في ندوة مركز أرض فلسطين : نشطاء وخبراء عرب يطالبون بملاحقة اسرائيل على جرائمها البيئية الممنهجة في فلسطين

عقد مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية والانتماء

ندوة فكرية تحت عنوان: " استراتيجية مقاومة جرائم الابادة الصهيونية للبيئة الفلسطيني" بمشاركة ممثلين عن جمعية المستقبل للتنمية والبيئة الخيرية بقطاع غزة، وجمعية الشتات الفلسطيني بالسويد، والعربية لحماية الطبيعة بالأردن، وممثلة المسيرة العالمية للنساء بجنوب افريقيا، وناشطين وخبراء من فلسطين وتونس ومالي والجزائر ولندن. وقد قدمت خلال الندوة مجموعة من المداخلات الهامة، بإدارة سميحة خلفي المحامية والباحثة بمركز دراسات ارض فلسطين.

كما انجزت الفنانة التشكيلية والباحثة خميسة العبيدي لوحة فنية خاصة بالمناسبة. وأكدت في مداخلة لها ان الاعتداء على البيئة الفلسطينية من نبات وماء وهواء هو الوجه الأخر للجرائم الصهيونية الممنهجة لمحو الارتباط بالتراث الطبيعي وبنباتات ارض فلسطيني التي تشكل علاقة متأصلة ومتداخلة ومتنوعة بتنوع النسيج النباتي الذي يمثل رصيدا ثقافيا تاريخيا طبيعيا . واعتبرت ان هذا النسيج النباتي لعب دورا هاما في علم النباتات حيث ارتبطت العديد من الاسماء العلمية لمجموعة من النباتات باسم فلسطين مثل الاقحوان الفلسطيني والبصيلة والبطم والسوسن....لذلك يعتبرها العدو خطرا حيث تمثل دلالة قاطعة على تاريخ الارض الفلسطينية . وتتابع :" اما اشجار الزيتون فهي تتعرض لحرب قذرة سعيا لضرب رمزيتها وكذلك لتدمير الاقتصاد الفلسطيني حيث تغطي اشجار الزيتون مساحة كبيرة من الارض وتوفر عدة احتياجات لأهل فلسطين . لقد وقع التقسيم حسب جغرافية المياه والامثلة عديدة لتدمير البيئة " ودعت الخميسي الى ملاحقة العدو على جرائمه البيئية الممنهجة قصد خلق بيئة طاردة للسكان. وشددت على ضرورة نشر الوعي للدفاع عربيا وعالميا للدفاع عن البيئة الفلسطينية بكل الأساليب .
وقدم المهندس محمد مصلح امين سر الجمعية جمعية المستقبل للتنمية والبيئة الخيرية في قطاع غزة. مداخلة بعنوان: الانشطة الاغاثية لجمعية المستقبل في ظل الواقع الإنساني والبيئي في قطاع غزة. قدم خلالها عرضا للجرائم البيئية المرتكبة من قبل الاحتلال الصهيوني، واثارها التدميرية على حياة الناس في قطاع غزة، خاصة فيما يتعلق بمتطلبات الحياة اليومية بتفاصيلها ومن ضمنها النقص الشديد في الاحتياجات الاساسية. كما استعرض نشاط الجمعية الذي يأتي كمحاولة لتوفير الطرود الغذائية للأسر المتضررة باليات متعددة تتناسب وظروف الحصار وشح الامكانيات المتوفرة.
جرائم الاحتلال البيئية
المهندس حسن الجعجع من الأردن وهو عضو مؤسس للعربية لحماية الطبيعة، ومستشار الزراعي ، قدم عرضا ملخصا للدور الذي تقوم به " العربية لحماية الطبيعة" داخل الارض المحتلة في سياق تدعيم الصمود البيئي للشعب الفلسطيني في مواجهة عمليات الابادة البيئية اليومية. واشار خلالها الى ان من المهمات الملحة حالياً كشف جذور استخدام الاحتلال للبيئة وللغذاء كسلاحين فتّاكين ضد الفلسطينيين، عبر كشف أثر ممارسات الاحتلال في التغير المناخي، وزيف قناعه البيئي، إضافة لفضح الممارسات الصهيونية في تجويع الفلسطينيين حتى قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وحرمان الشعب الفلسطيني من موارده الطبيعية لتفكيك النظم الغذائية عبر مصادرة الأراضي الزراعية وحرق الأشجار واقتلاعها، وتسميم التربة والمياه وغيرها والتحكم بالوصول إليها. العربية لحماية الطبيعة تقدم نموذجاً مؤثراً للمقاومة الخضراء.
المهندس عز الدين شلغاف من تونس قدم مداخلة بعنوان" التأثيرات البيئية للعدوان الصهيوني على فلسطين". حدد فيها الاتفاقيات الدولية التي تهتم بالبيئة في ظل النزاعات المسلحة، واشار الى أن الكيان الصهيوني مستثنى من كل هذه المواثيق الدولية بدعم وغطاء دائم من قبل الإمبريالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية والتي تشارك وتقود فعليا هذا العدوان. حيث يستمر العدوان االصهيوني على قطاع غزة مخلفا أكثر من 30 ألف شهيد، 70% منهم أطفالا ونساء، وأكثر من 71 ألف جريح، بالإضافة إلى تشريد 90% من السكان، والدمار الهائل الذي أصاب البنى التحتية، مخلفا كارثة إنسانية غير مسبوقة. يضاف إليها الجرائم البيئية التي يرتكبها الكيان، من تلويث التربة والمياه وتدمر الأحياء البحرية التي تعد مصدر قوت الغزاويين. والتي تتهدد حياة أهالي القطاع، ويمكن أن تعيش معهم لعقود قادمة، جاعلةً من حياتهم هناك شبه مستحيلة. مذكرا بان الكيان يستحوذ على الموارد الطبيعية من أرض ومياه وغابات ومراعي والبحر (في فلسطين، لبنان، الأردن). وأن هناك صعوبة أو استحالة لوصول السكان الأصليين لهذه الموارد وقد طالت كافة المواقع التي تحت سيطرته المباشرة أو سيطرته النارية. وانتهى الى مجموعة من التوصيات العملية.
مقاومة الاحتلال الأخضر
اما الناشطة النسوية الحقوقية كوثر عباس عضوة بالمسيرة العالمية للنساء بجنوب أفريقيا. قدمت مداخلة بعنوان: مقاومةً الاحتلال الأخضر: أحد سبل الشعوب الأصلية للتحرر. سلطت فيها الضوء على الروابط بين الفلسطينيين والشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم، كأحد اهم الميكانيزمات لفهم طبيعة الانظمة الاستعمارية الاستيطانية. وهو ايضا اعادة تفكير في معرفة هذه الشعوب الاصليةً ومنها الشعب الفلسطيني بعمق معرفتهم بآليات واستراتيجيات دفاعهم عن ارضهم وخصوصية العلاقة التي تربطهم بمحيطهم الطبيعي وهو ما يستعصي على المحتل تفكيكه ومحوه رغم كل المحاولات. وان افتكاك إسرائيل لأراضي الفلسطينيين بذريعة الحفاظ على البيئة والذي يسمى سياسيا: الاستعمار الأخضر هو وسيلة حرب الهدف منها تهجير الفلسطينيين عن أراضيهم وشرعنه الاستيلاء عليها. تماما كما وقع مع عديد الشعوب الأصلية الأخرى بأمريكا وأفريقيا. يجب فهم قضية الاستعمار الأخضر والتغير المناخي في عمق سياقه السياسي الاستعماري ويجب على المجتمع الدولي العمل على وقف مشاريع التطبيع الأخضر والاعتراف بحقوق وسيادة الفلسطينيين على أراضيهم ومياههم وحماية روابطهم التاريخية مع محيطهم الطبيعي
د. وائل الزريعي: خبير سابق في برنامج الامم المتحدة للبيئة، وعضو لجنة البيئة والاقتصاد والسياسات الاجتماعية بالاتحاد الدولي لحماية البيئة. قدم مداخلة بعنوان: الابادة البيئية الصهيونية في قطاع غزة في ضوء القانون الدولي والانساني. قال فيها ان الجريمة البيئية هي فعل المقصود به تدمير البيئة عن قصد وبفعل فاعل، وهي الممارسة الدائبة للاحتلال في الأراضي الفلسطينية منذ النكبة لخلق ظروف وبيئة طاردة للحياة.، فمنذ احتلال فلسطين يستخدم الاحتلال الاضرار بالبيئة، كوسيلة ممنهجة للتخلص من السكان الأصليين، او تهجيرهم من اراضيهم وفق سياسة ممنهجة تقوم على الاخلاء العدائي، عبر تدمير البيئة الطبيعية.
التموضع البيئي الصهيوني
د. عابد الزريعي: مدير مركز دراسات ارض فلسطين للتنمية والانتماء قدم مداخلة بعنوان: التموضع البيئي كأحد ادوات التموضع الصهيوني الجديد. وتتكون من عنوانين هما: العنوان الأول: التموضع البيئي خلال مرحلة التموضع الاستيطاني الكمي والكيفي: ويتناول المرحلة المحددة من بداية الاستيطان الصهيوني في فلسطين وحتى عام 1948 وهي مرحلة التموضع الكمي للاستيطان الصهيوني، والتي انتهت مع اعلان قيان " اسرائيل" التي تشكل تحولا كيفيا للمرحلة الاول. وخلال المرحلتين اعتمد التموضع البيئي على ثلاثة عناصر هي: أولا: الصورة: فلسطين ارض خالية قاحلة بلا شعب، تم تحويلها الى واحة غناء. محاطة بشرق أوسط منحطّ وقاحل وبدائي ومتخلف.
ثانيا: العوامل المساعدة: التي اعتمدت الحركة الصهيونية في تموضعها البيئي وهي: العامل الأيديولوجي كعامل محفز يستند الى التوراة ويتخذ صيغة الربط بين الأرض والمشهد الطبيعي وظهور الأمة. وفي هذا السياق ظهرت الصهيونية الخضراء التي دعت عام 1925، إلى التناغم الروحي مع الأرض قبل إنشاء السلطة السياسية. والعامل الاستعماري اي الحكم العثماني الذي دمر الاشجار في فلسطين وفرض ضرائب عليها. والانتداب البريطاني الذي ساعد الحركة الصهيونية على الاستيطان وقدم مختلف المساعدات للمهاجرين اليهود.
والعامل الذاتي المتمثل في حيازة السلطة القمعية والقانونية بعد عام 1948. والذي تم الاعتماد عليه لفرض أمر واقع عززته بالقوانين، لتحوّله إلى حقيقة تدعم ملكيتها لتلك "الأرض الموعودة".
آليات التموضع
ويرى الزريعي انه بالنسبة الى آليات التموضع فقد استندت الحركة الصهيونية خلال المرحلتين الى مجموعة من الاليات بهدف تكريس تموضعها البئي، وتتمثل هذه الاليات هي الاستيلاء على الأرض، وانشاء "الصندوق القومي اليهودي" " بهدف شراء أراضي في فلسطين باسم الشعب اليهودي ولصالحه". ثم التوسع في تملّك الأراضي والسيطرة على الموارد ضبط الأمن في حدود علاقات القوة والهيمنة. ـــ تجفيف بحيرة الحولة والمستنقعات المحيطة بها لزيادة رقعة الأراضي الزراعية. الوصول الى منابع الماء: من خلال الربط بين حدود فلسطين ومصادر المياه. لتصم جنوب لبنان وينابيع نهر الأردن. ووضع الخطط لزيادة الموارد المائية من استثمار مياه الينابيع والمياه الجوفية والسطحية. ومحاولة السيطرة على منابع أنهار الأردن والليطاني والحاصباني. العرس الزراعة والتشجير: الزراعة بوصفها اداة قوة للمشروع الاستيطاني في وجه السكان الأصليين. والتشجير كأداة غرس الانتماء. وانتاج مشهد مختلف بزرع أشجار أوربية في مدن تتمتع بقيمة رمزية. ورسم لوحات لأرض مزروعة. صور الصهاينة.
وصدر عن الندوة وثيقة حول استراتيجية مقاومة جرائم الابادة الصهيونية للبيئة الفلسطينية وأكد خلالها المشاركون ان جرائم الابادة البيئية تشكل جزء رئيس من جريمة الابادة الجماعية التي ترتكبها "اسرائيل" بحق الشعب الفلسطيني، وتتضمنها الدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا ضدها امام محكمة العدل الدولية. وقال البيان :" ان تفاقم تداعيات الحصار المفروض على قطاع غزة في ظل الحرب العدوانية، خاصة فيما يتعلق باحتياجات الانسان الاساسية يجعل من فتح معبر رفح مسألة ملحة، لإدخال المساعدات والتخفيف من اثار الجرائم البيئية المرتكبة."
واعتبر المشاركون ان وقف حرب الابادة على قطاع غزة، لا يعني وقف التنكيل بالبيئة الفلسطينية، واستمرار اثار الخراب البيئي على الانسان ومحيطه الطبيعي، بسبب الاساليب الهمجية التي لجأ اليها العدو خلال الحرب، الأمر الذي يجعل من اعادة الاعمار لتلافي بعض تلك المخاطر تحديا قادما، خاصة وان العدو ذاته سيحاول استخدامه كسلاح في وجه محاولة استعادة الحياة الطبيعية في قطاع غزة.
ودعا المشاركون الى تكثيف النضال القانوني من خلال تشكيل فريق قانوني مختص في الجرائم البيئية، لرفع القضايا امام المحاكم الدولية والوطنية. وتشكيل هيئة عربية لمتابعة الاحتلال قضائيا امام المحاكم الدولية وبالدرجة الاولى من الدول العربية المتضررة من جرائم الاحتلال ضد البيئة وهي فلسطين، لبنان، الأردن، وسوريا.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115