فإن حضور الممثل محمد السيّاري والممثلة نعيمة الجاني في مسلسل "فلّوجة" - سواء في جزئه الأول أو في جزئه الثاني- كان كفيلا بإضفاء نفس فنّي محترم في مشاهد قابلة للتصديق وللتأثير ... ومن بين اللحظات واللقطات التي جمعت هذا الثنائي، كان مشهد العشاء في المطعم في الحلقة التاسعة من "فلوجة 2". بدوره جاء هذا المشهد دسما على مستوى الرسالة المراد إبلاغها للجمهور ومفادها بأنّ العائلة هي المسؤولة عن تقرير مصير أطفالها، فإما أن يكونوا شخصيات سوية ومتوازنة وإمّا شخصيات مرتبكة ومضطربة وحتى منحرفة...
وقد تطرّق المشهد نفسه إلى قضية إنسانية تتعلق بحق الأمومة في تونس حيث تسأل هي وفي عيونها أمل: لماذا لا ننجب طفلا؟ هو مستغربا : كيف..وهل عمرك يسمح بذلك ؟ هي واثقة ومتفائلة: لقد قمت بتجميد البويضات حتى لا أحرم من شعور الأمومة؟ هكذا تمّ تصوير مشهد مسلسل "فلّوجة" الذي قد يمنح الأمل في الأمومة لحالات مشابهة في صفوف المتفرجين وخاصة المتفرجات دون توضيح أنّ القانون التونسي لا يجيز هذا الحق للجميع . ودون التعريج على ضرورة مراجعة التشريعات حتى تستجيب لتحوّلات المجتمع التونسي المعاصر .
أمام تأخر سنّ الزواج، تواجه العازبات والمطلقات تهديد الحرمان من الشعور بغريزة الأمومة بسبب القانون. في الوقت الذي تقدم فيه الطب أشواطا كبيرة وجعل من الأمومة حلما ليس بالمستحيل حتى بعد تجاوز عمر الإنجاب بفضل تقنية تجميد البويضات، فإنّ القانون التونسي يمنع تجميد البويضات إلا في حالات مخصوصة وفي استثناءات خاصة. والالقانون التونسي واضح و صريح في هذا المجال حيث ينصّ القانون عدد 93 المؤرّخ في 7 أوت 2001 المتعلّق بالطب الإنجابي بأنّ المساعدة على الإنجاب تعني فقط الشخصين المتزوجين حيث لا يمكن استعمال الأمشاج الذكرية و الأنثوية إلا لشخصين متزوجين. وفي المقابل لا يسمح القانون بتجميد البويضات للمرأة العزباء إلاّ بموجب صحي على غرار خضوعها لعلاج يهدد الخصوبة مثل العلاج الكيميائي ...
أمام صرامة القانون، يطالب حقوقيون وأطبّاء وجمعيات بمراجعة التشريعات التي تتعلق بالطب الإنجابي لتكون أكثر مرونة ومواكبة للعصر وخاصة على مستوى إتاحة الحلول الطبية للإنجاب لمن تأخرن في الزواج حتى لا يحرمن من حقهن الطبيعي في غريزة الأمومة.