الصادرة مؤخرا تراجعا للعام الثاني على التوالي في قيمة المضافة لقطاع البناء والتشييد وذلك امتدادا لنسق غلب عليه التراجع والنمو الهش خلال السنوات الأخيرة، حيث كشفت نشرية النمو الاقتصادي للثلاثي الرابع لسنة 2023 عن تراجع القيمة المضافة لقطاع البناء و التشييد بنسبة 4.1% بحساب الانزلاق السنوي.
لم يتمكن قطاع البناء والتشييد خلال السنوات الاخيرة من تحقيق اي تقدم ملموس من شأنه ان يساهم في دفع النمو الاقتصادي ،فقد تراوحت نسب النمو بين -0.5 % في 2019 و 7.8 % في 2021 وهو نمو جاء بعد الهبوط الكارثي خلال سنة 2020 الناجم عن ظهور جائحة كوفيد 19 والإجراءات المتخذة لمجابهتها فيما عاد الى التدحرج في 2022 بتراجع بأكثر من 5 في المائة يليه تراجع خلال العام المنقضي بنسبة 4.1 في المائة مع العلم ان قطاع قد فشل في إحراز اي نمو على مدار الثلاثيات الخمسة السابقة.
ويعكس التراجع المستمر لقطاع البناء من جهة تراجع الاستثمار العمومي ،لا سيما أن نفقات الاستثمار مازالت الأضعف ضمن سلم توزيع نفقات الدولة مقارنة بنفقاتها المختلفة الأخرى، ففي الوضع الاقتصادي الحرج الذي تعيشه تونس والانكماش المستمر في النمو تتميزنفقات التنمية بالضعف مما يطرح ضرورة تقييم الاستثمار الخاص والنهوض به لمعاضدة جهود الدولة في تصحيح مسار الاقتصاد وتوفير مواطن شغل أمام ارتفاع نسبة البطالة.
ويمكن تفسير التراجع الحاصل في نمو القطاع ناجم بالأساس عن تعطل المشاريع الممولة وهو أمر قد إنعكس بدوره على سوق الشغل ،مشيرا إلى أن القطاع إبان سنة 2020 كان يوفر مالايقل عن 500 ألف موطن شغل كما تشير المعطيات الرسمية إلى تراجع عدد العاملين من 142 ألف في 2017 إلى 48 ألف في 2020 وهي أرقام تتعلق أساسا بالسوق المنظمة مع العلم أن عدد العاملين بالقطاع كان في سنة 1996 عند 80 ألف موطن شغل .
ويرى أهل المهنة من القطاع الخاص أن تعثر القطاع يعود أيضا إلى حرمانه من الإجراءات المرافقة والدعم بعد الجائحة التي عمقت من أزمة قطاع البناء والتشييد علاوة على جملة الإشكاليات التي تستدعي حلول عاجلة لنمو القطاع وتباعا لتنشيط الاقتصاد الوطني ،حيث يتسم قطاع السكن بالغلاء مقارنة بإمكانيات المقدرة الشرائية لأسباب مختلفة ويعد الغلاء المستورد الناجم عن تراجع قيمة الدينار من أبرزها،علاوة على غلاء الأراضي نتيجة المضاربات من القطاع غير المنظم من جهة و كلفة التمويل من جهة ثانية.