علمية وتنأى عن الايدولوجيا، سواء أكانت تمجيدية أو عدائية. وهنا بالذات يكمن الفرق الشاسع بين من يسلط على موضوعه نظرة « باردة » من الخارج، ومن هو معنيّ مباشرة ووجوديا بذلك الموضوع، رغم التقاء هذا وذاك على صعيد المنهج وأدوات التحليل ». هكذا قدّم الدكتور عبد المجيد الشرفي كتاب «الإسلام السياسي ومفهوم المخاطر» للباحث فريد بن بلقاسم، والصادر حديثا عن «دار الجنوب».
وتحتضن «مكتبة الكتاب» بالعاصمة يوم الخميس 28 مارس 2019 بداية من الساعة الخامسة حفل توقيع هذا الكتاب.
ويأتي كتاب «الإسلام السياسي ومفهوم المخاطر» بتوقيع الدكتور في اختصاص الحضارة فريد بن بلقاسم والأستاذ المساعد بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بجامعة تونس المنار. ويقف كل من المفكر عبد المجيد الشرفي والدكتورة نائلة السليني وراء مراجعة الكتاب في نسخته الأولى.
مزايا الكتاب ومداخل بحثه
ازدادت مكتسبات المكتبة التونسية بصدور كتاب جديد ينضاف إلى سجل الكتب والبحوث التي تتناول قضية الإسلام السياسي. وليس هذا الكتاب الذي يحمل عنوان «الإسلام السياسي ومفهوم المخاطر» لصاحبه فريد بن بلقاسم مجرد بحث في موضوع قديم متجدد على الدوام بل جاء ثريا بالجديد ومحاولا شق طريق غير مألوف في الطرح والمقاربة. وفي هذا السياق يقول الدكتور عبد المجيد الشرفي في تقديم هذا الأثر: «من مزايا هذا الكتاب أنه لم يقتصر على تحليل ما يجمع بين تنظيمات الإسلام السياسي من مرتكزات، بل أتبع هذا التحليل بما سماه الاستجابة للمخاطر. وخلص إلى نتيجة جامعة تقتضي «اجتراح رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار العناصر السياسية والتنموية والأمنية من ناحية وتجديد الفكر الدين والمؤسسات الدينية وإصلاح مناهج التربية والتعليم وتطوير الخطاب الديني في وسائل الإعلام وفي شبكة الأنترنات من ناحية أخرى».
وجاء هذا الكتاب حديث الصدور مبوّبا إلى مدخلين اثنين وقسمين أساسيين الأول يبحث في «مفهوم المخاطر من حيث كونه مفهوما جامعا لجملة من المعاني المتشاكلة وهي أربعة : التحدي والتهديد والخطر ونقاط الضعف».أما الثاني فيهتم بمفهوم الإسلام السياسي من حيث كونه «مفهوما دالا على التنظيمات والحركات التي تقدم أطروحات سياسية، وتشتغل في ساحة الفعل السياسي والاجتماعي مستندة إلى نظرة معينة للدين ووظائفه ومعتمدة على موروث النصوص الإسلامية من قرآن وفقه وحديث...».
الإسلام السياسي ثقافة لا تهزمها إلاّ الثقافة
بعد أن جال الكاتب والباحث فريد بن بلقاسم بعدسة التحليل والتشخيص في مرتكزات المنظومة الإيديولوجية لحركات الإسلام السياسي وتجوّل على قارب التدقيق والتمحيص في طرق الاستجابة لمخاطر الإسلام السياسي... انتهى في نهاية المطاف إلى أن مواجهة حركات الإسلام السياسي تتخذ وجوها عدة منها الأمني والعسكري ، ومنها السياسي ، ومنها الاجتماعي الاقتصادي ومنها الفكري الثقافي... ولكن تبدو المواجهة الفكرية والثقافية ورهاناتها أهم الوجوه وأخطرها حسب صاحب الكتاب وذلك لثلاثة اعتبارات تتلخص في أن هذه الجماعات متوّلدة عن فكر ونابعة من ثقافة، ومرجعياتها ضاربة بجذورها في عمق الثقافة الإسلامية التقليدية الموروثة.. كما أن المواجهة مع الإسلام السياسي هي مواجهة طويلة الأمد لأنها تستهدف خلخة ما استقر في الأذهان والضمائر مقدسا ومتعاليا من الأفكار والقيم ...وثالثا لأن الإسلام السياسي ليس فكرا وإيديولوجيا فقط، وإنما هو فئات اجتماعية أيضا.
وفي خاتمة كتابه، يصل الدكتور فريد بلقاسم إلى محصلة مفادها أن «إلحاق الهزيمة بالإسلام السياسي لا يكون في ساحات المعارك - إذا ما اتجهت بعض حركاته وتنظيماته إلى العنف- فقط، وإنما يكون أولا وقبل كل شيء في ساحة الفكر وفي العقول...»،