الكاتب والباحث الفلسطيني سامر عنبتاوي لـ«المغرب»: من غير المعتقد أن الوباء سيؤدي إلى فرض الهدنة فلسطينيا لأن الإحتلال يفكر بعقلية العنجهية واستعمال القوة

• هناك حاليا أكثر من 5000 أسير فلسطيني في حالة اكتظاظ في سجون الاحتلال ودون رعاية طبية فاعلة

أكد الكاتب والباحث الفلسطيني سامر عنبتاوي في حديثه لـ«المغرب» ان الوضع الوبائي في فلسطين حتى اللحظة تحت السيطرة بسبب سرعة القرارات الحكومية بإعلان حالة الطوارئ وعزل بيت لحم ، وفرض العزل المنزلي ، والمتابعة الحثيثة لتطور الأمور والتي وحدت الجهود الفلسطينية حكوميا ومؤسساتيا وشعبيا. وشدد محدثنا على ضرورة إتخاذ إجراءات إقتصادية وقائية تحمي الاقتصاد الفلسطيني من تبعات الجائحة العالمية .

• اولا كيف هو الوضع الوبائي في فلسطين وكيف تواجه وباء كورونا رغم انها تعاني من الحصار والاحتلال معا؟
الوضع الوبائي في فلسطين حتى اللحظة تحت السيطرة بسبب عدة عوامل منها سرعة القرارات الحكومية بإعلان حالة الطوارئ ثم عزل بيت لحم ، ففرض العزل المنزلي ، والمتابعة الحثيثة لتطور الأمور والتي وحدت الجهود الفلسطينية حكوميا ومؤسساتيا وشعبيا ، وذلك لقناعة الفلسطينيين أنهم يستطيعون تطوير حالة من الوقاية رغم شح الإمكانات وعدم السيطرة على المعابر وأجزاء من الأراضي الفلسطينية التي يسيطر عليها الإحتلال ، وأن فلسطين سيصعب عليها كثيرا مواجهة تفشي الوباء لا قدر الله و لنفس الأسباب الآنفة . ورغم ذلك تفوقت فلسطين على الكثير من الدول وعلى دولة الإحتلال نفسه في سرعة القرارات والإجراءات ، لذلك فالأمور تحت السيطرة حتى اللحظة رغم عدم تعاون الإحتلال طبيا وعلى صعيد عمال الداخل ، حيث ألقى العمال المشتبه بإصاباتهم على قارعة الطريق بشكل لا إنساني ، ورفض إجراء الفحوصات للعمال قبل مجيئهم للضفة ، وأيضا استمر في محاصرة غزة رغم الوباء بل ساوم أبناء غزة على حبة الدواء والأجهزة الطبية مقابل ابتزاز سياسي.

• ماذا عن وضع السجناء في سجون الاحتلال ، ما مدى خطوة تفشي كورونا ؟
وضع السجناء الفلسطينيين غاية في الدقة والخطورة ، فهناك حاليا أكثر من 5000 أسير في حالة اكتظاظ في السجون ودون رعاية طبية فاعلة ، ومنهم كبار السن والمصابون بأمراض مزمنة وخطيرة ، ومنهم الأطفال والنساء ، ومع ذلك تبقي دولة الاحتلال عليهم داخل السجون مما يعرض حياتهم للخطر من خلال إتصالهم بالسجانين الذين من الممكن نقل الفيروس من خلالهم. واكتفت سلطات الإحتلال بعزل بعض السجناء المشتبه بإصابتهم في ظروف صحية سيئة وحتى تكتمت على المعلومات حول وضعهم الصحي . من ناحية أخرى تعامل الإحتلال بشكل عنصري مع أبناء القدس ومتابعة الأوضاع الصحية لديهم. وقام باعتقال والتنكيل بوزير القدس ومحافظها فقط لمتابعتهم للوضع الصحي لأبناء القدس ، وقام بالفصل بين القدس الغربية (اليهود) والشرقية في حالة الوباء مما عزز سقوط ادعائاتهم بالقدس الموحدة التي سقطت بعنصريتهم.

• والوضعية الوبائية ايضا في دولة الاحتلال كيف هي وماذا عن ممارسة «إسرائيل» قرصنة الادوية والتجهيزات على حساب الفلسطينيين؟
دولة الإحتلال في تعاملها مع الوباء تلكأت في اتخاذ الإجراءات حتى تمرر الإنتخابات مما زاد من سرعة تفشي الفيروس حيث وصلت الإصابات إلى عشرة آلاف إضافة إلى عشرات الوفيات ، كذلك ظهرت واضحا الخلافات بين وزارة الصحة و (الأمن) والإقتصاد حول تعزيز الإجراءات وذلك حماية للإقتصاد على حساب حياة البشر . كما كان واضحا التمييز ضد الجماهير العربية في الداخل من ناحية الفحوصات والرعاية الطبية مما أظهر وبشكل واضح مدى العنصرية في التعامل معهم.

• هل يمكن ان يؤدي الوباء الى هدنة مؤقتة في فلسطين؟
من غير المعتقد أن الوباء سيؤدي إلى حالة من فرض الهدنة فلسطينيا و في الدول المحيطة كون توجهات امريكا والغرب ودولة الإحتلال لا زالت تفكر في عقلية العنجهية واستعمال القوة رغم ضعفها وعجزها عن مقاومة الوباء ، رغم الإعتقاد بأن الإنعكاسات اللاحقة للوباء ستلقي بظلالها على تطور الأمور.

• كيف سيكون تأثير كورونا على الاقتصاد الفلسطيني بحسب رأيكم؟
ولا بد أن يبقى الحفاظ على حياة المواطنين أغلى وأثمن من المال و الإقتصاد ، وهذه حالة تسري على كل العالم ، لكن نحن نبقى الحلقة الأضعف لأسباب كثيرة تبدأ بالإحتلال و تمر بضعف الإمكانات و عدم السيطرة على الأرض و المعابر ، ناهيك عن ما مررنا به من إنتفاضات و اجتياحات وحصارات أمنية و إقتصادية ، و لكن و عندما نخرج من الوباء عندما يشاء الله سنجد أنفسنا ندخل في وباء من نوع آخر يشمل الإقتصاد والمجتمع، مرض خطير سيمس كل شيء ، وهذا لا يعني أن نترك الصحة ونتجه للإقتصاد وإنما أن تتشكل ومنذ الآن خلية أزمة إقتصادية مهمتها ليس توزيع المعونات ومساعدة الناس فهذا أمر مختلف و له جهوده التي يجب أن تتواصل و تتطور، وإنما خلية تشمل الخبراء و البنوك والقطاعات التجارية و الصناعية وغرف التجارة والصناعة لتضع الحلول والتصورات و الخطط لما هو قادم حتى لا نخرج من الوباء منهكين بأعباء الإنعكاسات الإقتصادية على الجميع كل بحجمه و قدراته ، آخذين بالإعتبار أن العالم سيتغير بعد الكورونا و علينا كما سبقنا الكثيرين غيرنا بإجراءات الوقاية الصحية لأن إمكاناتنا للعلاج ضعيفة، فعلينا إتخاذ إجراءات إقتصادية وقائية فوضعنا الإقتصادي لا يقل ضعفا .

• ما رأيكم في تعامل الدول الكبرى مع فيروس كورونا ما بين الصحة والاقتصاد؟
مدارس متعددة تعاملت وتتعامل مع الجائحة التي اجتاحت العالم ، استعرض أهم ثلاث مدارس في هذا الإطار . المدرسة الأولى تقول أن الأولوية المطلقة يجب أن تجير لسلامة الناس ، وحسب هذه المدرسة فإن حكومات العالم إرتكبت جرائما بحق الإنسانية عندما وجهت الأموال الكبيرة والجهود نحو التسلح وتكنولوجيا الرفاهية ، فيما أهملت تطوير القطاعات الصحية من إنتاج المعدات و الأجهزة المتطورة إلى الصرف على البحوث والدراسات ، وحتى ذهبت هذه المدرسة للقول بأن هناك إهمالا للقطاعات الصحية داخل كل دولة كنقص المشافي والأجهزة وغرف العناية المركزة فيها ، و لذلك وحسب رؤية أصحاب هذه المدرسة وجدت حكومات العالم أنفسها أمام وباء عالمي يفتك ويقتل ويشلّ دول بأكملها مما أبرز عيوب وضعف المناعة الصحية والمجتمعية في مواجهة الوباء. الأمر الذي انعكس على كافة القطاعات ، و لذلك كله فإن أصحاب هذه المدرسة يؤيدون بقوة أن توجه كافة الجهود في إطار مرحلي واستراتيجي ، بمعنى توظيف كافة الإمكانات في فترة الوباء لمواجهته وحفظ و حماية حياة الناس مهما بلغت التكاليف والتضحيات ، حتى لو انهارت إقتصادات وعمّ الكساد العالم ، باعتبار أن حياة البشر و صحتهم أهم من أي قضايا أخرى ، و استراتيجيا حسب نفس المدرسة فإن كافة الجهود بعد انقضاء الوباء يجب أن تتجه إلى تطوير العمل الصحي و انهاء الإحتكارات الدوائية و رفع ميزانيات الصحة على حساب ميزانيات التسلح و تكنولوجيا الرفاه .
المدرسة الثانية تتجه إلى تبرير سياسة مناعة القطيع ، لتقول أن الوباء قد اجتاح فليمر ويأخذ معه من يأخذ فالبقاء للأقوى ، ولا يجب أن نرهن أو ندمر الإقتصاد والمقدرات في مواجهة خاسرة ، وأن من يرحلون غالبا هم من كبار السن ، لذلك فلنعيد بناء المجتمعات بقوة إقتصادية وتكنولوجية ولا نرتهن للحظة الوباء ، وتحت هذه المبررات يذهب أصحاب هذه المدرسة للقول ، إحموا الإقتصاد والقطاعات الإنتاجية و التجارية واتركوا العجلة الإقتصادية تدور ، فلا قوانين طواريء ولا منع للتجوال ولا تعطل للحياة العامة . أما المدرسة الثالثة فتقع بين المدرسة الأولى و الثانية ، بمعنى الطلب ببذل الجهود للتطوير الصحي ومحاولات العلاج وتوفير الأجهزة و المعدات والمشافي و في نفس الوقت الحفاظ على عجلة الإقتصاد ، ولذلك يرون أن الإجراءات الوقائية يجب أن تكون محدودة ومدروسة جيدا بحيث لا تؤثر على الإقتصاد أو على الأقل يكون تأثيرها محدودا ، و نرى ان أصحاب هذه المدرسة يطمئنوا الناس بأن تأثيرات الوباء يمكن السيطرة عليها و تحديدها ، و هم يعتمدون على مبدأ الذروة في الوباء والرسوم البيانية التي تظهر تراجع أعداد الوفيات و الإصابات ، و زيادة حالات الشفاء .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115