وسط أنباء أن مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث خيارات الرد على الهجوم غير المسبوق الذي شنته إيران في عمق إسرائيل بنحو 350 صاروخا وطائرة دون طيار ، وزعمت تل أبيب أنها اعترضت 99 بالمئة منها، فيما قالت طهران إن نصف الصواريخ أصابت أهدافا إسرائيلية بنجاح. ورغم دعوات ضبط النفس من حلفاء بهدف تجنب تصعيد الصراع في الشرق الأوسط، إلا أن تل أبيب تعمل بكل الطرق للرد على أول هجوم مباشر لإيران على إسرائيل.
فأي احتمالات يفتحها هذا الرد؟ وهل تتجه المنطقة إلى تصعيد بلا عودة؟.. إذ يرى متابعون أن ردة فعل الصهاينة والأمريكان هي التي ستحدد ما إذا كانت الحرب ستتوسع أم سيبتلعون هذا الرد القوي.
يشار إلى أن هذا أول هجوم تشنه إيران من أراضيها على إسرائيل، وليس عبر حلفاء في اليمن أو سوريا أو لبنان أو العراق، وجاء ردا على هجوم صاروخي استهدف القسم القنصلي في السفارة الإيرانية بدمشق أفريل الجاري.وتعرضت قاعدة نيفاتيم الجوية في جنوب إسرائيل لأضرار في الهجوم .
ووفق تقارير في الغرض تسعى اسرائيل حليفة أمريكا ، إلى استغلال الهجوم الإيراني لبناء تحالف إستراتيجي دولي ضد إيران ، وهو مشروع تعمل تل أبيب على تنفيذه منذ عقود طويلة لمحاصرة الجمهورية الإيرانية .
ويرى مراقبون أن كيان الإحتلال الذي واجه نوعا من العزلة الدولية بسبب حرب الإبادة التي يشنها في قطاع غزة منذ اكتوبر، يعمل على استغلال الهجوم الإيراني للعودة إلى الساحة الدولية وترميم تحالفاته مع الغرب.
خيارات مفتوحة
ووفق تقارير إعلامية فإن نتنياهو طلب من الجيش تقديم "خيارات استهداف محتملة" لهجوم إسرائيلي على إيران، مشيراً إلى أن تل أبيب "تنظر في خيارات من شأنها إرسال رسالة دون التسبب في خسائر بشرية".
وتشمل الخيارات المحتملة ضرب منشأة في العاصمة الإيرانية طهران أو هجوما سيبرانيا.
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أن مجلس الحرب الإسرائيلي اجتمع، وبحث مسألة الرد المحتمل على إيران، فيما أوردت القناة 12 الإسرائيلية، أن الاجتماع ناقش عدة خيارات للرد على الهجوم الإيراني، واصفةً تلك الخيارات بـ“المؤلمة، لكنها لا تؤدي إلى إشعال حرب إقليمية".هذا وقد توقع أربعة مسؤولين أمريكيين، أن يكون نطاق الرد الإسرائيلي على الهجوم الذي شنته إيران، "محدوداً"، وأشاروا إلى أنه قد يحدث في أي وقت، وفق ما نقلت شبكة "إن بي سي نيوز".
ورجح المسؤولون، أن يشمل الرد الإسرائيلي ضربات ضد قوات إيران العسكرية، ووكلائها في دول أخرى، في إشارة إلى سوريا والعراق ولبنان واليمن.وناقش مجلس الحرب الإسرائيلي أمس، مجموعة من خيارات وضعها قادة الجيش.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن المسؤولين، أن حكومة الحرب الإسرائيلية تدرس أيضاً الخيارات الدبلوماسية لزيادة عزل إيران على الساحة الدولية.
ودعت واشنطن والأمم المتحدة ودول أخرى، إلى ضبط النفس في أعقاب حالة الإنفجار الوشيكة التي تقف على حافتها المنطقة ، علما وأن طهران تعهدت بالرد مجددا بشكل أقوى على أي هجوم يطال مصالحها وأراضيها .
حرب شاملة
في هذا السياق قال د.خيام الزعبي الكاتب والمحلل السياسي أن الهجوم الإيراني يطرح مجموعة من الأسئلة التي تستحق التوقف والمناقشة تبدأ بالسؤال: هل هناك حرب وشيكة ؟ وتابع محدثنا "ترشح المعطيات أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مثيرة بين إيران والكيان الصهيوني، التي يبدو أنها دخلت مساراً جديداً في خطوة من شأنها إعادة ترتيب الأوراق من جديد في المنطقة.اليوم باتت المواجهة بين الكيان الإسرائيلي وايران وحلفاؤها قاب قوسين أو أدنى، فالردود الأخيرة المتبادلة بين الطرفين كانت عبارة عن رسائل أولية محسوبة بينهما، قد تتدحرج الكرة وتنزلق إلى معركة كبيرة إذ إن إيران نفذت عمليتها الأخيرة لرفض القبول بأي إعتداء عليها وعلى المقاومة" وفق تعبيره.
واضاف الزعبي"في هذا السياق ستنجلي الأيام القادمة عن تداعيات هامة وكبيرة لهذه الحرب أهمها انحسار الهيمنة العسكرية الإسرائيلية على المنطقة لصالح توازن قوى جديد يفرضه محور المقاومة، فهناك شرق أوسط جديد سيظهر، لكنه ليس وفق رغبات تل أبيب، وإنما وفق توازن القوى الجديد، كل هذه التطورات المتوقعة تشكل مفصلا تاريخيا يؤثر بصورة كبيرة على كل المخططات والسياسات الإسرائيلية- الغربية في المنطقة، وستدخل المنطقة في مرحلة تاريخية جديدة تهدد بقاء إسرائيل وقدرتها على الاستمرار في السيطرة على ثروات المنطقة، ولهذا فإن القوّة الصاروخية التي يمتلكها الجيش الإيراني وحزب الله والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراتهم الهجومية التي لا تزال في إرتفاع مستمر، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع طهران، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع إيران سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل".
وتابع "هذا الرّد لم يُفاجئنا نحن الذين كتبنا في هذا السياق، لذلك نحن أمام انقلاب خطير في قواعد الاشتباك في المنطقة، عنوانه الأبرز انتقال الإيرانيين من ضبط النفس إلى الرّد الفوري على الاعتداءات الإسرائيلية، ويتحمل نتنياهو المسؤولية الأكبر عن حالة التصعيد وسيدفع الإسرائيليون جميعاً ثمن هذا الاستفزاز من أمنهم واستقرارهم وراحتهم".
وأكد محدثنا "إن الحرب قادمة لا محالة، وأن المنطقة قادمة على مشهدين لا ثالث لهما إما تسوية مرضية بشروط محور المقاومة وحلفائه الدوليين أو حرب إقليمية ولن تكون إسرائيل في مأمن منها أبداً، إنها معالم المعركة الكبرى وملامح رسم شرق أوسط جديد تصنعه المقاومة إنها معركة الإرادة الواحدة والجبهة الواحدة في مواجهة عدو واحد وهجمة موحّدة" على حد قوله .
إيران تتوعد بالردّ
من جانبها توعدت طهران بالرد على "أدنى" عمل إسرائيلي يستهدف مصالحها، وذلك في ظل تهديد اسرائيل بالردّ على هجوم إيراني غير مسبوق..
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال اتصال مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ليل الإثنين "نعلن بكل حزم أن أصغر عمل ضد مصالح طهران سيقابل برد هائل وواسع النطاق ومؤلم ضد جميع مرتكبيه".
وأضاف وفق ما نقل بيان للرئاسة الإيرانية "خلافاً للنص الصريح للقوانين الدولية، لم تقم الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالحد الأدنى من واجباتهما القانونية في إدانة الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق... من هذا المنطلق قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتصميم وتنفيذ عملية ضد نفس المراكز التي تصرفت ضدنا تماشيا مع ممارسة حقها الأصيل في الدفاع عن النفس بموجب" ميثاق الأمم المتحدة.
بدوره، قال نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري مساء الإثنين إن "الصهاينة ارتكبوا خطأ استراتيجيا في قصفهم للقنصلية الايرانية في دمشق".
وتابع "عليهم ألا يعالجوا خطأهم الاستراتيجي بخطأ استراتيجي ثانٍ، لأنهم لو كرروا خطأهم الاستراتيجي فعليهم أن ينتظروا تلقي ضربة أقوى وأقسى وأسرع، وهذه المرة لن يُمهَلوا 12 يوما ولن يكون المقياس باليوم والساعات بل بالثواني".وكان قصف القنصلية في دمشق أدى إلى مقتل سبعة أفراد من الحرس الثوري بينهم ضابطان بارزان.
سلاح العقوبات لردع إيران
من جهة أخرى أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنها ستفرض عقوبات جديدة على إيران بعد هجومها الأخير الذي استهدف إسرائيل بعشرات المسيرات والصواريخ.
وقالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إن أفعال إيران تهدد الاستقرار بالشرق الأوسط وقد تتسبب في تداعيات اقتصادية.
وأضافت الوزيرة أن أمريكا ستستخدم العقوبات وتعمل مع الحلفاء "لمواصلة عرقلة أنشطة إيران الخبيثة والمزعزعة للاستقرار"، على حد تعبيرها.
وأشارت الوزيرة إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية استهدفت أكثر من 500 فرد وكيان "على صلة بالإرهاب الذي تمارسه إيران ووكلاؤها منذ 2021".
وتفرض الولايات المتحدة وبريطانيا عقوبات عديدة على إيران لأسباب متعددة.
ويرجع سبب بعض تلك العقوبات إلى برنامج إيران النووي، وبعضها بسبب ما تقول الدولتان إنه دعم إيراني لروسيا في حربها على أوكرانيا من خلال تزويدها بالمسيرات، وبعضها بسبب ما تقولان إنه دعم إيراني لجماعة الحوثي اليمنية في عملياتها التي تشنها ضد السفن الإسرائيلية والأمريكية في البحر الأحمر، هذا إلى جانب عقوبات لأسباب أخرى غيرها.