بين 3 و 15 ديسمبر 2018 و التي أدرجت في جدول أعمالها تحضير دليل دولي لتنفيذ اتفاق باريس المبرم في قمة كوب 21 لعام 2015 . و بعد مراجعة أعمال قمة كوب 23 التي انعقدت في مدينة بون الألمانية خلال شهر نوفمبر الماضي، دخلت 190 دولة مشاركة ومنظمات المجتمع المدني و فاعلين غير حكوميين في مفاوضات صعبة للتوصل إلى صياغة خارطة طريق تمكن كل دولة من تنفيذ الاتفاق بشكل ملموس.
وتمكنت الدول المشاركة، بالرغم من الإنقسامات و المعارضات، من التوصل إلى اتفاق شامل وضع «دليل تطبيق» لكل الدول يوضح الطرق والسبل و الإجراءات التي يجب اتخاذها للتوصل للحد من الإحتباس الحراري. مع العلم أن تقرير اللجنة الحكومية التي تعنى بالتغير المناخي والتابعة للأمم المتحدة أسس مجموعة من الأحكام للتقيد بالتزامات باريس و أقر مبدأ مواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1,5 في حدود 2100.
إطار جماعي مشترك
تمكن المؤتمر من التوصل إلى إقرار المبادئ التي تمكن الدول من تخطيط أعمالها في إطار الحد من الإحتباس الحراري و تطبيق هذه المبادئ و مراجعتها بعد التقييم. وهي عملية تأتي لإتمام اتفاق كوب 21 بباريس. أهم نقطة وردت في الإعلان الختامي الذي قرأه رئيس القمة ،الوزير البولندي ميشال كورتيكا، تعلق بمبدأ «شفافية» العمليات . وهو ما يسمح لكل الدول الأعضاء من مواكبة الأعمال التي تقوم بها كل دولة و الإجراءات الجماعية المتعلقة بالتمويلات و تبادل الخبرات. و أقرت القمة آليات للتقارير التي وجب على كل دولة تقديمها بانتظام لتوضيح الإجراءات المتخذة.
وبعد المناوشات والخلافات بين الدول المصنعة و الدول النامية، تمكنت القمة من ضبط إطار عام مشترك يتم تطبيقه ابتداء من 2024 يراعي ضعف موارد البلدان النامية و الضعيفة التي لا تتمتع بإمكانيات الدول المصنعة. لكن الخبراء لاحظوا أن النص الختامي تخلى عن مبدأين وردا في اتفاق باريس الأول يتعلق بالأخذ بعين الاعتبار الأضرار الناجمة إلى حد الآن في الدول الضعيفة والثاني مبدأ احترام حقوق الإنسان في العمليات القادمة.
ضعف الإرادة السياسية
بالرغم من الإمكانيات الضخمة المتاحة لم تكن الدول المشاركة في مستوى طموحات اللجنة المختصة للأمم المتحدة التي حذرت من التعطيل و التأخير في اتخاذ الإجراءات الحيوية اللازمة و التي سنتها في تقاريرها للحد من ارتفاع الحرارة إلى درجة 1،5. لكن إلى حد قمة كوب 24 سجلت 16 دولة فقط من مجموع 190التزامها بالحد من نسبة الاحتباس الحراري . الالتزامات الحالية للدول الأعضاء تسير في طريق ارتفاع نسبة الحرارة إلى درجة 3،2 في حدود 2100. وذلك بعيد كل البعد عن 1،5 الذي أقرته اللجنة العلمية.
بالنسبة لبعض البلدان الصغيرة ذلك يعني اختفاءها من الخريطة بسبب ارتفاع مستوى المياه. و لم تتمكن هذه الدول من الصمود أمام شراسة موقف الدول البترولية و خاصة المملكة العربية السعودية و الكويت و الولايات المتحدة و روسيا. على العموم أعلنت 50 دولة إلى حد الآن عزمها على نشر مستوى التزاماتها في غضون 2020. و تبقى الطريق طويلة أمام الدول المشاركة للتقيد بدليل التطبيق الجديد.
إلتزامات مالية
وفاء البلدان الغنية بالتزاماتها المتعلقة بالتمويل المناخي، والتي أعلنت عنها خلال مفاوضات سابقة ودرجة قبول البلدان النامية بالمرونة في كيفية قياس التدفقات المالية، سيكون العامل الأساسي في إحراز تقدم في السنوات القادمة. و قد حددت قمة باريس 100 مليار دولار كمساعدات في شكل هبات و قروض تمنح للدول النامية لمساعدتها على المشاركة في العملية بالرغم من أنها لم تشارك في ارتفاع نسبة الحرارة.
ولكن ،وفوق هذا كله، تعتبر منظمات المجتمع المدني المدافعة على الطبيعة و المناخ أن المخاطر المناخية والنظر في استدامة العمل يجب أن تكون جزءاً من النظام المالي العالمي أي من البنوك ومدراء الأصول وشركات التأمين وأسواق المال التي تسهل التعاملات المالية بين الجهات المالية الفاعلة. و يعتبر هارجيت سينغ، المناضل في منظمة «أكشيون أيد إنترناشيونال» أن «الحاجيات تقدر بآلاف المليارات من الدولارات» وليس ب 100 مليار دولار لم تصل لدول الجنوب إلى حد الآن.
يبقى الأمل قائما في توصل المجتمع الدولي إلى ضبط آليات التمويل حتى يسرع النظام المالي الدولي في تدفق الاستثمارات نحو الدول النامية. وتأمل منظمات المجتمع المدني أن تستفيق الدول الأعضاء في «القمة حول المناخ» التي تعقدها الأمم المتحدة .في شهر سبتمبر القادم و أن تبرمج في قمة كوب 25 التي تقرر أن ينظمها الشيلي في العام القادم.