مبادرة تشريعية لتنقيح المرسوم 54 المثير للجدل والانتقادات أمما تواتر الإحالات والقضايا على معنى هذا المرسوم، إلا أن مكتب البرلمان لم يتحرك بعد ولم يحل مشروع التنقيح إلى اللجان المختصة الأمر الذي أثار غضب واستياء أحاب المبادرة مما أجبرهم على تقديم طلب استعجال للنظر ، ووفق ما أكده النائب ياسين مامي فقد طالب 57 نائبا مكتب المجلس باستعجال النظر في تنقيح المرسوم 54 وعرض مشروع القانون على لجنة الحقوق و الحريات، وقد حملوا مسؤولية التعطيل إلى رئيس البرلمان.
أودع 57 نائبا يوم أمس في مكتب الضبط في البرلمان طلب استعجال نظر في مقترح قانون يتعلق بتنقيح المرسوم 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 وإتمامه والذي تمّ إيداعه يوم 20 فيفري 2024، وقد جاء في طلب استعجال النظر والذي نشره النائب ياسين مامي على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" أنه "بعد الاطلاع على دستور 25 جويلية 2022 في فصله 68 في فقرته الثانية التي تنص على أنه للنواب حق عرض مقترحات القوانين شرط أن تكون مقدمة من عشرة نواب على الأقل وعملا بالفصل 123 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي ينص على " مكتب المجلس أن يحيل مقترحات ومشاريع القوانين إلى اللجنة المختصة في أجل خمسة عشر يوما من تاريخ إيداعها ويأذن بتعميمها على جميع النواب ونشرها على الموقع الرسمي للمجلس".
خرق جسيم للدستور وللنظام الداخلي
ووفق طلب استعجال النظر فإن مقترح القانون قد تمّ إيداعه في مكتب المجلس منذ 20 فيفري 2024 وبذلك فقد تم ارتكاب خرق جسيم للدستور والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب ومصادرة لإرادة نواب الشعب ولحقهم المكفول دستوريا في التشريع، وعليه فإن النواب الموقعين على الطلب يطالبون بالالتزام بالفصل 68 من الدستور والفصل 123 من النظام الداخلي إلى جانب المطالبة باستعجال النظر في مقترح هذا القانون طبقا للفصل 73 من النظام الداخلي" . طلب استعجال النظر في مشروع التنقيح جاء بالتزامن مع تلقي البرلمان مطلب رفع الحصانة عن النائبة فاطمة المسدي بسبب شكاية قدمها ضدها رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر على معنى المرسوم 54.
شكاية ضد المسدي من قبل رئيس هيئة الانتخابات
أكدت النائبة فاطمة المسدي في تدوينة نشرتها على صفحتها الرسمية على موقع التواصل "الفايسبوك" أمس ، أنها محل شكاية على معنى المرسوم 54 قالت انه تم تقديمها من قبل رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر . وأشارت النائبة إلى انه تم إعلامها بورود طلب رفع حصانة في حقها. وجاء في تدوينة فاطمة المسدي " في الأثناء ونحن على أبواب انتخابات رئاسية تم إعلامي اليوم بمطلب رفع الحصانة عني نتيجة شكاية قدمها ضدي رئيس الهيئة العليا للانتخابات على معنى المرسوم 54 … نحن لها ..".
رئاسة البرلمان مترددة
العديد من الانتقادات وجهت إلى رئاسة البرلمان من قبل عدد من النواب بسبب التأخير في عرض مشروع التنقيح على اللجان المختصة، حيث أكد مقرر لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب محمد علي في تصريحات إعلامية "إن العائق الأساسي أمام إحالة مبادرة تنقيح المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال أمام اللجنة هو رئاسة البرلمان التي مازالت مترددة بخصوص تمريرها من عدمه"، مضيفا أن الموقعين عن المبادرة يعملون على الدفع نحو تمريرها تقريبا خلال كل اجتماع لمكتب المجلس، قائلا "نحن تحركنا أكثر من مرة ونتصل بمكتب المجلس تقريبا في كل اجتماعاته لتمرير هذه المبادرة، لكن للأسف هناك تخوف من هذه التنقيحات"، مؤكدا ضرورة إصدار نص قانوني يحترم المعايير الدولية ولا يستعمل للتضييق على حرية التعبير.
مشروع التنقيح لم يحل على اللجنة
وذكر مقرر اللجنة أن المبادرة التشريعية لتنقيح المرسوم عدد 54 والتي وقع عليها 40 نائبا ولم تتم إحالتها على اللجنة المختصة حدّ اللحظة، شملت عدة تنقيحات على مستوى الفصول 5 و9 و10 و12 و21 و22 و23 وتهم بالخصوص الفصل 24 الذي يثير إشكالا حقيقيا ويعتبر الموضوع الرئيسي للتنقيح، بالنظر إلى أحكامه المشددة واستعماله للتضييق على حرية التعبير، حسب تقديره، موضحا أن فكرة تقديم المبادرة لتنقيح المرسوم عدد 54 كانت "لإخراج النقاش حوله من الفضاء العام وإدخاله في مساره التشريعي الطبيعي والحقيقي". وأشار إلى أن أحكام المرسوم عدد 54 لا تمس فقط الصحفيين بل تطال كل التونسيين وتستعمل لتكميم الأفواه والتضييق على حرية التعبير، مبرزا أن أحد نواب المجلس يواجه بدوره شكاوى على معنى هذا المرسوم تقدم بها رئيس البرلمان ضده. ما شدد مقرر اللجنة على ضرورة وضع خارطة طريق للضغط من داخل المجلس لتمرير تنقيحات على المرسوم عدد 54.
الفصل 24 ..فصل زجري
وفق تصريحات أصحاب مبادرة التنقيح فإن إقدامهم على تقديم مشروع تنقيح للمرسوم عدد 54 كان لأجل تعديل وتنقيح عدة فصول وخاصة الفصل 24 منه والذي يعتبرونه فصلا زجريا يتضمن عقوبات سالبة للحرية في قضايا تتعلق بحرية التعبير والإعلام، وهو فصل يقول عنه بعض النواب انه وقعت إساءة استخدامه فبات يضيق على حرية الإعلام والتعبير، وهذا يناقض الهدف الذي من اجله صدر المرسوم وفق النواب المبادرين.