للحديث بقية فلسطين من "وعد بلفور" الى "وعد ترامب"

في عام 1917 وجّه وزير الخارجية البريطانية آرثر جيمس بلفور الى أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة

اللورد ليونيل دى روتشيلد رسالة يشير فيها لتأييد حكومة بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وكانت تلك الرسالة أولى نذائر دخول المنطقة في مرحلة من النكبات والنكسات المتتالية بسبب غرس احتلال غريب في قلب فلسطين والعالم العربي . وبعد مضي كل هذه العقود يأتي ترامب ليعطي للصهاينة وعدا آخر بتهجير أهل غزة من سكانها بتعلة إعادة الاعمار .

كما هدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء وقف إطلاق النار في قطاع غزة إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، مشيرا إلى أنه قد يعتبر السبت المقبل موعدا نهائيا، كما لوّح بقطع المساعدات عن الأردن ومصر.
وكرر ترامب تهديداته السابقة بأن "أبواب الجحيم ستفتح إذا لم يعد الرهائن من غزة"، وأضاف أن "حماس ستكتشف ما أعنيه بهذا التهديد". وأوضح أن إسرائيل ستتخذ قرارها، لكنه أضاف: "بالنسبة لي، بعد 12 ظهر السبت أعتقد أن وقف إطلاق النار ينبغي أن ينتهي". وقال ترامب إنه "لا يمكننا الانتظار كل سبت لخروج 2 أو 3 من الرهائن من غزة"، مشيرا إلى أنه شاهد "حالة الرهائن الذين خرجوا السبت الماضي وكانوا في وضع صحي صعب، ولا يمكن الانتظار أكثر".

وفي مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الامريكية قال الرئيس الأمريكي إن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة إلى قطاع غزة، بموجب خطته، التي تقضي بـ"استيلاء" الولايات المتحدة على القطاع الفلسطيني. فتصريحات ترامب التي لم يكن يحلم بها نتنياهو واللوبي الصهيوني ، تتجاوز ليس فقط القوانين الدولية ومواثيق حقوق الانسان بل معادلات التاريخ والجغرافيا والحق الإنساني الفلسطيني .
فترامب صرح بما لم يتجرأ على قوله نتنياهو الذي اضطر للخضوع لوقف اطلاق النار على مضض بضغوط داخلية وخارجية.
وتمارس الإدارة البيضاوية الجديدة اليوم كافة أشكال الضغوط على مختلف المستويات مع الدول المعنية بالقرار لاستقبال النازحين الفلسطينيين . ويسعى ترامب الى ان يحقق بالقوة الدبلوماسية وبالضغوط السياسية والاقتصادية ما عجز عن تحقيقه نتنياهو بقوة السلاح.
صحيح ان الرد جاء واضحا من دول عربية وإقليمية من خلال الإعلان الرسمي عن رفض الخطة ، ولكن هذا لا يخفى ان المنطقة مع عودة ترامب ستواجه المزيد من الضغوط من أجل تأمين أكبر قدر من المصالح التي تخدم "إسرائيل" بالدرجة الأولى .
في عهدته الأولى فرض ترامب صفقة القرن او الاتفاقات الابراهيمية على عدة دول ، وفيما تتكثف الضغوط على الرياض لإلحاقها بقطار التطبيع الصهيوني ، جاء مقترح ترامب بنقل الفلسطينيين الى المملكة ليزيد من تعقيدات المشهد . فاليوم يأتي ترامب وأمامه مشروع صهيو -أمريكي سيكرس عهدته الجديدة لتنفيذه ، وهو يتجاوز مسألة التطبيع العربي الى حرمان الفلسطينيين من وطنهم ومن إقامة دولتهم المستقلة .
واليوم في خضم المرحلة الراهنة ، يبدو ان أهم تحد أمام الفلسطينيين هو تمسكهم بحقهم في أرضهم ولعل هذه الرسالة عبرت عنها بوضوح الحشود العائدة الى غزة بعد انسحاب جيش الاحتلال من معبر نتساريم. فهذه الحشود قالت رسالتها لترامب وللعالم بانها تقبل العودة الى ركام غزة ودمار منازلها ولا تقبل ان تعيش في مخيمات آمنة في أي بلد آخر، فما عايشه الفلسطينيون منذ نكبة 48 لا يمكن ان تعيشه الأجيال الفلسطينية الجديدة المتشبثة بحلم وطن وبظلال زيتونة وارفة تقيهم شر التهجير ومعاناة الحرمان والابعاد عن وطنهم التاريخي .
اليوم تشهد دماء الشهداء في غزة على حق كل فلسطيني في الوجود على أرضه . ولعل الدور الأهم على الدول العربية التي تخضع اليوم لضغوط التطبيع والتهجير يتمثل بدعم الوحدة الفلسطينية وتعزيز الجبهة الداخلية في وجه أية مخططات ترامبية قادمة . فالمنطقة اليوم لا تتحمل نكبة أخرى ويجب أن تدرك شعوبها ان القادم سيكون أخطر وان معارك التحرير الوطني وحدها تحمي الأوطان والأرض وتضع حدا لسيل أحلام ترامب وحلفائه الصهاينة القادمين باستعمارهم الجديد -القديم .

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115