يصنعون مشهد ثقافي متنوّع يحترم كل الاذواق وينتصر للحق في الاختلاف، للعام الثالث يصنع مركز الفنون الركحية والدرامية سليانة الحدث من خلال دفاعه عن انجاز تظاهرة "المسرح والمجتمع" والتاكيد على تنوع الانشطة وجلب اجود العروض المسرحية والموسيقية رغم كل المصاعب المالية والإدارية للمراكز تصنع خلية النحل الصغيرة الاختلاف وتدافع عن ابناء سليانة في الفرجة.
المسرح والمجتمع تجربة مميزة، ليست تظاهرة بالمعنى الكلاسيكي بل فكرة متمردة تذهب الى المتفرج وتحاول تاسيس ثقافة الفرجة المسرحية الموسيقية، من خلالها يتم التعريف بموسيقيين شباب وانماط فنية مختلفة وتتوجه العروض الى شرائح اجتماعية وفكرية متباينة، في النهاية تبحث العروض عن انسانية الانسان وتدافع حقيقة عن حق المواطن في الداخل فير الحصول على مادة ثقافية حقيقية ومميزة.
تنتصر التظاهرة الى المقاومة في معناها الشمولي، فهي تقاوم فكرة التصحر الثقافي، تقاوم مبدا المركزية والبيروقراطية وتقاوم صعوبة الوصول الى المسارح او القاعات لبعض الناس، وهذه الدورة مميزة لانها تنتصر الى المقاومة الفلسطينية تحت شعار "في معنى المقاومة انه انسان يقول لان ولئن رفض فانه لا يتخلّى" وتزينت معلقة المهرجان برموز الكوفية الفلسطينية ولونيها الابيض والاسود، وتضمنت البرمجة عرض "مونولوجات غزة" بإنتاج مشترك بين “مسرح عشتار” في رام الله و”مسرح الحمراء” في تونس، ويضمّ مجموعة شهادات كتبها أطفال فلسطينيون عام 2010، بين الرابعة عشرة والثامنة عشرة، حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة سنة 2008
تظاهرة المسرح والمجتمع انطلقت في سليانة من 21 جوان واختتمت مساء 26جوان، انفتحت على فنون ادائية مختلفة، وقدمت للجمهور باقة من العروض الموسيقية والمسرحية المناصرة لفكرة المقاومة، امام جمهور سليانة غنت لبنى نعمان للوطن والمرأة، وصدح صوت البحث الموسيقي عاليا ضد كل اشكال التمييز، للجمهور قدمت عروض "قطيع" اخراج حمادي المزي و"ثقوب سوداء" اخراج عماد المي و"شعلة" اخراج امينة الدشراوي، بالإضافة الى التربصات والورشات فالمهرجان فرصة للدفاع عن مادة ثقافية متنوعة.
المسرح والمجتمع تجربة ثقافية وحقوقية اطفأت شمعتها الثالثة، تدافع عن الحق في الثقافة وتهدف لترسيخ ثقافة جماهيرية اساسها المسرح فـ "المسرح شكل من اشكال الاتصال الجماهيري واحد الفنون الادبية والادائية الذي يعتمد اساسا على ترسيخ الافكار في ذهن الجمهور ونشري الوعي والنهضة الاجتماعية والفكرية وهو من التشكيلات التي تكون الراي العام ومظهر من مظاهر الفضاء العمومي و المسرح قوة مؤثرة في التاريخ" حسب مدير مركز الفنون الركحية سليانة.
المسرح والمجتمع تظاهرة مختلفة في فلسفتها ومنذ الدورة الاولى يعمل المشرفين عليها على تحقيق اهدافها وترسيخ ثقافة الفرجة، ونجحت التظاهرة منذ دورتها الثانية في كسب قاعدة جماهيرية، واصبح للعروض الخارجية روادها ولعروض القاعة جمهور يحترم الفرجة في المسرح، واضيف للدورة الحالية نقاش العروض المسرحية لتأسيس لبنة اخرى للحوار النقدي والتشاركية الفكرية.
المهرجان مشروع مجتمعي يحترم المتفرج ويبحث لجعل المسرح حاجة ضرورية في حياة الناس، المسرح يشجع على التفكير واعمال العقل ومن خلاله يمكن بناء لبنة اولى للحوار والبناء والتاسيس لثقافة بديلة لان الثقافة سلاح حقيقي للتغيير، ومن خلال الثقافة يمكن تغيير العقلية الجماعية ومنها تغيير صورة المجتمع والمدينة.
يصنع مركز الفنون الركحية والدرامية سليانة الحدث منذ تاسيسه، يعمل في تظاهراته على الاختلاف وتطبيق معنى "اللامركزية" وهو الهدف الاساسي لبعث هذه المراكز، واسس مركز سليانة لتظاهرات نوعية تهتم بالكتابة واخرى موجهة لانماط موسيقية بديلة، كما دافع في برمجته عن اطفال الارياف ضمن تظاهرة "المسلك المسرحي" التظاهرة الجادة والتي تحمل فنون الفرجة الى الطفل وبفضلها تحولت المدارس الابتدائية الى فضاءات ثقافية مفتوحة تحتضن ابداعات الاطفال واحلامهم، مع ورشات دورية ودائمة في فن الممثل موجهة للجميع، وللكهول تظاهرة "المسرح والمجتمع" فالمركز يعمل بامكانياته القليلة لانتاج مادة ثقافية وافكار تحترم عقل المتفرج وتدافع عن حق ابناء الداخل في كل تلوينات الابداع والحياة.
مركز الفنون الركحية بسليانة من الفضاءات الناشطة والفاعلة في كامل الولاية ويشعّ عمله على فضاءات بديلة مثل المصانع والمستشفيات والمواقع الاثرية والمؤسسات التربوية، يعمل المركز رغم قلة الدعم المرصود والمشاكل الادارية وغياب القوانين المنظمة لعمل المراكز، يصنعون الفرجة ويؤسسون لثقافة بديلة تحترم حق الانسان في الثقافة.