أنها أطاحت بصاروخ حوثي استهدف لأول مرة أحد البواخر الحربية الأمريكية في البحر الأحمر. وكانت البواخر الحربية والطائرات الأمريكية والبريطانية قد شنت ليلة يوم الجمعة 12 جويلية هجومات على مواقع للجيش الحوثي في اليمن لتهديم قدراته القتالية. ومنذ أن دخل الحوثيون الذين يشاركون في "محور المقاومة" في الشرق الأوسط، في شهر نوفمبر2023، في الحرب الدائرة على غزة من قبل الكيان الصهيوني سجلت القيادة العسكرية الأمريكية 27 هجوما بالصواريخ والمسيرات ضد البواخر التجارية التي يستهدفها الدفاع الحوثي من أجل تعاملها مع تل أبيب.
عكر هذا الوضع الملاحة في البحر الأحمر التي تؤمن 12% من التجارة العالمية، مما جعل بعض شركات الملاحة الدولية تقرر عدم اللجوء إلى قناة السويس المصرية لنقل البضائع والنفط إلى أوروبا، بل تغيير وجهة البواخر إلى افريقيا الجنوبية وهي طريق أطول لها تكلفة باهظة تتكبدها الشركات. وهو ما أسفر على ردة فعل من قبل الدول الغربية ومجلس الأمن الدولي الذي اتخذ قرارا يوم 10 جانفي يطالب الحوثيين بالكف عن العمليات العسكرية وبحماية حرية الملاحة في المنطقة.
من جهتها تحركت الولايات المتحدة الأمريكية، المنصهرة منذ 8 أكتوبر في الدفاع عن الكيان الصهيوني وفي العمليات العسكرية في غزة، وشكلت يوم 3 جانفي الجاري ائتلافا بحريا دوليا لمقاومة التحركات الحوثية يشارك فيه 13 دولة من بينها بريطانيا العظمى وفرنسا والدنمارك وهولندا واليونان والنرويج،وكندا،وسنغافورة،والسيشل. وهو تحالف تحت قيادة أمريكية. لكن فرنسا احتفظت بقيادتها لبحريتها في حين أعلنت إيطاليا أنها تشارك في إطار القوة الأوروبية المتواجدة في المنطقة. أما اسبانيا فرفضت المشاركة لأسباب سياسية داخلية.
قصف أمريكي بريطاني مشترك
أول العمليات للتحالف ضد الحوثيين استهدف، حسب قناة المسيرة التلفزيون التابعة للحوثيين،مواقع في اليمن تحت سيطرة الحوثيين من بينها قاعدة عسكرية قرب صنعاء ومطارات ومركز عسكري ومناء الحديدة. وأكدت القيادة الحوثية أن الغارات الأمريكية البريطانية على مواقع في اليمن تزعم واشنطن أنها عسكرية تابعة للحوثيين أسفرت على مقتل 5 اشخاص. وأعلنت القوى الغربية المشاركة، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنها سوف تقوم بضربات إضافية في صورة واصل الحوثيون قصف البواخر العابرة بباب المندب.
من ناحيته قال يحيى سريع، الناطق الرسمي باسم القوات العسكرية الحوثية، خلال نقطة صحفية "إن القوات اليمينية المسلحة لن تتأخر عن استهداف مواقع الخطر وكل الأهداف التي تشكل تهديدا في البر والبحر من أجل الدفاع عن اليمن وعن سيادته واستقلاله. هذه الهجمة لن تثني اليمن عن موقفه المساند للشعب الفلسطيني." وأعلنت مصادر صحفية أن الحوثيين ردوا على الهجوم الغربي المشترك بصواريخ تجاه بواخر حربية لم تصب أهدافها.
وأشار صندوق النقد الدولي أن الوضع سوف يتسبب في خسارة لقناة السويس بالرغم من أن مديرها المصري أعلن أن الملاحة لا تزال مفتوحة بدون مشاكل تذكر من الناحية المصرية.ويعتقد الملاحظون أن الهجوم الأمريكي البريطاني على مواقع للجيش الحوثي يشكل تحولا في حالة الحرب في المنطقة يمكن أن يسفر إلى توسيع رقعة النزاع.
إمكانية اتساع رقعة النزاع
أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية "تسنيم" أن إيران أرسلت باخرتها الحربية "البرز" لإلى البحر الأحمر، في خطوة غير معهودة. وهي رسالة مضمونة الوصول للقوى الدولية المتحالفة التي شنت هجوما على قوات الحوثيين. تأتي هذه الخطوة في ظروف تعالت الأصوات فيها في أوروبا منبهة من خطورة ادخال المنطقة في حرب مفتوحة. ولا يزال الإتحاد الأوروبي يتردد في أخذ قرار بمساندة قوى التحالف عسكريا.
وحسب الملاحظين في بروكسل، لم تحسم المفوضية الأوروبية الأمر، بل أرجأت الخوض في المسألة إلى الأسبوع القادم. وفي حين نوهت فرنسا بالخطوات الأمريكية لحماية الملاحة الدولية تمسكت بقيادتها لبحريتها في المنطقة وامتنعت عن القيادة المشتركة. نفس الموقف اتخذته إيطاليا واسبانيا. أما بالنسبة لألمانيا، أحد ركائز الإتحاد الأوروبي، فقد أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية أن بلاده تعمل مع حلفائها في الإتحاد الأوروبي على بلورة موقف موحد. وتخشى أوروبا، التي تعاني من تكلفة دعم أوكرانيا في حربها ضد الهجوم الروسي، أن يشكل اتساع رقعة الحرب رهانا جديدا يحد من نمو الإتحاد ويعوق مساعيها لفرض وجودها على الساحة الدولية. لكن في نفس الوقت يبقى التحالف الذي تسيطر عليه القوى الأنجلوسكسونية صلبا في موقفه خاصة أنه يضم الدول الأمريكية والأوروبية المنتفعة من الموارد النفطية والغازية التي تمر عبر قناة السويس، والتي هي مسألة اقتصادية لا علاقة مباشرة لها بالحرب على غزة.