تدفع المنظمات الأممية والدولية تدق مرارا وتكرارا ناقوس الخطر معتبرة أن تقديم المساعدات الحيوية للفلسطينيين بات شبه مستحيل ، رغم الدعوات الدولية المحذرة من وصول القطاع إلى مرحلة خطيرة على كافة الأصعدة في وقت يعيق الحصار الإسرائيلي وصول الإمدادات الرئيسية والحيوية للمدينة المنكوبة ووفق منظمة أطباء بلا حدود يعيق الحصار الإسرائيلي المشدّد على غزة دخول الإمدادات الحيوية إلى القطاع. وفي الوقت نفسه، فإنّ توفير المساعدات داخل القطاع شبه مستحيل بسبب تجاهل إسرائيل التام لحماية البعثات الطبية والإنسانية وطواقمها وسلامتهم، ومنع وصول الناس إلى المساعدات المنقذة للحياة. يتسبب هذا الواقع في إحالة الاستجابة الإنسانية في غزة إلى مجرد وهم.
وإلى جانب الوضع الصحي الكارثي وتعطل عمل عدد لايستهان به من المستشفيات في قطاع غزة ودخول البعض الآخر في حالة فشل إما جزئي أو كلي في غياب للأدوية والمستلزمات الطبية الطارئة ، ومع دخول الحرب في غزة شهرها السادس، حذرت الأمم المتحدة من أن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، أي ربع عدد السكان، مهددون بخطر المجاعة.
وتتعمد إسرائيل استهداف المستشفيات والمراكز الصحية في قطاع غزة وتنفذ سلسلة اقتحامات لها وتنفذ اعتقالات في صفوف الطواقم الطبية والمرضى والنازحين بداخلها، وفق وزارة الصحة الفلسطينية..
بعد قرابة 6 أشهر من اندلاع الحرب الدموية على غزة أطلقت منظمات دولية إنسانية ناقوس الخطر وسط مخاوف تفشي المجاعة والأمراض في غزة بسبب تواصل حرب الإبادة ومحاولات الاحتلال عزل غزة على العالم . وتصف منظمات دوليّة وإنسانية الوضع في غزة بالكارثي والأكثر دموية منذ عقود. وتزيد المنظمات من نسق تحذيراتها في ظلّ الصعوبات التي تواجهها لممارسة مهامها من تقديم خدمات حيوية وأيضا إيصال مساعدات للمدنيين من أغذية وأدوية وغيرها في ظلّ تضييقات مستمرة من الإحتلال .
كما حذّرت منظمات إغاثة أيضا من مخاطر المجاعة وتفشي الأمراض في غزة في ظل وضع كارثي ومروع يعيشه القطاع بعد أكثر من 5 أشهر من اندلاع الحرب . ولئن تجدد الوكالات التابعة للأمم المتحدة من تحذيراتها بشأن تدهور الأوضاع الصحية والغذائية في غزة، وتبدي خشيتها من ''انهيار النظام العام ما لم يتم وقف إطلاق النار" ، إلاّ أنّ المجتمع الدولي والمنظمات الدوليّة تقف اليوم عاجزة عن إرساء حل أو هدنة في القطاع المنكوب.
ولطالما حذرت المنظمات الدولية من تزايد استهداف الاحتلال للخدمات الحيوية في غزة عبر قصف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة ولإيقافها مرارا عن العمل ما أثر سلبا على الخدمات الحيوية خاصة القطاع الصحي المنهار بطبعه ، خصوصا وأن إسرائيل سبق وأن فرضت حصارا كاملا على قطاع غزة وقطعت جميع الإمدادات عنه من مياه وغذاء وكهرباء ووقود.وتدعو هذه المنظمات المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية والإغاثية إلى ضرورة التحرك وإيقاف الغطرسة الإسرائيلية المتمادية في جرائمها ضاربة عرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية .
ميدانيا أعلن مكتب الإعلام الحكومي في غزة ، أمس الأربعاء ، مقتل أكثر من 100 من العاملين في مجال تقديم المساعدات في ثماني مجازر ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في أسبوع.
وقال المكتب ، في منشور أورده "المركز الفلسطيني للاعلام" على منصة "إكس" امس الاربعاء ، إن "مجازر الاحتلال بحق العاملين في المساعدات محاولة لنشر الفوضى والفلتان الأمني بالقطاع".
وأضاف أن "مجازر الاحتلال بحق العاملين في مجال المساعدات هدفها تكريس سياسة التجويع".
غياب صارخ للمساحة الإنسانية
وفي هذا الصدد، تقول منسقة مشروع أطباء بلا حدود في غزة، ليزا ماكينير، "المروّع حقًا هو الغياب الصارخ للمساحة الإنسانية ونقص الإمدادات الذي نشهده في غزة. إذا لم يُقتل الناس بالقنابل، فإنّهم يعانون من الحرمان من الغذاء والمياه ويموتون بسبب نقص الرعاية الطبية''.
وترى المنظمة وفق أحدث تقاريرها "لا يوجد مكان آمن في غزة، لا للمدنيين ولا لأولئك الذين يحاولون تزويدهم بالمساعدات الأساسية، كما إنّ تجاهل إسرائيل الصارخ والكامل لحماية المرافق الطبية أو العاملين في المجال الإنساني في غزة جعل توفير الرعاية والمساعدة المنقذة للحياة مهمة شبه مستحيلة".
وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجهت مرافق الرعاية الصحية أوامر الإخلاء وتعرضت للهجوم والحصار والمداهمة بشكل متكرر. وقد اعتقل أفراد من الطاقم الطبي والمرضى واعتُدي عليهم وقُتلوا أثناء رعايتهم للمرضى. ويشمل ذلك خمسة من كوادر أطباء بلا حدود. كذلك قُتل الكثير من أفراد عائلات كوادر المنظمة .
وفي واحدة من أحدث حالات الاستهداف الوحشي لمرافق الرعاية الصحية، تقول أطباء بلا حدود ''حوصر مستشفى ناصر لعدة أسابيع، علمًا أنّه أكبر مستشفى في جنوب غزة. وبعدما ضربت قذيفة قسم العظام وتسببت بمقتل وإصابة عدة أشخاص، اضطر طاقم أطباء بلا حدود إلى الفرار وترك المرضى وراءهم. واحتجزت القوات الإسرائيلية أحد كوادر أطباء بلا حدود عند نقطة تفتيش أثناء محاولته مغادرة المجمّع. نكرر دعوتنا للسلطات الإسرائيلية لتبادل المعلومات حول مكان وجوده وحماية سلامته وكرامته''.
القيود وغياب الحماية لقوافل المساعدات
في الشمال أو الجنوب، لا يمتلك المستجيبون الإنسانيون ضمانات السلامة للقيام بعملهم، وتُعرقل حركة قوافلهم وتُحتجز عند نقاط التفتيش، ممّا يجعل الوصول إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها مستحيلا وفق نفس التقرير .
وقد انقطعت المساعدات إلى حدّ كبير عن شمال غزة منذ أشهر، ممّا ترك الناس محاصرين من دون أيّ خيار سوى محاولة البقاء على قيد الحياة بكميات ضئيلة من الغذاء والمياه والإمدادات الطبية. قُصفت أحياء بأكملها ودُمرت. وبالرغم من أنّ لأطباء بلا حدود اطلاع محدود على الوضع الإنساني والصحي العام في الشمال، إلا أنّ عددًا ضئيلًا من طواقم عملنا ما زالوا محاصرين هناك.
ووفقا للأمم المتحدة، منعت السلطات الإسرائيلية، في الفترة ما بين 1 جانفي الثاني و12 فيفري، وصول نصف البعثات التي خططت لها المنظمات الشريكة في مجال العمل الإنساني لتقديم المساعدات وإجراء التقييمات في المناطق الواقعة شمال وادي غزة. ويعد برنامج الأغذية العالمي أحدث منظمة إنسانية اضطرت إلى وقف مساعداتها المنقذة للحياة في شمال غزة، قائلة إنّ الظروف لا تسمح بالتوزيع الآمن للغذاء . ووفق نفس التقرير ''في كلّ يوم يبدو أن خياراتنا تتبدد بسرعة، سواء خيارات علاج الجرحى أو الحصول على الإمدادات الطبية أو توفير المياه التي يحتاجها الناس بشدّة''.
وكجزء من الحصار الإسرائيلي الكامل واللاإنساني على غزة، أدى قطع إمدادات المساعدات إلى شعور نحو مليوني شخص في غزة باليأس. وانخفض عدد الشاحنات التي تدخل القطاع من متوسط 300 إلى 500 شاحنة يوميًا قبل الحرب، إلى متوسط 100 شاحنة فقط يوميًا بين 21 أكتوبر و23 فيفري وفي 17 فيفري، سُمح لأربع شاحنات فقط بالدخول إلى غزة.
تتسبب الإجراءات الإدارية المطوّلة وغير المتوقعة لتسليم المساعدات إلى غزة بإعاقة الوصول إلى المعدات المنقذة للحياة والإمدادات لمرافق الرعاية الصحية. وقد يستغرق دخول الإمدادات إلى غزة ما يصل إلى شهر واحد، حيث يُفتّش كلّ صندوق في كلّ شاحنة. وإذا رفضت السلطات الإسرائيلية أيًا من المواد خلال عملية التفتيش، فيجب إعادة الشحنة بأكملها إلى مصر. ومع عدم وجود قائمة رسمية للمواد المحظورة، تُمنع أطباء بلا حدود باستمرار من استيراد مولدات الطاقة وأجهزة تنقية المياه والألواح الشمسية والعديد من المعدات الطبية.
عملية عسكرية ضد مستشفى "الشفاء" في غزة
على صعيد متصل ذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي أن قواته قتلت حتى الآن أكثر من 90 مسلحا من حركة "حماس"، خلال غارته المستمرة، على مستشفى "الشفاء" في مدينة غزة.
وقال الجيش في بيان "خلال اليوم الماضي، قضت القوات على مسلحين وعثرت على أسلحة في منطقة المستشفى.
ومن جهة أخرى، ذكر الجيش الإسرائيلي أنه قصف فتحة نفق تابع لحركة "حماس"، شمال غزة، تم تحديده، بعد إطلاق صاروخ باتجاه "سديروت" أمس الثلاثاء وسقط الصاروخ على غزة.
هذا وزار وفد طبي دولي أمس الأربعاء، "مستشفى العودة" شمال قطاع غزة، لتزويده بكمية محدودة من الوقود، وللاطلاع على الأوضاع داخله واحتياجاته.
وأفاد القائم بأعمال مدير المستشفى محمد صالحة، بأن وفدًا من منظمتي "الصحة العالمية" و"أطباء بلا حدود" زار المستشفى في بلدة بيت لاهيا للوقوف على الوضع وتوفير إمدادات طبية وأدوية.
وأوضح صالحة أن الوفد قام بتزويد المستشفى بـ 9 آلاف لتر من الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء الاحتياطية إضافة إلى توفير مستلزمات طبية وأدوية لازمة للمرضى والجرحى.
وأجرى الوفد جولة في أقسام المستشفى المختلفة وتعرفوا على حجم الدمار الذي أحدثه القصف الاسرائيلي إضافة إلى التحديات التي تواجه عمل الطواقم الطبية، وفق صالحة
وبين صالحة أن الوفد وعد بالسعي لإدخال الوقود والمستلزمات الطبية والأدوية بشكل مستمر لضمان استمرار تشغيل المستشفى وتقديم الخدمات للمرضى والجرحى في شمالي القطاع.
وأضاف: "أهم التحديات التي تحدثنا مع الوفد بخصوصها هي عدم توفر الغذاء في مناطق شمال القطاع بشكل عام وانعكاس ذلك على المستشفى والكوادر الطبية".
وأشار إلى تلقيهم وعود من الوفد بالتواصل مع منسقي توفير الغذاء في منظمات الأمم المتحدة للمساهمة في توصيل الغذاء اللازم للمستشفى.
وخرجت معظم مستشفيات مدينة غزة ومحافظة شمال القطاع عن الخدمة مع استمرار الحرب الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر الماضي، فيما يواصل عدد منها تقديم خدمات طبية بسيطة في ظروف صعبة ومعقدة للغاية.