رغم تأكيد إستقراره من طرف البنك المركزي : سعر صرف الدينار رهن مغذيات الاستقرار وعودة محركات الإنتاج ...

إعتبر البنك المركزي أن الديناميكية المستحدثة في كل من صادرات السلع والوفود السياحية

مع بداية العام الحالي من شأنها أن تؤدي إلى تحفيز النمو مشيرا إلى أن آخر المؤشرات الاقتصادية المتاحة تظهر تحسنا نسبيا لنمو إجمالي الناتج المحلي في الثلاثي الأول من سنة 2024.

ولئن جاءت التوقعات الذي تضمنها البيان الأخير لمجلس إدارة البنك المركزي إيجابية لأداء الاقتصاد الوطني ،فإنه لا يمكن الجزم في تحقيق مسار نمو سليم ومتكامل و يمكن من خلال قراءة عدد من المؤشرات الوقوف عند أهمية التحسن المسجل بما لايقطع مع محدودية الوقائع الايجابية.
وتعد العملة الوطنية من أهم العناصر التي تعكس صحة الاقتصاد الوطني من عدمه، حيث أكد البنك المركزي أن سعر صرف الدينار مستقر في حدود 3.37 مقابل الأورو و3.11 مقابل الدولار.ولم يكن تأكيد البنك المركزي من فراغ ،حيث إستند التأكيد على جملة من المؤشرات التي يمكن أن تترجم أسباب الاستقرار المسجل والتي لايمكن الجزم في قدرتها على الصمود من عدمه على المدى البعيد .
وبناءا على المعطيات المتوفرة على بوابة البنك المركزي فإن المخزون من الاحتياطي من العملة الصعبة قد شهد تحسنا بين الثلاثي الأول لسنة 2023 والفترة ذاتها من العام الحالي بزيادة في قدرة على تغطية أيام التوريد إلى 105 يوم مقارنة ب94 يوم خلال العام المنقضي كما كان تراجعت قيمة يوم توريد من 233 مليون دينار إلى 219 مليون دينار خلال العام الحالي ذلك بدعم من استقرار سعر الصرف.
ويعود الاستقرار بسبب مغذيات الصلابة القائمة ،حيث عرفت مداخيل الشغل التي تعد من المصادر الأولى للعملة الصعبة نموا مستمرا وقد ناهز 5 % خلال الثلاثي الأول ، حيث بلغت قيمة العادات 1.8 مليار دينار وعلى خطى مماثلة نمت المداخيل السياحية بنسبة 8% وفي سياق متصل أيضا شهد عجز الميزان التجاري تقلصا مهما بدعم من تراجع عجز الميزان التجاري الغذائي الذي حقق فائضا بسبب الارتفاع الملحوظ في عائدات الذهب الأخضر والتي ناهزت المليار دينار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي.
ووفقا للبيانات التي قدمها البنك المركزي التونسي، فقد تحسن أداء القطاع الخارجي وتوازن رصيد الحساب الجاري المسجل يرجع أساسا إلى انخفاض العجز التجاري، والذي يعكس تطور المعاملات التجارية الخارجية، حيث شهد رصيد العمليات الجارية، فقد تقلص العجز الجاري إلى مستوى 163 مليون دينار في موفى الشهرين الأولين من سنة 2024، مقابل 797 مليون دينار مع العلم أن رصيد الحساب الجاري، يعد مؤشرا ماليا واقتصاديا ذو أهمية بالغة كونه يقيس الفرق بين مداخيل النقد الأجنبي وتدفقاته في بلد ما على مدى فترة زمنية محددة، بما يشمل حسابات المبادلات التجارية للسلع والخدمات، وكذلك المعاملات المالية بمختلف صيغها لا سيما تلك المتعلقة بالاستثمار والاقتراض.
وفي مقابل المؤشرات المسجلة التي تتجه لتأسيس حالة من استقرار العملة المحلية ،هناك جزء من المخاطر التي يمكن أن تهدد ويضرب إستقرار الدينار التونسي أمام أهم العملات الأجنبية فقد لفت البنك المركزي إلى أن التضخم يسير في اتجاه هبوطي غير أنه لا يزال معرّضا لضغوط متأتية من الداخل. ونتيجة لذلك، فإن احتواء الضغوط المتأتية من الزيادة المفرطة في الطلب قياسا بالقدرات الإنتاجية للبلاد، يشكّل شرطا أساسيا للحفاظ على المسار التنازلي للتضخم خلال الفترة المقبلة.
ويعتبرالمجلس أنه من الضروري، في الوقت الراهن، الاستمرار في دعم مسار تراجع التضخم وكذلك صلابة سعر صرف الدينار مقابل أهم العملات. كما يفترض إستقرار الدينار التونسي ضمان مخزون من العملة الصعبة الذي يتغذى من الاقتراض الخارجي بشكل أساسي،حيث بنيت ميزانية 2024 على تقديرات باقتراض 28 مليار دينار من بينها 16.4 مليار دينار اقتراض خارجي من بينها 14.4 مليار دينار قروض دعم الميزانية. الاقتراض الذي يظل خيار هام لتونس في كل ميزانياتها على الرغم من البحث عن التعويل على الموارد الذاتية إلا أن انسداد الأفق أمام التمويلات بشتى أصنافها الثنائية ومتعددة الأطراف يجعل الفرضيات صعبة ورهينة شروط معينة كما أن مصدر تعبئة جزء مهم من القروض الخاريجية لايزال مجهولا بما قد يزيد من الضغط على الاحتياطي و تباعا يضرب استقرار الدينار.

وفي نقطة أخرى نجد أن القطاعات التصديرية على غرار الفسفاط لم تعد بعد إلى حيوتها في وقت كانت تمثل أهم موارد الاحتياطي من العملة الصعبة ،كما أن التقلص المسجل في عجز الميزان التجاري يبق محل متابعة خاصة مع تدهور طاقات الإنتاج والتأخير الكبير المسجل في تنفيذ المشاريع المتعلقة بالتحول الطاقي. ومن شأن هذا الوضع أن يؤثر على حسن أداء القطاع الخارجي، في ظل سياق جيوسياسي متوتر يتسم بعودة الضغوط المسلطة على الأسعار العالمية للطاقة.

 

المشاركة في هذا المقال

تعليقات58

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115