عزل وزيرة الداخلية البريطانية على خلفية مظاهرة لدعم فلسطين عودة دافيد كامرون للحكومة في إطار التحضير للانتخابات القادمة

فاجأ الوزير الأول البريطاني ريشي سوناك الجميع بإدخال تعديل حكومي

مؤخرا عزل بموجبه وزيرة الداخلية سويلا برايفرمان وعين مكانها جايمز كليفرلي الذي ترك حقيبته كوزير للخارجية للوزير الأول الأسبق دافيد كامرون.

وكانت الحكومة البريطانية تعيش على وقع التصريحات النارية لوزيرة الداخلية سويلا برايفرمان منذ أسابيع ضد المهاجرين ونية تهجيراللاجئين إلى رواندا، وخاصة مع اندلاع الحرب على غزة وخروج عشرات المئات من البريطانيين في مظاهرات صاخبة ضد قصف المدنيين الفلسطينيين من قبل الجيش الإسرائيلي. وشهدت لندن خلال شهر أكتوبر عدة مظاهرات تندد بالحرب التي تشنها الآلة الصهيونية وذلك كل يوم سبت. فبعد مظاهرة يوم 21 أكتوبر التي خرج فيها 100 ألف مواطن لشوارع لندن والتي شاركت فيها شخصيات سياسية رفيعة المستوى في الحزب العمالي المعارض وعلى رأسهم الزعيم السابق للحزب جيرمي كوربن، توالت المظاهرات الشعبية كل يوم سبت.
شرطة لندن تسمح بالمظاهرة
وحاولت وزيرة الداخلية، المتزوجة من بريطاني يهودي، منع مظاهرة يوم السبت 11 نوفمبر ضد الكيان الصهيوني بتعلة "التشويش على الاحتفال الوطني بيوم الذكرى"، بدون جدوى. وبالرغم من ندائها بمنع المظاهرة فقد قرر رئيس "سكوتلاند يارد" مارك رولي السماح لأكثر من 300 ألف مواطن بريطاني المشاركة في أضخم مظاهرة تشهدها المدينة منذ عقود، خلافا لما قررته الحكومة الفرنسية قي شأن المظاهرات ضد العدوان الإسرائيلي . وبالرغم من الضغوطات من قبل المحافظين فقد برر موقفه بعدم وجود حجج قانونية لمنع المظاهرة.
وكانت وزيرة الداخلية قد نددت بالمظاهرات في لندل بتعلة أنها "مظاهرات كراهية". لكن رئيس الشرطة، الذي ينتمي للمخابرات البريطانية، أخذ قراره، من جهة، لأن بريطانيا ترتكز على تعدد الثقافات وعلى حرية الفرد وعلى المساواة بين المجموعات الثقافية، ومن جهة أخرى، أن من مسؤولياته الحفاظ على استقلالية الجهاز الأمني من كل الاستخدامات السياسية، وذلك في تحرك غير مسبوق يشير إلى الوضع المتردي الذي تتخبط فيه حكومة ريشي سوناك.
معارك داخلية على خلفية انتخابية
تعيين دافيد كامرون على رأس الخارجية البريطانية كوجه ثان للحكومة على المستوى الدولي يدخل في محاولة الوزير الأول ترميم الحزب داخليا الذي أصبح مهددا من قبل جناحه اليميني. كامرون الذي قرر تنظيم الاستفتاء على "البريكست" على الرغم من دعمه للبقاء في الإتحاد الأوروبي أضطر لتقديم استقالته بعد أن حكم البلاد من 2010 إلى 2016. رجوعه بعد سبع سنوات خارج الحلبة السياسية يعطي إشارة إلى محاولة الوزير الأول التعامل مع الرهانات الدولية التي حددها والمتعلقة "بملف أوكرانيا وبأزمة الشرق الوسط وبالموقف من الصين" وهي ملفات شائكة تحتاج إلى سياسي من الطراز الأول.
لكن المراقبين في لندن يعتبرون أن حكومة ريشي سوناك، التي شكلت بدون الرجوع إلى الناخبين، تشكو من بعض التصلب الناجم على تسلط الشق اليميني المساند ل"البريكست" والذي يرغب في استبدال الوزير الأول بسويلا برايفرمان. رجوع كامرون الأوروبي التوجه يخدم الحكومة في مسألتين. الأولى تمكنها من لم شمل الحزب بدعم كل أجنحته داخل مركز القرار. والثاني يعطيها سلاحا ضد حزب العمال الذي طرح على نفسه التوصل مع الإتحاد الأوروبي إلى حل نهائي من أجل تطوير العلاقات الاقتصادية التي تمكن بريطانيا العظمى من تخطي سلبيات "البريكست". ويمثل دافيد كامرون، الذي يتمتع بخبرة واسعة وبعلاقات دولية هامة، رقما كبيرا في المعادلات الدولية المطروحة على بريطانيا العظمى.
"جهز نفسك للحرب"
بهذا النداء رد مساندو وزيرة الداخلية المعزولة من نواب حزب المحافظين على قرار الوزير الأول. وإن يتمتع بمساندة النواب المعتدلين في مجلس الشيوخ فإن ريشي سوناك لم يخرج من أزمته الحكومية. بل هو أمام معارضة داخلية يقودها 54 نائبا يمينيا تحاول الإطاحة به عبر تقديم لائحة لوم. وأعلن في هذا الصدد أندريا جانكينس، أحد المساندين الكبار للوزير الأول الأسبق بوريس جونسون، أنه قدم ليلة الإثنين لمجلس الشيوخ رسالة في سحب الثقة من ريشي سوناك معلنا بذلك الحرب على الوزير الأول. لكن الملاحظين يعتبرون أن الشق اليميني لا يمكنه تقديم ضعف هذا العدد لإمكانية الإطاحة بالحكومة.
يبقى أن المشهد السياسي ليس في صالح المحافظين. فقد أشار آخر استطلاع للرأي نظمته مؤسسة "يوغوف" بين يومي 7 و8 نوفمبر أن الحزب العمالي يحظا بنسبة 47% من الأصوات في نوايا التصويت لانتخابات 2024-2025 في حين حصل المحافظون على 23% بعيدا وراء العماليين. وهو ما يمكن، إن نظمت الانتخابات اليوم، حصول اليسار البريطاني على نسب في مجلس العموم تفوق تلك التي سجلها طوني بلار. وهو ما جعل الإعلام البريطاني يعتبر أن التنقيح الوزاري يعدو أن يكون آخر ورقة في يد ريشي سوناك يلعبها لمحاولة تقليص حجم الهزيمة المعلنة.

المشاركة في هذا المقال

تعليقات4772

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115