بدء عملية عسكرية باسم "طوفان الأقصى" من غزة "بضربات نوعية استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو يوم 7 أكتوبر المنقضي ، تغيرا نوعيا في إستراتيجية المقاومة في مواجهة الإحتلال وضربة غير مسبوقة للمنظومة الأمنية والإستخباراتية الإسرائيلية . ورغم الرد الإسرائيلي العنيف المستمر إلى حد اللحظة ، والذي استهدف تجمعات سكنية ومستشفيات وسيارات إسعاف وخلف حصيلة مفزعة من الضحايا ، لم ينجح ذلك في تجاوز الفشل الذريع الذي تكبدته إسرائيل إستخباراتيا وأمنيا في عملية طوفان الأقصى بداية ثم في عملية اقتحام مجمع الشفاء الطبي يوم أمس الأول وعجزها عن إثبات روايتها للرأي الدولي بأن حركة حماس استغلت المجمع كأرضية انطلاق عملياتها ومكانا لإحتجاز الرهائن.
وتبنى مجلس الأمن الدولي أمس الأول للمرة الأولى منذ بدء الحرب بين حركة حماس وإسرائيل قرارا بأغلبية 12 صوتا، يدعو إلى "هدنات وممرات إنسانية" في غزة، ويؤكد على ضرورة حماية الأطفال وإطلاق الرهائن. لكن القرار أثار انتقادات أمريكية وإسرائيلية لعدم إدانته هجوم 7 أكتوبر. وكانت مسودة سابقة من النص دعت إلى وقف أولي لإطلاق النار لمدة خمسة أيام متتالية في غضون أربع وعشرين ساعة من تبني القرار. وتعدّ قرارات المجلس ملزمة لكن بعض الدول سبق أن تجاهلتها ومن بينها إسرائيل .
لكن الملاحظ الآن ومع عدم استعمال أمريكا للفيتو ضد القرار بما يعني ضمنيا تأييدها للهدنة الإنسانية ، يرى مراقبون أن الموقف الأمريكي سيمثل عنصر ضغط غير مباشر على حليفتها إسرائيل للقبول مُجبرة بهذا المقترح ، خاصة في ظل الفشل الذريع أمنيا وإستخباراتيا الذي يتكبده الإحتلال في غزة منذ يوم 7 أكتوبر المنقضي ،وماترتب عنه من تأثيرات على الشارع الإسرائيلي والدولي على حدّ سواء .
فداخليا مثلت الحرب في غزة ضربة موجعة لرئيس وزراء الإحتلال بينامين نتنياهو ولحكومته اليمينية المتطرفة ، وتسببت في فقدانه ثقة الشارع الإسرائيلي الذي تنامت داخله دعوات لإقالته ومطالب بمحاكمته أيضا وذلك لارتكابه جرائم حرب في غزة، فيما يرى البعض أنه يخوض حربا ضد القطاع من أجل منفعته الشخصية ولتبرير فشله.
ويرى منتقدو نتنياهو أنه فاقد للحس الإستراتيجي ماتسبّب في فشل المنظومة الأمنية والإستخباراتية في استباق عملية طوفان الأقصى وهو ماخلف انقساما سياسيا وشعبيا إسرائيليا متفاقما يزيد من الضغوط المفروضة على نتيناهو.
إلى جانب التأثيرات الداخلية لهذا الفشل، يرى مراقبون أن تراكمات الحرب في غزة بدءا بالفشل الإستخباراتي الإستراتيجية وصولا إلى عجز سلطات الإحتلال عن إثبات نظرية المؤامرة التي اقتحم بموجبها جيش الإحتلال مجمع الشفاء الطبي وارتكابه مجزرة دامية هناك ، تزيد تلك التراكمات من تضييق الخناق على نتنياهو وسرديته "الكاذبة'' . إذ عرض جيش الاحتلال مقاطع مصورة زعم أنها لوسائل قتالية ومعدات عسكرية وتكنولوجية في مبنى التصوير بالرنين المغناطيسي التابع لمستشفى الشفاء. إلاّ أن عدم تطابق رواية المخطط الذي اقتحمت بموجبه مجمع الشفاء - قالت فيه أن المجمع كان مسرحا لإدارة عمليات حركة حماس العسكرية كما قالت أن الحركة تحتجز الرهائن داخله- مع ماتم العثور عليه من أسلحة مفترضة ، جعل من سردية الإحتلال مجددا تسقط في مربع الفشل وتزيد من هنات نتيناهو لا فقط داخليا بل على الصعيد الدولي. وهو مايرى مراقبون أنه قد يدفع الإحتلال للقبول بقرار الهدنة الصادر عن مجلس الأمن وذلك حفظا لماء الوجه وتمسكا بالدعم الغربي .
هذا ونفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مزاعم جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، واعتبرت ما عرضه من صور وفيديوهات "مسرحية هزيلة".
من جانبها دعت مصر، أمس الخميس، إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي المتضمن تنفيذ هدن وإقامة ممرات إنسانية عاجلة في قطاع غزة.
وقالت الخارجية إنها "ترحب بقرار مجلس الأمن المعني بالتعامل مع الأوضاع الإنسانية المتردية في قطاع غزة، باعتباره خطوة أولى وهامة نحو تحقيق هدف الوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار".
وأكدت "ضرورة تنفيذ ما تضمنه القرار من مطالبة بإقامة هدن وممرات إنسانية عاجلة لفترات ممتدة لعدد كاف من الأيام، لضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى أبناء القطاع".