يعرف جيدا متى يبكي المتفرج ومتى يدفعه الى قهقهة تنسيه وجع الشخصية والشخص، ممثل حالم دوما بدور مميز لم يلعبه بعد وكلما نجح يقول "لم أصل بعد الى نشوة التمثيل، مازال هناك الكثير من الوقت للعب والتمثيل" هو الشامخ أمام الكاميرا والعاشق للتجديد، والمولع بالغناء فجيناته تعشق الأهازيج والغناء ومن شموخ جبال الكاف تعلم البحري الرحالي كيف يكون شامخا عالي الهمة انسانيا وفنيا.
بحري الرحالي ممثل محب لفنه، عاشق للتجديد اخذ من اسمه العديد من الدلالات فشغفه بالتمثيل ممتد كما البحر لا يعرف له نهاية ويعشق الترحال والرحيل بين شخصيات متباينة وفضاءات ابداعية مختلفة ومن خلالها يضيء الفنان دروبه الفنية ويمتع محبي الفن الرابع والمهتمين بالدراما والشخصيات المميزة في الأعمال الرمضانية، بحري الرحالي يطل على جمهور الدراما بشخصية جديدة أكثر شرا وعنفا، ذاك الانسان الهادئ في الحياة نجده امام الكاميرا وحشا مسكونا بالدم والعنف، الرحالي يقدم شخصية "عباس" في مسلسل "رقوج" اخراج عبد الحميد بوشناق وهي التعامل الثالث بين الممثل الذي خبر الركح والكاميرا ومخرج له طريقته الخاصة في التعامل مع افكاره وشخصياته.
"عباس" الشخصية الجوكر في المسلسل، كما "السبعة الحية" في لعبة "الشكبة" الموجودة بكثرة في أحداث العمل "يشكّب" على الجميع دون ضجيج الهزيمة ولا صرخات النصر، شخصية لها القدرة على تحريك احداث العمل دون الظهور في الواجهة احيانا، "عباس" بحنانه وغضبه، "عباس" بذكائه وادعائه الغباء، متناقضات عديدة تجمع بينها الشخصية وبينهما يتارجح بحري الرحالي كلاعب سيرك ماهر.
شخصية "عباس" من الشخصيات "الترند" على وسائل التواصل الاجتماعي منذ ظهورها في اولى حلقات العمل واكثر المشاهد تداولا المشهد القادح في الحلقة الثالثة عشرة من المسلسل حين يجتمع "عباس" بابنته "شامة" يريد قتلها بتعلة تنظيف "العار"، في المشهد في بضعة ثوان تتحول نظرات والحقد والشر الى حب وحنان، للحظات يلعب الرحالي بمشاعر المتابعين واغنية تغّير مجرى الحدث والحكاية، مشهد وصفه المتابعين بـ"تمحزينة كافية" اي اهزوجة للحزن عليها بنى الرحالي المشهد، فعباس يحمل في قلبه كل المشاعر المتناقضة وللرحالي قدرة على اختراق قلب المشاهد وجعله يتعاطف معها شريرا كان او خيّرا وبفضل خبرته في فن التمثيل نجح الرحالي ليكون من انجح الممثلين في دراما 2024.
بحري الرحالي يقدم شخصية مختلفة عن الأعمال السابقة، الرحالي احبه الشباب كثيرا في شخصية "بابا الهادي" في النوبة، وعرفه جمهور التلفزة التونسية في "حسابات وعقابات" و"الليالي البيض" وعودة المنيار" وغيرها من الاعمال التي تشكلت من خلالها ملامح ممثل تحبه الكاميرا.
بحري الرحالي نبض ابداعي دائم، يحمل الكاف في منطوقه كلما لعب على الركح او في امام الكاميرا، فالكاف مدينة واهزوجة ابداعية تسكنه دائما ليكون روحها وصوتها، في الكاف تعلم فن المسرح والتمثيل وانطلقت مسيرته مع كمال العلاوي ومحمد بن عثمان واحمد السنوسي والمنصف السويسي وعيسة حراث وناجية ورغي ونور الدين الورغي وعزيزة بزلبيار وفوزية بومعيزة ومنذ اول وقوف على الخشبة نذر الرحالي نفسه ليكون ممثلا ويحمل قلبه اوجاع المنسيين ويكون جسده صوت للانسان.
هناك في تلك المدنية الجبلية المطلة كاميرة من علياء سمائها اختار الرحالي العصامي التكوين ان يصبح ممثلا وبعد 42عام من اللعب واكثر من 50عمل مسرحي وتجارب بين الكاف والمسرح الوطني ومسرح الحمراء ومسرح الارض والعديد من الكتابات المسرحية المهتمة بمشاغل الانسان لازال الرحالي ينبض قلبه لهذا الفن، لا زال في رصيده مساحة للتجديد والابداع فهو الممثل المقنع وصاحب الكاريزما والحضور المميز في كل مساحة ابداعية.