المفكر يوسف الصدّيق لـ "المغرب": أنا ضدّ سجن الفكرة... وخطر الإسلام السياسي لا يزال قائما !

كتب يوسف الصدّيق وبحث وتكلم وجادل...

لكنه لم يقل بعد كل ما لديه! طالما دعا إلى إزالة الحجب عن الفكر والعقل محرضا على عدم الخوف من السؤال والخشية من الاختلاف حتى ولو أثار الخلاف! وقد استضاف المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة الفيلسوف والمفكر يوسف الصدّيق يوم السبت 10 فيفري 2024 لتقديم محاضرة تبحث في سؤال: "أي إسلام نعيشه منذ قرون؟"

في موعد شهري يوافق أوّل سبت من كل شهر، ينظّم المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة الذي يرأسه الدكتور منير الشرفي سلسلة من اللقاءات والمحاضرات في الشأن العام ومدنية الدولية بمقر النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين انطلاقا من الساعة العاشرة صباحا.

السور المدنيّة في القرآن وأدران السياسة

تحت عنوان "مفهوما المدنية والدين: أي إسلام نعيشه منذ قرون؟" قدّم المفكر التونسي المختص في الفلسفة والأنثروبولوجيا يوسف الصدّيق محاضرة شككت في البديهي وحرضت على إعمال العقل والفكر دفاعا عن حق الأجيال القادمة في "التحرير والتنوير".
اعتبر الباحث يوسف الصدّيق أنّ أهم مؤلفاته ومحاضراته تتمحور دائما حول السؤال ذاته الذي يمثل جوهر البحث والموضوع ألا وهو: "نحن لم نقرأ القرآن بعد..."
وقد اعتبر يوسف الصدّيق أنه تمّ إلغاء النص القرآني المؤسس واستبداله بنصوص دنيوية متأخرة زمانيا عن هذا النص/ المرجع بقرنين وبثلاث قرون من الزمن ...
ودعا المُحاضر إلى ضرورة التمييز بين القرآن بما هو "وحي أنزل" وبين المصحف بما هو اسم للصحف التي كتب عليها القرآن. وفي هذا السياق أشار يوسف الصدّيق إلى أنّ النسخة المعتمدة من طرف العلماء والباحثين اليوم في مختلف أنحاء العالم هي "نسخة صنعاء" التي تفوّقت في صحتها ومصداقيتها وصدقها على ما يعرف باسم "المصحف العثماني" نسبة إلى الخليفة الثالث عثمان بن عفّان. ويميّز صاحب كتاب "هل قرأنا القرآن؟ أم على قلوب أقفالها" بين السور المكيّة التي نزلت بمكة والسور المدنيّة التي نزلت بالمدينة، معتبرا أنّ الفوارق في معاني النصوص تؤكد أنّ السور المكية هي من الدين أم السور المدنية فلم تنج من توظيف رجل السياسة.

ضرورة تحيين المناهج التربوية

عدّد المفكر يوسف الصديق أسماء الباحثين العرب الذين بحثوا في النص ليقفوا عند حد الحقيقة والمغالطة على غرار هشام جعيط ومحمد الطالبي ومحمد شحرور ومحمد إقبال ونصر حامد أبو زيد ومحمود محمد طه... ولكنّه اعتبر في المقابل أنّ كل هذه البحوث والجهود والتضحيات التي وصلت إلى حد الاغتيال والإعدام لم تأت أكلها لدى عامة الناس في ظل عزوف الإعلام الجماهيري عن تناول هذه المسائل وأمام تأخر المناهج التربوية عن تعديل برامجها وبوصلتها على هذه القراءات الجديدة والمتجددة والتي تتماشى مع روح العصر.
وشدّد يوسف الصدّيق على اعتقاده الراسخ بعدم وجود أي حاجز أو حجاب يحول دون البحث في أي معلومة أو أثر أو نص مهما كانت مرجعيته أو أصوله ... كما أوصى بضرورة إفصاح المجال لأجيال الغد حتى تتدّبر أمرها على ضوء العقل بعيدا عن القراءة الحرَفيّة وسيطرة السلطة على القرآن بما هو النص المؤسس.
فتحت مداخلة الفيلسوف والمفكر يوسف الصدّيق الشهية للنقاش وللتفاعل لدى حضور نوعي متعطش إلى ما يكتب هذا الرجل وما يقول...
وفي سؤال توجهت به "المغرب" إلى الباحث يوسف الصدّيق حول مدى نجاة تونس اليوم من فخ الإسلام السياسي وهو الذي كان قد حذّر منه ووصفه بـالكارثة الكبرى" و"الخطر المخيف" ... أجاب قائلا: " لن يتحرّر الإنسان العربي على اختلاف الزمان والمكان من الإسلام السياسي إلا بالتحرر من "نظرية الإخوان" التي لها امتداد عالمي. وأن يتراجع أو يتضاءل المدّ الإخواني في تونس أو الجزائر أو المغرب أو البلدان العربية ليس كافيا طالما أنّ خطر الإسلام السياسي لا يزال قائما ولو في أثواب أو أشكال أخرى . لا تهم التسميات سواء أكانت تتعلق الإخوان المسلمين أو بأسماء أخرى في ظل وجود من يسجنون الناس من أجل فكرة... ويقتلون الناس من أجل فكرة ! "
وللتذكير، فقد تأسس "المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة" في شهر ديسمبر 2019 من أجل هدف أساسي يتمثل في الدفاع عن مدنية الدولة في مختلف القطاعات والاختصاصات من سياسة ومناهج تعليم ونصوص قانونية... مقابل التنديد بكل محاولات خرق مقوّمات الدولة المدنية وتوعية الرأي العام الوطني والدولي بمخاطرها والتصدي لها بكل الطرق المشروعة والقانونية.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115