم موجات "الراب" ويعمل منذ اعوام ليكون في رصيده اغان تميزه يحفظها جمهوره واغلبها تعبيرة عن الحبّ او الانتصار للكادحين.
حضور ركحي ومساحات صوتية مبهرة
وليد الصالحي فنان له مساحات صوتية مبهرة، صوته صاف تماما كالفيديو المسجّل، له القدرة على تلوين صوته وتوزيع طبقاته حسب متطلبات الايقاع والاغنية، فنان بحضور ركحي متميز ومقنع، يتواصل مع العازفين ويصنع فرجة بصرية تمتع المتفرج وتدفعه ليكون عنصرا في الحلقة الابداعية ويوزع الفنان على جمهوره مساحات للفرحة عبر تعبيرة الرقص والتفاعل المباشر بين الفنان وجمهوره، وليد الصالحي يعمل ليكون له اغانيه ولجمهور المهرجان يقدمّ رصيده الفني ويرتكز اساسا على اغانيه والاهم قدرته على التفنن في المواويل التي تتطلب قدرات صوتية هائلة قبل الغناء يكون للموال حضوره وتغزّلا بصوته وحضوره يقول:

مازال صوتي في المحافل عالي
و انشد عليا الناس الي عرفوني
و ربي عطاني الصوت في موالي
تزهى خواطر لكل من سمعوني
وأمام جمهور بوقرنين تميّز الفنان وكان وفيا لفنّه ولإيقاعات المزود الصفاقسي واحترم جمهوره وغنى له من رصيده الخاص "مازال" و"شيطانة" و"نعيش هكة" و"فاطمة" و"ربيتك حر" و"ما يهمش" وغيرها من الاغاني الخاصة به باسلوبه الموسيقي اين تكون الة المزود سيدة الحكاية وصاحبة القرار في التفنن والتلاعب بمشاعر الحضور، تارة تدغدغ الحنين وطورا تدفعه لموجة التفاعل والرقص.
فن المزود في تونس من مميزات التنوع الموسيقى لهذا البلد، له رواده الذين دافعوا عنه منذ لأعوام طويلة على غرار الهادي حبوبة وعبد الرزاق قليو ولطفي جرمانة، ونرو الدين الكحلاوي وصالح الفرزيط، جميعهم قدموا هذا الفن الممنوع لفترات طويلة من الاعلام، وحين فكّ الحصار عن المزود عمد عدد من الفنانين الى مزجه بايقاعات الهيب هوب او الايقاعات الغربية للتعريف به اكثر ومحاولة التجديد، لكن حافظ الصالحي على التيمة الاصلية لهذا الفن.
حافظ على روحه وعمل على احياء بريق "المزود" عبر الصورة الحديثة والكلمات الخفيفة والالحان سهلة الحفظ مع العمل على وسائل التواصل الاجتماعي لينجح الصالحي في تكوين قاعدة جماهيرية هي الضامن الاول لنجاح ايّ فنان مهما كان اسلوبه او طريقته في الغناء، وامام جمهور بوقرنين غنّى وليد الصالحي، وقدم اغنية خاصة بفلسطين رفعت فيها راية تونس وفلسطين كتعبيرة تضامن صادقة من فنان تونسي الى كل المرابطين في غزة وفلسطين.
على ركح بوقرنين تميز الصالحي واكّد ان للفنان التونسي القدرة على النجاح متى آمن بنفسه واجتهد ليكون له رصيده ومساحاته الغنائية وتوجهه الفني المختلف.

 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115