افتتاح تظاهرة "100كرسي" بمسرح كورتينا القلعة الكبرى: عز الدين قنون فكرة والأفكار لا تموت مع الزمن

ترحل الاجساد وتبقى الافكار حرة وثائرة دوما،

قد تغادر اجساد المبدعين والعظماء عالمنا لكن افكارهم التي زرعوها في مجتمعهم وواقعهم تظل ترفرف وتدافع عن خلودهم وابديتهم والراحل عز الدين قنون شمعة مضيئة للحقيقة والمسرح، فنان غادر جسده منذ تسعة اعوام لكن روحه وأفكاره ومنجزه الفني والانساني بقي شاهدا على عظمة فنان احب المسرح حدّ التماهي والانصهار.

عز الدين قنون فنان كرّم في افتتاح تظاهرة "100كرسي" بمسرح كورتينا في لقاء جمع الحبيب بلهادي والبحري الرحالي وعبد المنعم شويات وسيرين قنون للحديث عن اسهامات قنون في المسرح التونسي ودوره في بناء مثقف عضوي له القدرة على الدفاع عن الانسان.

قنون سلاحه المسرح وزاده الفكر

المسرح التزام وانجاز فعل ثقافي في الجهات مسؤولية مضاعفة والتزام بحق ابنائنا في الثقافة فرجة وممارسة، تظاهرة "100كرسي للمسرح" تظاهرة وحدث ارناه ان يزهر حبا ودفاعا عن المسرح في مدينة القلعة الكبرى وولاية سوسة عموما، واخترنا في الافتتاح تكريم علامة من علامات المسرح التونسي الراحل عز الدين قنون ايمانا بدوره الحقيقي في ترسيخ فعل مسرحي مقاوم وينتصر فلكل القضايا العادلة بهذه الكلمات افتتح محمد علي بن سعيد تظاهرة "100كرسي" التي ينظمها مسرح كورتينا في مدينة القلعة الكبرى.
تزين الجدار بصور نادرة لعز الدين قنون، تلك الابتسامة المميزة لوجهه الطفولي توزعت على كامل الصور المعروضة، مشاهد لمسرحيات نادرة انجزها عز الدين قنون وفضاء الحمراء لتبقى خالدة ويخلد معها قنون المسرحي الثائر والمفكر العضوي والمدافع الشرس عن القضايا الكونية والعادلة.
قنون لم يرحل لأنه تركل اعماله وأبناءه ممن اطرهم في ورشات التكوين المسرحي وهم اليوم يحملون مسؤوليات في كل العالم العربي والافريقي، قنون لن يرحل لانه ترك خلفه افكارا متحررة، ولن يرحل طالما هناك سيرين قنون التي واصلت حمل مشعل قنون بكل افكاره ودافعت عن اسمه وأعماله لتواصل بدورها نحت مسيرة ثقافية وفنية تنصت للوجع الانساني تدافع عنه كما جاء في شهادة الفنان الحبيب بلهادي.
ويضيف بلهادي في شهادته "قنون لم يكن مجرد مسرحي عادي، قنون كان رجلا بحجم وطن، كنا نتشارك المسرح والدفاع عن القضايا الكبرى، اتذكر انه يوقف البرايف والعروض ليبقى بالساعات لصياغة بيان حقيقي وصادم يدافع عن اهم القضايا وخاصة القضية الفلسطينية التي كانت هاجسه، قنون فكرة لا تموت، رافقته لأعوام طويلة وكان مثقف عضوي يؤمن ان للمسرح القدرة على التغيير".
فنان بحجم وطن، محب للمسرح وله طريقته المميزة في التكوين، تعلمت منه الالتزام والصدق على الخشبة، له اسلوبه الفريد في التعامل مع الفكرة وجسد الممثل بهذه الكلمات فتح عبد المنعم شويات ابواب الذاكرة متحدثا عن الاستاذ الملهم عز الدين قنون مضيفا "تخرجت من المعهد العالي للفن المسرحي عام 1998 وفي جوان من ذاك العام بدات الرحلة مع قنون والحمراء، سنوات من الاجتهاد والسفر والدفاع عن فكرة مسرح ينتصر لكل القضايا الصادقة، مسرح يحترم انسانية الانسان، ولازالت افكار قنون وكلماته مثل الشموع تضيء الدرب والاشتغال".

رحل قنون وبقيت الحمراء وافكاره خالدة

"الي خلف النبات ما مات" مثل تونسي ينطبق على الراحل عز الدين قنون، فمنذ رحيله عام 2015 تحملت ابنته سيرين قنون مسؤولية تسيير فضاء الحمراء واخذت على عاتقها مسؤولية مواصلة ما بناه قنون طيلة اعوام "مسؤولية مرهقة وثقيلة، في الاشهر القليلة الولى شعرت بالضياع، لكن وجود سي الحبيب بلهادي شجعني على المواصلة، فليس من السهل اكمال مسيرة قنون، خاصة التكوين والمركز العربي الافريقي الذي يعمل على تكوين محترفي المسرح من دول عربية وافريقية، التجربة التي اطلقها الراحل قنون كانت رائدة وثقيلة في الوقت ذاته، ومنذ 2015 ونحن نواصل مسيرة التكوين مع تغيير في الاستراتيجية لتكلفتها المالية المرهقة اولا، وثانيا لصعوبة ايجاد داعمين غير متورطين مع الكيان الصهيوني" واكدت سيرين قنون ان الحمراء ليس مجرد فضاء للعروض بل مشروع وفكرة، الحمراء مساحة للقاء والحوار وتبادل الثقافات هكذا اراده قنون وها اننا نسعى للحفاظ على جمالية الفضاء ودوره في ترسيخ ثقافة بديلة.
مسرح الحمراء اسسه الراحل عز الدين قنون عام 1987 والفضاء كان خرابة متروكة لها عمقها التاريخي لانها من اوائل قاعات السينما في تونس العاصمة ويعود تاريخها الى 1922 واليوم عمر القاعة 102عام من الثقافة والفن وذاك المكان الذي اكتشفه قنون صدفة وأعاد اليه الحياة بعد عامين من الترميم بعثت فيه روح الثورة والاختلاف والدفاع عن الانسان،وقد استقبلت قاعة الحمراء فرقة المسرح العضوي التي أسسها عز الدين قنون سنة 1981 والتي كانت مجالا وفضاء لإنتاج مسرحيات كبرى مثل " حبّ في الخريف" سنة 1998 و"الدالية" سنة 1989 وطقمرة طاح" سنة 1991 و"المصعد" سنة 1994 و"طيور الليل" سنة 1996 و"نواصي" سنة 1999 ليصبح الفضاء منارة للمسرح والتكوين..
فالحمراء ليس فضاء او جدران، الحمراء قنون الثائرة، الحمراء انفاس واحلام كل من صعد على ذاك الركح الصغير وصنع لنفسه احلامه الصغرى وشكلها عجينة للتجديد، الحمراء لقاء الهاربين من وجع الحرب والباحثين عن طمانينة وحده قنون عرف كيف يمنحها لمحبي المسرح و"ها اننا نحاول اكمال مسيرته وافكاره مع التجديد، نعمل على الارشيف لان الذاكرة سلاح لمحاربة الغد" حسب تعبير سيرين قنون.
مسرح الحمراء وعز الدين قنون كانا مساحتين للحرية "رغم تجاربي الطويلة واعمالي الكثيرة لم اشعر بقيمة الممثل الا مع عز الدين قنون، معه اعدت اكتشاف ذاتي وقدراتي وتعلمت منه الكثير من الحب قبل الفن" كما تحدث اب الحمراء البحري الرحالي الذي سكنته الحمراء ولم يغادرها منذ قدومه الى العاصمة بعد تجارب طويلة في الكاف.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115