أبو بكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والإقتصاد السياسي لـ«المغرب»: «العالـم سيشهد أزمة غذاء وارتفاع معدلات الجوع إذا امتدت الحرب الروسية الأوكرانية»

• «الصين تعد من أكبر المستفيدين من الأزمة الأوكرانية»
• «من أهم هذه البدائل عن الغاز الروسي هو الغاز المصري والليبي والجزائري»

حذر أبوبكر الديب، مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والإقتصاد السياسي ورئيس منتدى تطوير الفكر العربي للأبحاث، من اندلاع أزمة غذاء وارتفاع معدلات الجوع بالعالم إذا امتدت الحرب الروسية الأوكرانية قائلا إن هناك ترقبا في سوق القمح العالمي نظرا لما تمثله روسيا وأوكرانيا من ثقل كبير في سوق الحبوب العالمي فضلا عن العقوبات الغربية على موسكو.
• أولا لو تقدمون لنا قراءة في الدور الإقتصادي الذي تلعبه كل من روسيا وأوكرانيا على صعيد الإقتصاد العالمي؟
إن روسيا وأوكرانيا يستحوذان على 29% أو ثلث كمية القمح التي تصدر للعالم، لافتا إلى أن روسيا أنتجت 76 مليون طن من القمح العام الماضي، وكان متوقعا لها توريد 35 مليون طن من القمح للعالم خلال الفترة من جوان إلى جويلية المقبل وبلغت تجارة روسيا الخارجية مع دول العالم في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 540 مليار دولار، بما في ذلك صادرات من روسيا بقيمة 310 مليار دولار.
روسيا تهيمن على عدد كبير من الصادرات مما يجعلها واحدة من أكبر الموردين في العالم، وهو ما قد يضر بسلاسل الإمدادات في حال نشوب حرب مع أوكرانيا، وتعتبر أكبر مصدر للقمح في العالم، الى جانب أنها من كبار منتجي النفط في العالم من خارج منظمة أوبك، كما أنها مصدر رئيسي للغاز في أوروبا، وتستحوذ على حصة من إنتاج الأليمنيوم والنيكل.
وأكد أن تصويت مصر بالأمم المتحدة حول الحرب الروسية الأوكرانية جاء انطلاقا من إيمانها الراسخ بقواعد القانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
القاهرة طالبت بالبحث عن حل سياسي سريع لإنهاء الأزمة عبر الحوار وبالطرق السلمية ومن خلال دبلوماسية نشطة يجب أن يظل نصب أعيننا جميعا، والهدف الأساسي للمجتمع الدولي بأسره في التعامل مع الأزمة الراهنة، ومن ثم يتعين إتاحة الحيز السياسي الكفيل بتحقيق ذلك الهدف الأساسي.
أما الصين فلم تفارق منطقة الحياد في الأزمة ولذا فهي تصلح طرفا وسيطا محايدا للتقريب بين الطرفين والتفاوض حول وقف الحرب .
• كيف ستكون تأثيرات الحرب على الإقتصاد الدولي ؟
إن الاقتصاد العالمي يعاني من مشكلات كثيرة، موضحًا أن الأزمة الروسية الأوكرانية ضربت الاقتصاد العالمي في مقتل، ونتج عن ذلك إدخال اقتصاد أكثر من دولة في دائرة الجمود والركود.
الجميع يشاهد الارتفاع الكبير في أسعار منتجات الطاقة، ورفع أسعار الحبوب، مؤكدًا أن روسيا وأوكرانيا تمثلان أكثر من ربع صادرات الحبوب لـ العالم.ما يحدث تسببا في ضرر كبير لدول العالم، ورفع معدلات التضخم بالعالم خلال هذا العام، وقلل من معدلات النمو، مما أفقد الاقتصاد العالمي أكثر من تريليون دولار في هذا العام. بعد أن كان يتنفس الصعداء من تداعيات فيروس كورونا نتيجة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وما يرافقها من احتمالات لفرض عقوبات قاسية على روسيا، والتي تسببت فور وقوعها في ارتفاع النفط والذهب والقمح وانخفاض الاسهم وتعثر التجارة العالمية.
إن أسعار الذهب صعدت لأعلى مستوياتها خلال عام، فيما تجاوزت أسعار النفط 100 دولار بعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.. وتخطى سعر برميل النفط عتبة الـ 100 دولار، ليستقر عند 103 دولارات للمرة الأولى منذ أكثر من 7 سنوات، ومن المتوقع أن تشهد أسعار الطاقة بشكل عام والنفط والغاز علي وجه الخصوص ارتفاعا متسارعا مع تصاعد الحرب، فضلا عن ارتفاع أسعار القمح والشعير، كما أن التأثيرات والتداعيات لن تكون فقط على الطاقة بل تشمل الذهب وباقي المعادن والتأثير السلبي على أسواق المال .
• كيف ستتأثر الدول الغربية والآسيوية والشرق أوسطية والإفريقية بهذه المتغيرات ؟
إن روسيا وأوكرانيا من كبار موردي القمح والذرة والغاز والمعادن والسلع الأخرى للعالم، وبذلك سيلحق الضرر بالعديد من الدول في أوروبا وأسيا والشرق الأوسط وأفريقيا والتي تعتمد على القمح والذرة المستوردين من أوكرانيا والغاز الروسي، ويترتب على اضطراب إمدادات الغاز الطبيعي على المصانع وعلى الإنتاج وخاصة المنتجات كثيفة الاستهلاك للطاقة كالأسمدة، ما ينعكس سلبا على الزراعة، وبالتالي فإن الأسعار سترتفع بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، وسيحدث انكماش للاقتصاد الدولي.
وفي الوقت الذي ستتأثر جميع دول العالم بالحرب فإن الإتحاد الأوروبي سيكون الأكثر تأثرا وخاصة ألمانيا والتي تأتي في المرتبة الثالثة من حيث التأثر بعد أوكرانيا وروسيا والتي تستورد معظم احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا وبالتالي فإن توقف ذلك الغاز سيعمل علي وقف المصانع والإنتاج.. وكما لكل أزمة مستفيدون فإن مصائب قوم عند قوم فوائد فإن الصين تعد من أكبر المستفيدين من الأزمة الأوكرانية.
مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، صدم الإقتصاد العالمي، وارتفعت أسعار السلع بشكل حاد في الأسواق العالمية، وحدث شحّ الحبوب في الدول العربية وشمال أفريقيا، وارتفاع أسعارها بالتالي فدولة مثل لبنان يستورد 50 % من احتياجاته من القمح من أوكرانيا.
وفي هذا الإطار تحرّكت الحكومة المصرية سريعا لبحث استيراد القمح من 14 دولة أخرى لتنويع واردات القمح حال تصاعد الأزمة، فضلا عن وجود مخزون استراتيجي من القمح يكفي 5 أشهر، إلى جانب الإنتاج المحلي الذي سيبدأ من منتصف أفريل ليزيد المخزون الاستراتيجي إلى 9 أشهر.
وفي حال توقف الغاز الروسي عن أوروبا بسب أزمة أوكرانيا سيكون أمام أوروبا البحث عن بديل ومن أهم هذه البدائل الغاز المصري والليبي والجزائري وربما الأمريكي وسوف يساعد في ذلك سعي مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة وبالتالي يمكن أن يلعب الغاز المصري دوراً مهما في تأمين جانب من احتياجات دول أوروبا من الطاقة، من خلال تصدير الغاز الفائض من خلال محطتي إسالة الغاز بمصر على ساحل البحر المتوسط، استكمالا لدور مصر المحوري في المنطقة لتعزيز التعاون الإقليمي ومواصلة الارتقاء بالشراكات الاستراتيجية..
وتمثل أزمة نقص إمدادات الطاقة لأوروبا «فرصة لوضع مصر على خريطة الطاقة الأوروبية وتأمين جانب من إمدادات الغاز الروسي وتمتلك مصر الإمكانات اللازمة لتصبح أحد البدائل بالنسبة للطاقة في أوروبا بسبب الأزمة الأوكرانية في ضوء الدور الهام والحيوي الذي تلعبه بمنتدى غاز شرق المتوسط».
• ماذا عن الجانب الليبي كيف يمكن استغلال هذا الوضع المتأزم؟
ليبيا أمامها فرصة قوية لتعويض جزء من إمدادات الغاز الروسية للقارة الأوروبية في حال اندلاع حرب بأوكرانيا وحدوث صراع سياسي واقتصادي أو حتى عسكري بين روسيا والغرب، ولكن ذلك يتطلب حدوث استقرار سياسي والبعد عن الصراعات بليبيا، حيث تتميز ليبيا باحتياطي كبير، يصل إلى 54.6 تريليون قدم مكعب، وتحتل المرتبة 21 عالميا ويمكن في حال الاستقرار السياسي رفع هذه الإحتياطات باكتشافات جديدة.
ليبيا تصدر الآن الغاز والمواد الهيدروكربونية، إلى القارة الأوروبية بالغاز، ولكن بكميات متوسطة مقارنة بروسيا والنرويج والجزائر، مطالبا المسؤولين بليبيا بانتهاز الفرصة وتهدئة الوضع السياسي لجذب استثمارات جديدة في مجال البحث والتنقيب عن الغاز خاصة وأن شركات عالمية بدأت بالفعل مشاورات مع المؤسسة الوطنية للنفط بشأن زيادة الإمدادات للسوق الأوروبية كما تواصلت الإدارة الأمريكية مع جهات ليبية لنفس الهدف وهناك خط أنابيب يربط ليبيا بإيطاليا يبلغ طوله 520 كيلومتر.
• هل يمكن القول أنّ متغيرات العالم الطاقية ستفرض على القوى الكبرى تسريع الحل السياسي في ليبيا ؟
العالم الغربي أمريكا وأوروبا بات صاحب مصلحة لتحقيق الإستقرار السياسي في ليبيا وضخ استثمارات جديدة في قطاع الغاز وتطوير البنية الأساسية في قطاع الطاقة الليبي ومواجهة البيروقراطية وإخراج المليشيات المسلحة من الأراضي الليبية من أجل تعويض جزء كبير من الغاز الروسي مما يجعلها سوق نشطة تغني القارة عن الغاز الروسي لكن رغم ذلك لن يكفي الغاز الليبي لتعويض ما تضخه روسيا لأوروبا سنويا لكنه سيغطي جزءا كبيرا والجزء الأخر يمكن أن يغطي من دول أخرى كقطر والجزائر وغيرهما.
منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، تتوقع زيادة في الطلب على النفط خلال العام الجاري، وخاصة في منطقة دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 1.8 مليون برميل إلى 46.4 مليون برميل في المتوسط اليومي بينما سيزداد الطلب في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 2.3 مليون برميل إلى 54.4 مليون برميل يوميا .والمتوقع خلال عام 2022، نمو الطلب على النفط بمعدل 4.2 مليون برميل يوميا، بفضل النمو المرتقب لمعظم الاقتصادات الكبرى، والسياسات المالية والنقدية الداعمة لتعويض الآثار السلبية لفيروس «أوميكرون» على الطلب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115