إحتلال تمارس سياسات قمعية وانتهاكات لحقوق الإنسان نتج عنها دمار ووفيات وأزمات غذاء وكهرباء وماء، هل تعطلت أجراس الإنذار في العواصم الغربية والمجتمع الدولي المتقاعس عن توفير الاحتياجات الأساسية وحماية الأطفال والنساء والمرضى..!؟
هل لا يجيد قادة تلك الدول قراءة المشهد الحالي والمستقبلي في منطقة الشرق الأوسط التي تعد منطقة تماس حيوية للقارة الأوروبية الحليف التقليدي لواشنطن والركيزة الأهم في حلف الناتو، هل فقدت تلك الدول القدرة على استيعاب ورصد ما تعقده الشعوب- في عصر وسائل التواصل الاجتماعي والانتشار المكوكي- من مقارنات بين المواقف السياسية الغربية إزاء الأزمة في أوكرانيا وما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة من ممارسات ممنهجة للتهجير السري لأصحاب الأرض بما يجسد تواطؤ المجتمع الدولي تارة بالصمت وتارة أخرى بالإنتقائية.
بالتوازي مع الموقف الأوروبي المتخاذل، وصل الرئيس الكهل إلى التل فأعرب - عقب لقاء استمر ما يزيد على الساعة- مع رئيس حكومة الإحتلال عن دعمه الشديد لسلطة الاحتلال وحرص بلاده على إمتلاكها كل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها، ونظرا لطول الرحلة إلي الشرق الأوسط فقد عكس الكهل حالة الإعياء بالتحدث أمام الإعلام - من سطح مركبة فضاء رئاسية - بأن المعسكر الآخر وليس سلطة الإحتلال تعد المسؤولة عن واقعة مستشفى المعمداني ، وبما إنه تحدث عن الآخر فقد يكون الدافع وراء الزيارة الرئاسية - من العالم الآخر - عدم الثقة في الحليف التاريخي عقب مفاجأة السابع من أكتوبر ( التاريخ المفضل لدي أجيال دولة الإحتلال) والتي قد تمهد الطريق أمام آخرون ( الكرملين) لتصدر المشهد المستقبلي للشرق الأوسط، فالتداعيات السياسية والأمنية لن تكون في صالح من اصطف الى جوار سلطة الإحتلال علي حساب أصحاب الأرض.
يمكن القول أن السابع من أكتوبر 2023 ليس فقط أشبه لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ( وفقا للمظلوميات الحديثة للدولة ومراكز الفكر في دولة الإحتلال) وإنما تدشين لعصر جديد لموازين القوي الدولية الفاعلين الدوليين والإقليميين في الشأن السياسي لمنطقة الشرق الأوسط.
كما يمكن الاستشهاد هنا بتقييمات محللي الشؤون العسكرية في دولة الاحتلال ومقال مهم 'عاموس هاريل' في جريدة ' هآرتس' يري فيه أن الزيارة التي قام بها ' مستر جو ' تعكس الريبة من عدم التوصل لاتفاق بشأن إطلاق سراح بعض الرهان، والتأكد من أن جيش دولة الاحتلال قد تعافي من الهزيمة التي لحقت به في 7 أكتوبر، لذلك فإن الزيارة الاستثنائية تعكس الدعم والقلق في نفس الوقت على الجبهات التي من المتوقع أن تفتحها العمليات البرية التي تهدد بها سلطة الإحتلال.
في مقابل ذلك، صدر عن بيان شديد الإدانة عن الاجتماعات الوزارية الاستثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامي ودول مجلس التعاون الخليجي وجاءت عناصر كل بيان متسقة إلي حد كبير مع مستوي الاصفطاف الرسمي والشعبي للدول العربية والإسلامية إزاء إدانة النهج القمعي لسلطة الإحتلال سياسات التجويع والعقاب الجماعي لسكان قطاع غزة وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية من معبر رفح. كما عكست تصريحات كل من الرئيس المصري وملك الأردن ( الذي توجه إلى القاهرة أمس) خلال لقاء كل منهما بالمستشار الألماني أن المنطقة كلها على حافة الهاوية والتحذير من تدهور الأوضاع الإنسانية في كل من غزة والضفة.
ختاما، من الأرجح أن تكون للصراع في الشرق الأوسط إرتدادات وعواقب أمنية خطيرة علي المجتمعات الأوروبية بصفة خاصة والغربية بشكل عام ومن المتوقع أن تتفاقم التوترات بين المجتمعات وتزايد التطرف فضلا عن مخاطر تزايد معدلات الهجرة خارج الحدود والنزوح داخل أراضي نفس الدولة.