مخرج سلسلة "سلّة سلّة" محمد علي ميهوب لـ"المغرب": نتطرق إلى ثقافة الغذاء عبر دراما تجمع بين المنفعة والمتعة

يقول المثل "الطبّاخ الجيّد مثل الساحرة التي توّزع السعادة". ولعلّ المخرج الجيّد هو مثل الساحر

الذي ينشر المتعة ويقدّم الإفادة. وقد يزداد هذا التحدي صعوبة إذا وجد المخرج نفسه أمام مغامرة فنية تستوجب الجمع بين التوعية في مجال الطبخ والغذاء وبين تقديم عمل درامي قائم بذاته... وتقترح سلسلة "سلّة سلّة" هذه المقاربة غير المعتادة على شاشة الدراما في إخراج لمحمد علي ميهوب وسيناريو لحاتم بلحاج وإنتاج الفاضل بن عمار.

لأوّل مرة خارج الموسم الدرامي الرمضاني، تنطلق القناتين الأولى والثانية بداية من يوم 20 جانفي الجاري في بث السلسلة الجديدة "سلّة سلّة" من الاثنين إلى الجمعة بداية من الساعة التاسعة مساء. وتمتد حلقات هذه السلسلة على 16 حلقة بمعدل حوالي 20 دقيقة للحلقة الواحدة.

دراما وأحداث ورسائل توعية ضمنية

كثيرا ما نردّد في مطابخنا عن أطباقنا مصطلح "سلّة سلّة" في إشارة إلى الأكلات التي تطبخ على مهل حتى تكون صحية أكثر وعلى قدر أكبر من اللذة. وقد يقترب هذا التفسير من عوالم سلسلة "سلّة سلّة" التي تتقاطع فيها القصة الدرامية مع الثقافة الغذائية. ويعتبر الطعام وجها من أوجه الثقافات وملامح الحضارات، فمنذ العصور القديمة كان الناس من مختلف الثقافات يتبادلون عبر قوافل التجارة السلع الغذائية ومكونات المائدة... ونظرا للأبعاد السيميائية والسيميولوجية والأنثروبولوجية لثقافة الطعام، فقد كتب فيها عديد العلماء على غرار ابن الجزار وابن رشد وكلود ليفي ستروس والجاحظ وابن إسحاق...
من الممكن الحديث عن الغذاء في مناهج البحث أو في برنامج مختص أو في فيلم وثائقي... لكن من الصعب التطرق إلى ثقافة الطعام في عمل درامي بالأساس. وفي هذا السياق تأتي سلسلة "سلّة سلّة" لتخوض هذه المغامرة في محاولة لتحقيق المنفعة والمتعة في الوقت نفسه.
وعن تجربة إخراج سلسلة "سلّة سلّة" وتحدياتها، قال المخرج محمد علي ميهوب صاحب سلسلة "كابتن ماجد" و"دار نانا" وغيرها من الأعمال التلفزية والسينمائية في تصريح لـ "المغرب": لم يكن من اليسير الاعتماد على موضوع الغذاء كدعامة أساسية في عمل درامي. كما لم يكن من السهل تقديم رسائل توعية للمتفرجين في سياق أحداث درامية، فكان علينا التسلح بالكثير من الفطنة والحرفة في تمرير هذه الرسائل بصفة ضمنية دون أن ننصب أنفسنا أوصياء على الجمهور. إنّ المشاهد لا يحتاج منّا دروسا بل عملا فنيا يحترم عقله ويدفعه للتساؤل وللتفكير..."

منزل ومطعم ولقاء أجيال

في "سلّة سلّة" تلتقي تركيبة عائلية طريفة غير مألوفة في المجتمع التونسي حيث يلتقي أزواج انفصلوا بالطلاق للعيش في المنزل نفسه ولكل منهما عائلة جديدة. يجتمع سكان هذا المنزل حول مائدة الطعام كرمزية للتواصل وللحوار وكقادح للتطرق إلى موضوع الغذاء وعادات الأكل... على الضفة الأخرى من هذه السلسلة يكون مطعم تم غلقه لأسباب صحية هو مسرح الأحداث خاصة بعد إعادة فتحه مع تغيير مواصفاته وأطباقه... ولأنّ الطعام هو ثقافة كاملة تترافد فيها الأبعاد النفسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية، تنبش سلسلة " سلة سلة" في باطن الشخصيات التي تختلف رؤاها حول الغذاء باختلاف تكوينها الثقافي ومستوياتها الاقتصادية والاجتماعية...
تنبش سلسلة "سلّة سلّة" في الموروث الغذائي في تثمين لهذه الثقافة الثرية وفي توعية بإمكانية الاستمتاع بأكلة صحية دون أن تكون الكلفة عالية. كما يتطرق هذا العمل الدرامي إلى عدة قضايا أخرى على غرار الصراع بين الأجيال وقيمة الحب... من أجل طرح عدة تساؤلات حول نمط العيش في المجتمعات المعاصرة.
يشارك في تجسيد أحداث سلسلة "سلّة سلّة" ثلة من أبرز الأسماء على غرار الشاذلي العرفاوي وعبد المنعم شويات ونجلاء بن عبد الله وسميرة المڨرون وغانم الزرلي وجهاد الشارني ... وعن معايير "كاستينغ" الممثلين، أكد المخرج محمد علي ميهوب أن الاختيار تم وفقا على السيناريو التي يتطلب وجود شخصيات تنمي إلى أوساط ثقافية واجتماعية معيّنة. وأيضا على أساس مواصفات ممثلين مشهود لهم بالكفاءة وبالجاذبية أمام الكاميرا .
في مختلف أعماله السابقة، يولي محمد علي ميهوب عناية خاصة بفضاء التصوير حتى يكون ملائما لمناخات القصة ولطبيعة الشخصيات ... وفي عمله الجديد "سلّة سلّة" اختار بدقة فضاءات التصوير التي تتمثل أساسا في منزل عتيق يحمل ملامح العمارة الفرنسية ومطعم يعود تاريخه إلى 70 سنة. وقد أكد المخرج أن اختياره لمنزل مجاور للبحر يحيل إلى ثقافة حوض البحر الأبيض المتوسط التي تتقاطع في عديد الوجوه ومنها عادات الأكل وطقوس الغذاء.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115