القانون الدولي والحق الفلسطيني.. بين الأمم والولايات المتحدة

على الرغم من التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط ما بين مشاهد أممية وصور الاقتحام الإسرائيلي لرفح

والهجوم على مقر وكالة الأونروا في القدس الشرقية ، فإن واشنطن ما زالت تنحاز إلي دولة الإحتلال وسياساتها وانتهاكاتها للقانون الدولي ، ففي حين يشهد الضمير العالمي صحوة لنصرة الحق الفلسطيني وتحريك المياه الراكدة لعقود بنظر الجمعية العامة للأمم المتحدة الحد الأدنى من المطالب المشروعة لدولة فلسطين ، يقدم 20 عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون يقيد التمويل للأمم المتحدة أو أي منظمة تعطي السلطة الفلسطينية أعلى من صفة مراقب.

لم يقتصر الانحياز الأمريكي الفج على إجراءات داخلية أو استخدام وسائل الإعلام للتعبير عن معارضة منح دولة فلسطين عددا من الحقوق والامتيازات الخاصة بالمشاركة في الفعاليات التي تعقد في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بل إمتد الأمر إلى تلقي أمين عام الأمم المتحدة إتصالات من عدد من نواب الكونجرس الأمريكي بنيتهم إتخاذ إجراءات عقابية ضد المنظمة الأممية في حالة حصول فلسطين علي وضعية أعلى من صفة المراقب أو الإقتراب من العضوية الكاملة بالجمعية العامة.
هذا، ولإستكمال مشاهد الاستخفاف الأمم المتحدة والشرعية الدولية، وفي مشهد دراماتيكي جديد قام مندوب دولة الإحتلال بتوجيه إنتقادات للدول الأعضاء الداعمين لذلك التحرك الأممي واتهامات للسلطة الفلسطينية وحماس وإيران واختتم حديثه بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة، ونشر وزير خارجية الكيان 'كاتس' تدوينة علي منصة إكس ذكر فيها أن ' المسرح السياسي للأمم المتحدة' إتخذ قرارا مشوها ومنفصلا عن الواقع ويمنح حماس جائزة ويضر بجهود إطلاق سراح المختطفين، وأن الرسالة التي ترسلها الأمم المتحدة للمنطقة المشبعة بالألم هي أن العنف يؤتي ثماره.
هذا، وقد جاءت نتيجة التصويت على مشروع القرار الذي قدمته دولة الإمارات بإعتبارها رئيس المجموعة العربية بتصويت 143 دولة لصالح القرار، و9 أصوات ضده، وإمتناع ٢٥ دولة عن التصويت، وعلي الرغم أن الصيغة النهائية للقرار لا تمنح فلسطين العضوية الكاملة، إلا أن الأجواء التي صاحبت صدور القرار تعد في حد ذاتها خطوة إيجابية و تحافظ على الحد الأدنى من الهيبة المفترضة للأمم المتحدة والتي لا تتمكن من وقف الممارسات الإسرائيلية غير القانونية بسبب ممارسة الولايات المتحدة حق النقض ( الفيتو) في مجلس الأمن.
وعلى الرغم من الدعم الكامل من جانب واشنطن لدولة الإحتلال إلا أن مراكز الفكر الإسرائيلية والمحللين الإستراتيجيين في تقييمهم لتصريحات بايدن بأن الهجوم على رفح وتعرض المدنيين للخطر قد يستتبعه تغير في تعامل إدارته مع الحرب في غزة، تدرك أن الحملات الانتخابية تؤثر بشكل كبير على تعامل إدارة بايدن مع حكومة نتنياهو، وترجح تلك التقديرات أنه على الرغم من موقف بايدن بشأن المساعدات الأمريكية العسكرية وإمكانية تعليقها، فإنه يجب على تل أبيب إعطاء الأولوية للدعم الأمريكي كهدف إستراتيجي، ولن تحقق إسرائيل أهدافها من الحرب على المدى الطويل دون دعم أمريكي قوي، وأنه على حكومة نتنياهو أخذ المصالح الأمريكية في الإعتبار، لاسيما وأن إلتزام واشنطن ورئيسها بالدفاع عن إسرائيل وأمنها إنعكس بوضوح خلال الهجوم الإيراني منتصف أفريل الفارط، وكذلك إعلان البيت الأبيض عدم تأييد تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل وأنها لا تملك صلاحية لإصدار أحكام جنائية، فضلا عن إعداد نواب من الحزب الجمهوري تشريعا لمعاقبة قضاة المحكمة الجنائية الدولية حال إصدار مذكرات إعتقال مسئولين إسرائيليين.
من المؤسف أن المنظومة الأممية لا تمتلك الأدوات الفاعلة والملزمة قانونا، التي من شأنها إرغام دولة الإحتلال علي إحترام القانون الدولي وأنه لن يتسني لها التمادي في الإعتقاد بأنها فوق الحساب، وأنها تحصنها بالفيتو الأمريكي يساعدها على الإفلات من العقاب على جرائمها ضد الإنسانية، وما إلى ذلك من ممارسات وإنتهاكات وصلت إلى حد قتل الأطفال والنساء والمدنيين وموظفين في وكالات الأمم المتحدة الإغاثية.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115