الرقص ثورة على الموجود هكذا الرقص لدى الكوريغراف رشدي بلقاسمي، فالرقص ثورته على ذاته والعادات ورغبة دائمة للتجديد، رشدي بلقاسمي كوريغراف وباحث في لغة الجسد يواجه في المدة الاخيرة حملة تشويه بعد ادراج اسمه كمؤطر لورشة " الممثل، الايقاع، الجسد في المسرح" ومنذ الاعلان عن اسم المؤطر انطلقت حملة التشويه عبر صفحات الفايسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي للضغط على دار الثقافة لتغيير المؤطر.
بعد حملة التشويه واحتراما للمهرجان الذي يحمل اسم علي مصباح استاذ بلقاسمي وأول من علمه المسرح، قرر الكوريغراف تاجيل الورشة بسبب التضييقات واحتراما للمهرجان والجمهور لكن حملات التشويه لم تنته وتواصلت وخرجت من دائرة "الفايسبوك" الى منابر الجوامع في صلاة الجمعة؟ فهل الجسد مخيف؟ ام ثقافة رشدي بلقاسمي واصراره الدائم على محاربة الظلامية هو السبب الاساسي للتشويه ولرفض رشدي بلقاسمي؟.
رشدي بلقاسمي مثقف اختار الرقص مادة للبحث والخطوة التونسية هاجس للتفكير والتفكيك، منذ عرضه "الزوفري" عام 2014 وكلما رقص او قدم عرضا استنطق فيه الموروث التونسي والخطوة التقليدية التونسية قوبل بالثلب والشتم لانّه "يقدم الخطوات النسائية في بعض اعماله و"يشطح بحزامه" وهي الجملة الاكثر تداولا بين الرافضين لحركات ردشي بلقاسمي حد محاربة افكاره.
رشدي باحث في مجاله، الرقص لديه ليس هواية او مجرد خطوات او عرض فرجوي ينجر، الرقص اكثر عمق لأنه فعل مقاومة دائمة، فبلقاسمي يقاوم بجسده كل اشكال الرفض، ينصت بحركاته لاصوات المهمشين ويعيد صياغتها كما فعل في "الزوفري"، يلتقط سير المنسيين ويحييها بجراة امام الجماهير كما رقص في "ولد الجلابة"، يستحضر صور النساء وحكاياتهنّ ويصغي لوجعهن ويحوّله الى خطوات رافضة للعادات المقيدة لحرية المرأة كما رقص في "شغل"، فرشدي ثائر على السائد، رافض لما يكبل حرية الانسان، يستعمل الرقص سلاحه للدفاع عن الحق في الاختلاف ويرقص مدافعا عن الهوية التونسية وتاريخ الخطوات التقليدية.
تجييش وشيطنة على وسائل التواصل الاجتماعي، رفض لرقصه من بعض الائمة على منابر الجوامع، مشهد قديم /جديد، فليست المرة الاولى يحارب فيها الظلاميين رشدي بلقاسمي بسبب الرقص ومنذ بداياته يلقبونه بـ "الزوفري" و"الراقص العاري"، فالرقص يخيف اعداء الحياة وثورة الجسد تصبح ماردا جبارا امام محبّي الظلامية والمدافعين عنها.
الرقص دين المختلفين والرقص لغة صادقة يستعملها رشدي بلقاسمي ليقاوم الافكار المتحجرة وينتصر فقط لثورة الانسان، وكلما تقدم رشدي بلقاسمي في بحوثه العلمية وزادت قدرته على تفكيك شيفرات المجتمع وحوّل بحوثه الى رقصات كان المختفين خلف الشاشات اوّل المهاجمين لكل فكرة مختلفة، وكلما اشتّدت الحرب على الافكار المختلفة، رقص رشدي بلقاسمي انتصارا للجسد وللغته الحرة "أريد ان يكون جسدي صوتا للحقيقة".