وقد اعتادت تونس على إحياء هذه الذكرى في كل عام. ولكن يبدو أنّ الموعد هذه السنة سيكون مختلفا ولن تمر هذه المناسبة مرور الكرام، حيث سيتم إعادة افتتاح "متحف الشهيد فرحات حشّاد للحركة النقابية" بعد تهيئته وصيانته ليكون مقاما يليق بقامة الرجل وقيمته...
بتاريخ 4 ديسمبر 2013، أشرف وزير الثقافة مهدي مبروك على وضع حجر الأساس لمتحف فرحات حشاد، ليحفظ ذاكرة أحد أبرز رجالات الحركة الاستقلالية والحركة النقابية في تونس، وليخلد ذكرى مؤسِّس "الاتحاد العام التونسي للشغل" (1946).
تمشّ سينوغرافي وتاريخي في معرض فرحات حشاد
بعد مرور 10 سنوات على افتتاح متحف فرحات حشاد، لا يزال هذا الفضاء المتحفي دون الصدى المطلوب والدور المنشود في لعب دور الشاهد والموّثق لتاريخ الحركة النقابية في تونس. ويبدو إنّ إحياء الذكري 71 لاستشهاد فرحات حشاد ستكون مقترنة ببعث الحيوية والحياة في هذا المتحف بعد إخضاعه لأعمال تهيئة ليحتضن معرضا وثائقيا عن حياة فرحات حشّاد وعن السياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في تونس طيلة تلك الحقبة.
في الأيام الأخيرة أشرفت وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي على جلسة عمل لمتابعة مدى تقدّم مراحل تهيئة "متحف الشهيد فرحات حشّاد للحركة النقابية"... وبهذه المناسبة دعت الوزيرة إلى "التفكير في إيجاد صيغ مُبتكَرة للاحتفاء بالزعيم النقابي والسياسي وتثمين مسيرته"... وكان متحف الشهيد فرحات حشّاد يتطلب تدخلا عاجلا على مستويات عديدة من بينها مرافق وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة والإنارة ...
من المنتظر تدشين معرض فرحات حشّاد يوم 5 ديسمبر 2023، والذي سيكون مبوبا إلى 5 حلقات متسلسلة ومترابطة تتمثّل في لمحة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس مع بداية الاحتلال الفرنسي سنة 1881، ونشأة فرحات حشاد وبداية النشاط النقابي، تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل ونشاطه الداخلي والخارجي، من الاندماج في النضال الوطني إلى الاغتيال، فرحات حشاد في الذاكرة.
في التمشّي السينوغرافي والتاريخي للمعرض سيتم الاعتماد على جملة الوثائق العلمية من مساهمات أدبية وجامعية ومنشورات والوثائق السمعية البصرية بالتلفزة التونسية وتطويعها اعتمادا على التطور التقني مثل الواقع المعزّز والتصوير ثلاثي الأبعاد وذلك بالتنسيق مع مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي بهدف استرجاع التاريخ النضالي افتراضيا وخلق مشهدية مغايرة.
نحو إدماج متحف حشاد في المسلك السياحي
لأنه رجل كفاح ونضال، فإن فرحات حشاد يستحق متحفا يحفظ ذكره وأكثر .... بعد اغتياله صباح يوم 5 ديسمبر عام 1952، تم نقل جثمان فرحات حشاد إلى مسقط رأسه بجزيرة قرقنة لدفنه هناك. ولكن تم إنشاء مدفن رسمي آخر له في تونس ونقل رفاته إليه عام 1955. واليوم أصبح لفرحات حشاد متحفا يحمل اسمه في منطقة القصبة بالعاصمة. وقد شددت وزيرة الشؤون الثقافية على "ضرورة الاستفادة من وجود مقرّ هذا المتحف بالقرب من عدد من المؤسسات التربوية لتنظيم مجموعة من التظاهرات الثقافية والأنشطة الإبداعية المشتركة، بالتنسيق مع وزارة التربية. وذلك قصد التعريف بفرحات حشاد باعتباره رمزا من الرموز التاريخية ولتقديم مسيرته النضالية لدى الأطفال والناشئة، بالاعتماد على التقنيات التكنولوجية الحديثة والواقع المعزّز والصناعات الثقافية الإبداعية".
ولأنه يستأثر بمكان استراتيجي غير بعيد على المدينة العتيقة بالعاصمة وغيرها من المعالم الأثرية، فلاشك إدماج متحف فرحات حشاد في المسلك السياحي لمدينة تونس سيمثل قيمة مضافة للثقافة والسياحة.
بعد إعادة افتتاحه في حلته الجديدة، من المنتظر أن يكون "متحف الشهيد فرحات حشّاد للحركة النقابية" نموذجا نوعيا يحتذى به في تشييد متاحف أخرى في ولايات أخرى من الجمهورية التونسية لتخليد ذكرى شخصيات وطنية وهبت روحها ودمها وفكرها لتونس حتى تبقى حرة ومستقلة و تكون هي الاستثناء !