اختتام ايام قرطاج المسرحية انتهى موسم الجحّ الى القاعات لهذا العام لكن المقاومة المسرحية مستمرة

هنا قرطاج فضاء دائم للحياة، هنا قرطاج التاريخ والحضارة والفن والمسرح،

"هنا قرطاج التي احرقها الرومان قبل الاف السنين لكنها نهضت من ركامها وأصبحت قبلة لعشاق الفن والحياة" كما وصفها المبدع روجي عساف عاشق المسرح وتونس.

هنا يولد الابداع وتتجلى كل اشكال الحرية والاختلاف وهنا في هذا الوطن البهيّ حجّ محبي الفن الرابع وممارسيه لينتعشوا بطقوسهم الإبداعية طيلة أسبوع بين قاعات العروض ويشاهدوا مسارات مسرحية مختلفة ومدارس ابداعية تنتصر للانسان وتعلن عن حالات الوعي والقلق التي يعيشها ضمن فعاليات الدورة الرابعة والعشرين من ايام قرطاج المسرحية التي اسدل ستارها مساء 10ديسمبر في مسرح الاوبرا بمدينة الثقافة.
اسبوع من متابعة العروض المسرحية ونقاشاتها، اسبوع من الحياة بعث في شارع الحبيب بورقيبة واحتضنت مقاهيه وازقته الفرعية حكايات اهل المسرح وافكارهم المتقدة بالحب والرغبة في التجديد، اسدل الستار عن الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان، دورة المقاومة والتحدي التي انجزت في ظرفية انسانية جدّ صعبة واهديت اغلب العروض والفعاليات الى الشعب الفلسطيني المقاوم، ففلسطين قضية التونسيين منذ القديم ووجهة كل الصادقين من ممارسي المسرح.
ولان المسرح استمرارية ومساحة حقيقية للاعتراف بالمنجز الفني كرّم المهرجان في حفل اختتامه مجموعة من المبدعين الذين ساهموا في بناء مسارات مسرحية مختلفة واسسوا لافكار ثورية وانسانية فكرّم باعث المهرجان الراحل المنصف السويسي وكرمت مجموعة الحمائم البيض التي غنت طويلا ضد الديكتاتورية ويعرفها كل وطني صادق وحرّ، فالحمائم البيض جزء من ذاكرة التونسيين حاول النظام قمعها، فانتصرت الفرقة ورفرفت حمائمها وسقط النظام.
على ركح مسرح الاوبرا كرّمت الكلمة النقدية التي شاكست المسرح لاعوام طويلة مع اللبناني الكاتب والناقد بول شاؤول من لبنان الذي تعلم ابجديات النقد من مهرجان قرطاج فهم لم يدرس المسرح ولا النقد في الجامعة، لكن فعاليات المهرجان وعروضه وندواته الفكرية علّمته كيف يمسك بمعاني النص والفكرة ليكون شاؤول من امهر النقاد العرب، في اطار احترام الكلمة والنقد كرمت من تونس الناقدة فوزية بلحاج المزي اعترافا بجهدها في توثيق الذاكرة المسرحية التونسية.
كما احتفت الايام بالتجربة المسرحية للفنان الكويتي داوود حسين الملتزم في فنه بالقضايا الانسانية وفي كلمته اكد داوود سليمان دور المهرجان في نحت ذاته الإبداعية وتوجيه خياراته الفنية، فقرطاج كان وسيبقى مساحة للحرية كما شدد على نضالات الشعب الفلسطيني ودعمه اللامتناهي الى كل الأرواح الحرة والمقاومة من تونس الى فلسطين.
يعترف مهرجان قرطاج بدور من رسخ لثقافة النقد والاختلاف، يعترف المهرجان بالقيمة الفنية والأدبية لمبدعين قضوا السنوات الطويلة يعملون لأجل مسرح حرّ يمزج البعدين الافريقي والعربي فكان "شاعر المسرح السوداني" الدكتور يوسف عيدابي احد المكرّمين في مهرجان قرطاج اعترافا بقيمته الفنية ودوره في التعريف بالموروث الافريقي في المسرح العربي.
كما كرم المهرجان فنان تونسي احب المسرح واختاره مهنة ومسار حياتي، المبدع والملتزم بقضايا ابناء وطنه المنجي الورفلي صاحب الحضور الركحي البهي والصوت الجهوري كان صوت طلبة المعهد العالي للموسيقى والمسرح بالكاف على ركح التكريم وقرأ رسالتهم لجمهور المهرجان في بادرة تؤكد انه ممثل مقاوم وفنان حقيقي.
ولان للتقنيين دورهم البارز في صناعة فرجة مسرحية اعترفت الايام بدورهم عبر تكريم المبدعة جليلة المداني المشرفة على "الكوستيم" والأزياء في اغلب العروض المسرحية وبدورها وجهت التحية والتكريم لأستاذها ومؤطرها المبدع المسرحي محمد ادريس.
وكان من المكرمات امرأة قدمت الكثير للمسرح التونسي، مقاومة تحدت البيئة والمجتمع لتصنع نجاحاتها الفنية، ممثلة وراقصة ومغنية صنعت بريق الكاف وكانت صوتها الصاخب والصادح، في قرطاج كرمت المبدعة سعاد محاسن وتسلم الفنان محمد علي النهدي التكريم عوضا عنها ووجه تحيته الى كل نساء المسرح في تونس لانهنّ فعلا مقاومات.
أسدل الستار عن أيام قرطاج المسرحية التي تزامنت مع الاحتفال بمرور اربعين عاما عن إنشاء المسرح الوطني التونسي، احتفالين بالحرية والمسرح في بلد الفن تونس، انتهت الدورة الحالية التي غابت عنها كل مظاهر الاحتفال احتراما للمقاومة الفلسطينية وتضامنا مع جراح الشعب الفلسطيني في غزة، لكن حضر مظاهر الاحتفال بحب الحياة وفكرة الصمود في اغلب العروض المسرحية المشاركة في المسابقة الرسمية او العروض الموازية، حضرت فلسطين باعمال ابنائها ومحبيها من كل الشعوب العربية والافريقية ليكون قرطاج فضاء للقاء والتواصل بين صنّاع المسرح والمنتصرين لفعل الحياة.

 

جوائز المهرجان:
اسدل الستار عن الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان وفيما يلي جوائز الدورة:

التانيت الذهبي: مسرحية “صمت” لسليمان البسام – الكويت

التانيت الفضي: مسرحية “شمس” لأمين بودريقة – المغرب

التانيت البرنزي: مسرحية “الفيرمة” لغازي الزغباني – تونس

جائزة أحسن نص: مسرحية ” صمت” لسليمان البسام – الكويت

جائزة أفضل أداء رجالي: غازي الزغباني عن دوره في مسرحية “الفيرمة” – تونس

جائزة أفضل أداء نسائي: حلا عمران “” عن دورها في مسرحية “صمت” – الكويت

جائزة أفضل سينوغرافيا: مسرحية “الفيرمة” لغازي الزغباني- تونس

جائزة نجيبة الحمروني لحرية التعبير : مسرحية " ڤودزيلا – الظاهرة " لأوس إبراهيم مع تنويه خاص بمسرحيتي "عشاء الكلاب" ليوسف مارس و "رُهاب" لمؤيد الغزواني.

* جائزة مسرح الحرية: الجائزة الأولى: مسرحية “سفر” سجن برج الرومي – الجائزة الثانية: مسرحية “لا مطلق ولا معلق” سجن المهدية – الجائزة الثالثة: مسرحية “الشركة تركة” سجن سوسة المسعدين.

 

 

 

 

المشاركة في هذا المقال

تعليق1

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115