رغم الإجراءات القانونية التي تم سنها منذ بهدف الحد من التجاوزات والتي كان مرسوم عدد 14 لسنة 2022 أهمها ،حيث سجلت وزارة التجارة وتنمية الصادرات مايزيد عن 87 ألف مخالفة إقتصادية في 2023 وهو المستوى ذاته المسجل في سنة 2022.
كشفت وزارة التجارة وتنمية الصادرات مؤخرا عن حصيلة العمل الرقابي لسنة 2023 ،حيث أظهرت المعطيات إرتفاعا في عدد الزيارات التفقدية إلى 589 ألف زيارة تفقدية وقد أسفرت عن تسجيل 87286 مخالفة وتتوزع المخالفات المسجلة على مستوى الممارسات كالآتي، 30845 مخالفة في التجاوزات السعرية والاحتكارية وهو مايمثل 40 % من إجمالي المخالفات ، كما تم تسجيل 43 ألف مخالفة في شفافية المعاملات أي مايمثل حوالي 50% من المخالفات المسجلة .
وتتوزع بدورها المخالفات في شفافية المعاملات على 1178 مخالفة في التلاعب بالدعم و11539 مخالفة أخرى في الجودة والميتورولوجيا وبقية المجالات .
وبحسب القطاعات ،فقد تم تسجيل 33581مخالفة في المنتجات الفلاحين والبحرية الطازجة، 34122 مخالفة في المواد الغذائية العامة، 8492 مخالفة في المخابز والمطاعم والمقاهي و11091 مخالفة في المواد الصناعية المختلفة.
كما أفضت العمليات الرقابية المنجزة خلال سنة 2023 إلى حجز كميات هامة من المنتجات والمواد الحساسة والمدعمة ،حيث تم حجز مايزيد عن 11 ألف طنا مشتقات حبوب مدعمة (3724 طن فرينة، 4046 طنا سميد، 3120 طن قمح صلب، 329 طنا عجين غذائي) .
كما أسفر العمل الرقابي عن حجز نحو 9 آلاف من الخضر والغلال و586 طن من مادة السكرو462 ألف لتر زيت نباتي مدعم و 3356 طنا مواد علفية و211 طن من مواد غذائية مختلفة و 546 ألف علبة طماطم و 160طن من مواد البناء و197 ألف علبة تبغ.
على الرغم من أهمية ما جاء مرسوم عدد 14 لسنة 2022 الصادر في أواخر مارس من سنة 2022 ويتنزل المرسوم في إطار مقاومة الاحتكار والتصدي للتهريب وضمان إنتظامية تزويد السوق،فإن عدد المخالفين في ارتفاع مستمر كما لايمكن صرف النظر على مسألة نقص العرض الذي يعد من العوامل المغذية لممارسات الاحتكار ،حيث تعرف السوق الوطنية إضطرابا دائما في نسق التزود بعدد من السلع و المواد الأساسية الأمر الذي سمح بخلق أرضية خصبة للتجاوزات علاوة على تدهور منظومات الإنتاج الفلاحي التي ساهمت في موجة من غلاء الأسعار،بحيث لم تنجح عمليات تسقيف الأسعار التي لجأت إليه وزارة التجارة في أكثر من مناسبة للحد من الارتفاع أمام عدم إحترام التجار للقرارات .
لئن يستهدف العمل الرقابي ردع المحتكرين والحد من تلاعب بصحة المواطن وبجيبه عبر ترسانة من القوانين ،فإن إرتفاع عدد المخالفين والمحتكرين يستوجب المضي نحو مزيد من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية لمسالك التوزيع خاصة على مستوى الرقمنة علاوة على تحسين واقع التزود بالأسواق ،خاصة إذا لاحظنا أن نصيب الأسد من المخالفات قد سجلت في قطاع المنتجات الفلاحية والبحرية الطازجة ويتزامن ذلك مع تراجع في الإنتاج النباتي والحيواني الأمر الذي انعكس على انتظامية تزويد السوق وهو يمهد الطريق أمام ممارسات الاحتكار والتلاعب بالأسعار .
تبين النتائج المسجلة للعمل الرقابي للسنة المنقضية أن المرسوم الذي دخل حيز التنفيذ منذ أكثر من سنة ونصف لم يعط أكله بالشكل اللازم و الذي كان يعول أن يكون درعا قويا أمام التجاوزات والممارسات الاحتكارية والغش التي ما إنفكت تنهش المقدرة الشرائية للمواطن الذي يعاني بدوره من ارتفاع مشط في الأسعار نظرا لأن أكثر من 70% في المواد الاستهلاكية أسعارها .