اعتمادا على استطلاعات خارج مراكز الاقتراع، انتصار التجمع الوطني المتطرف على منافسيه وهزيمة الأغلبية الرئاسية التي لم تعد قادرة على تدارك تقهقر الدعم الشعبي لها. هذه الدورة الأولى جسمت اخفاق الرئيس ماكرون في رهانه الانتخابي عندما قرر يوم 9 جوان، إثر هزيمته في الانتخابات الأوروبية، حل البرلمان ودعوة الناخبين للمشاركة في تجديد الجمعية العامة.
وأعلنت وزارة الداخلية أن نسبة المشاركة في التصويت قد ارتفعت إلى 69،50، %بفارق 22 نقطة بالنسبةللمشاركة في انتخابات عام 2022. واعتبرت بعض المصادر الإعلامية ان نسبة المشاركة هذه السنة لم تسجل منذ عام 1989. وهو مؤشر على اهتمام الناخب الفرنسي المتزايد بخصوص إمكانية وصول التجمع الوطني إلى سدة الحكم. وشارك اكثر من 4000 مرشح لتجديد 577 مقعدا في الجمعية العامة في أكثر من 70 ألف مركز اقتراع تغلق أبوابها على الساعة الثامنة ليلا.
هزيمة مدوية للرئيس ماكرون
وفي انتظار الأرقام الدقيقة لنتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها يجدر القول إن الرئيس ماكرون الذي أراد هذه الانتخابات قد فشل فشلا ذريعا سوف يفقده التحكم في الحكومة والاضطرار إلى اللجوء إلى عملية تعايش سياسي وهو الذي قدم نفسه كدرع واق من اليمين المتطرف. الانتقادات، الحادة بعض الأوقات، أتت من داخل الأغلبية الرئاسية التي شهدت عملية انفصال قام بها إدوار فيليب الوزير الأول الأسبق وزعيم حزب "هورايزون" والطي اعتبر قبل الانتخابات أن "الرئيس ماكرون قد قضى على الأغلبية البرلمانية" وأنه تحرر سياسيا من القيود التي كان يحترمها داخل التحالف.
لم ينجح الرئيس إيمانويل ماكرون في الحصول على أغلبية من الأصوات كما كان يتصوره ولو أنه اعتبر أن من واجبه أمام نتائج الانتخابات الأوروبية أن "يطلب رأي الشعب في مستقبل البرلمان" علما وأن نيابته الرئاسية تنتهي عام 2027. هذه الخسارة تفرض عليه في السنوات المتبقية "التعايش" مع تجمع سياسي معارض لسياساته. هذه الوضعية عاشها الناخب الفرنسي من قبل مع الرئيس فرنسوا ميتران في مناسبتين ومع الرئيس جاك شيراك في مناسبة. الفرق هذه المرة هي، حسب ما سوف تؤكده الانتخابات النهائية إثر الدورة الثانية يوم 7 جويلية الجارين، إمكانية أن يضطر إلى اقتسام الحكم مع التجمع الوطني المتطرف الذي لا يشاركه أي شيء من سياساته. في حال لم يحصل اليمين المتطرف على أغلبية برلمانية سوف تدخل فرنسا في حالة فوضى سياسية خاصة أن الرئيس ماكرون لا يمكنه دستوريا حل البرلمان ثانية قبل انتهاء عام بأكمله بعد موعد 7 جويلية.
تحالفات سياسية حتمية لخوض الدورة الثانية
تخرج فرنسا اليوم في مشهد سياسي جديد يتمحور حول ثلاثي حزبي بين الأغلبية الرئاسية السابقة والتجمع الوطني والجبهة الشعبية الجديدة. لكن هذا المشهد الانتخابي الذي تم تشكيله بعد 9 جوان الجاري بصورة اضطرارية لن يصمد طويلا لما للأحزاب التي تشكله من اختلافات استراتيجية في التحالفات الثلاثة. من ناحية أخرى لا بد لهذه الأحزاب أن تصمد إلى يوم 10 جويلية لخوض الدورة الثانية للانتخابات. وهذا يحدد في الدوائر الانتخابية التي تشارك في الدورة الثانية (ما عدى الدوائر التي تمكنت من انتخاب نائب في الدورة الأولى) أن تتحالف الأحزاب لدعم المرشح الذي يأتي في المرتبة الأولى أو الثانية. وهو ما يحتم على الأحزاب أن تقرر الانسحاب لصالح مرشح آخر قادر على الفوز في إطار استراتيجية دعم المرشحين من أجل الفوز بالمقعد البرلماني. عملية معقدة بالنسبة للأحزاب خاصة أن الناخب الفرنسي لم يعد يثق في السياسيين وهو هذه المرة أمام وضع جديد يمكنه من اتخاذ قرار حر يمكنه من تغيير الأوضاع حسب ما يتمناه.