حطّ الفنّ السابع الرحال في تكريس لثقافة القرب في إطار تظاهرة " سينما الحيّ". وفي دورتها التأسيسية وضعت هذه التظاهرة برمجة راقية وهادفة تتوّجه أساسا إلى الناشئة وتراهن على حق الجميع في الثقافة المضمون في الدستور التونسي .
تنظم المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بأريانة تحت إشراف هالة بن سعد تظاهرة "سينما الحي" في دورتها الأولى بالشراكة مع المركز الوطني للسينما والصورة وبلدية التضامن والمركب الشبابي بالتضامن والمدرسة العليا للفنون السمعية البصرية بقمرت.
معارض وأفلام للكبار وللصغار
تزور الفنون الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية فتضئ سمائها وتسعد سكانها والكثير منهم يعانون من "الحرمان الثقافي" ومن متعة مشاهدة الأفلام والمسرحيات والعروض الموسيقية والمعارض التشكيلية... وفي هذا الإطار حرصت المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بأريانة وشركائها أن يكون لعطلة شهر فيفري نكهة مغايرة عند أطفال وعائلات حي التضامن بولاية أريانة. فتم التأسيس لتظاهرة جديدة تحت عنوان "سينما الحيّ" تم افتتاحها أول أمس 6 فيفري لتتواصل إلى غاية 9 فيفري 2024. وقد أشرفت هالة بن سعد المندوبة الجهوية للشؤون الثقافية بأريانة على انطلاق فعاليات تظاهرة "سينما الحي" في دورتها الأولى بالمركب الشبابي بالتضامن رفقة بعض إطارات المندوبية وثلة من المجتمع المدني.
على منوال مفهوم "مكتبة الحي" التي ظهر في أوروبا تكريسا لمبدأ اللامركزية، تطمح تظاهرة سينما الحيّ إلى تقريب الثقافة من المواطن وخاصة الشباب واليافعين والأطفال في تنشيط للأحياء الشعبية ضمن برمجة تحترم الذائقة الفنية وتسعى إلى غرس القيم الإنسانية لدى أجيال الغد.
ولأنّ السينما هي مرآة الشعوب وطالما انتصر هذا الفن النبيل والجميل إلى سكان الهامش وكشف واقع الأحياء الشعبية، فإنّ تظاهرة "سينما الحيّ" اختارت برمجة باقة من أحدث العروض السينمائية الموجهة للصغار وللكبار مشفوعة بحلقات نقاش بعد العرض إلى جانب تنظيم ورشة تكوينية في كتابة السيناريو من تأطير هاشم الجبري . ومن بين هذه العروض المقترحة: عرض "قدحة" لأنيس الأسود و"فترية" لوليد الطايع و"زهرة حلب" لرضا الباهي و"حجر لاند" لسامي فاعور...
وتتواصل طيلة أيام التظاهرة ثلاثة معارض لصور عن السينما التونسية ولمعلقات أفلام سينمائية وللآلات السينمائية، وذلك بفضاء المركب الشبابي في حيّ التضامن.
"ڤدحة" لأنيس الأسود: أيقونة سينمائية في الافتتاح
وفي افتتاح تظاهرة "سينما الحيّ" ، عاش الجمهور متعة الفرجة أمام شاشة فيلم "ڤدحة" بحضور المخرج أنيس الأسود وإحدى بطلات الفيلم درصاف الورتتاني.
بعد جولة ناجحة في المهرجانات السينمائية وعشرات التتويجات في تورنتو وكندا وفاس ومالمو والقاهرة والمغرب... صافح فيلم "ڤدحة" جمهور حي التضامن وهو الفيلم الذي يشبههم وفيه الكثير من تفاصيلهم ويومياتهم ... في أحد المستشفيات العمومية، تنطلق الحكاية ويولد الفيلم من رحم قصتين متوازيتين في خط الزمن وفي حجم الوجع. هما حكايتان عن عائلة ثرية وأخرى فقيرة يلتقيان في غرفة الانتظار بالمستشفى ولا يفترقان بعدها. كان هم كل عائلة أن تنقذ ابنها بأي ثمن مهما كلفها الأمر من تنازلات أو تضحيات... كان سبب وصول العائلة البائسة إلى المستشفى إصابة الابن «ڤدحة » صاحب 12 سنة في حادث مرور ، أما العائلة الميسورة فكان وجودها في المكان ذاته ابنها «أسامة» أيضا ولكن لسبب آخر كان هو سر الفيلم ومحور أحداثه.
بعد خروجه من المستشفى، يحدث التغيير الجذري في حياة «ڤدحة » فيجد نفسه في منزل جديد ومدرسة خاصة ومحيط جديد في ضيافة العائلة الغنية. فيحاول اكتشاف لغز هذا الكرم »الطائي» وما ورائه من خفايا؟
لا اختلاف في أنّ فيلم «قدحة» للمخرج أنيس الأسود، سيناريو شامة بن شعبان أنيس الأسود، وبطولة ياسين طرمسي و أحمد زكرياء طرمسي وجمال العروي و شامة بن شعبان و درصاف ورتتاني و أنيسة لطفي، هو أحد أيقونات سينما الطفولة التي برعت في المزج بين الصورة والحكاية .