الذي رصد وضعيةحقوق الإنسان في 2023 . وذكر التقرير أوضاع حقوق الإنسان في مختلف دول العالم مع تركيز الأمينة العامة للمنظمة أنياس كالامار في افتتاحية التقرير على الوضع في غزة.
ووثق التقرير بواعث القلق في مختلف أنحاء العالم مركزا على تصاعد الممارسات "السلطوية" في الدول الديمقراطية والرجوع إلى الوضع الذي كان سائدا قبل سقوط جدار برلين و قبل خروج الزعيم نيلسون مانديلا من السجن. وذكر التقرير أن المنظمة تشهد عالما تتفاقم أوضاعه بمرور الوقت، وهو يتراجع بوتيرة سريعة "إلى أوضاع ما قبل الوعد المعلن في 1948 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بإعمال حقوق الإنسان على مستوى عالمي يشمل الجميع. وأشار التقرير إلى خطورة المستقبل الذي "تهيمن عليه شركات التكنولوجيا العملاقة ويخيم عليه الذكاء الاصطناعي التوليدي غير المنظم".واعتبرت المنظمة أن التكنولوجياالحديثة "تسهل السبل أمام اهدار الحقوق على نحو شامل" مثل تنفيذ السياسات العنصرية وانتشار المعلومات المغلوطة و تقييد حريات التعبير ولجوء الحكومات إلى تكنولوجيا التعرف على الوجه لفرض رقابة الشرطة على الأشخاص و الجماعات من المهاجرين واللاجئين، واستخدام برمجيات التجسس غير الخاضعة للتنظيم على نحو كبير.
وركز التقرير على انتهاكات حقوق الإنسان في مواقع الحرب في العالم وخاصة في أوكرانيا من قبل الجيش الروسي. وندد بظاهرة الممارسات "السلطوية" في البلدان الديمقراطية التي أخذت منهجا جديدا في الحد من حريتي التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. وأشار إلى تفاقم ظاهرة الخطاب العنصري ضد المهاجرين واللاجئين والجماعات المهمشة وتلك المصنفة بالانتماء إلى عرق معين.
انتقادات حادة لفرنسا
و عبرت المنظمة عن قلقها إزاءظاهرة انتهاك حرية التظاهر في فرنسا،والتي تتمثل في قمع المسيرات الشعبية ضد إصلاح نظام التقاعد مطلع السنة الماضية ، والمسيرات الداعمة لفلسطين على ضوء الحرب الإسرائيلية الدامية على قطاع غزة . وذكر التقرير أن السلطات لجأت إلى "القوة التعسفية والوحشية" بحجة "الحفاظ على النظام العام". واستنكرت منظمة العفو الدولية في هذا السياق "عمليات تفكيك وتفريق" عنيفة للتجمعات وضرب عشوائي للمتظاهرين خاصة في المظاهرات التي جدت في مدن عدة في فرنسا على إثر مقتل الشاب نائل ذو الأصول الجزائرية. ونددت المنظمة ب"إفلات أفراد الشرطة من العقاب" والاستخدام المفرط للقوة.
وأشارت المنظمة كذلك إلى أن قانون الهجرة الجديد "تمييزي ومعاد للأجانب" واعترضت علىاستخدام قانون حجب "تمجيد الإرهاب" في الحد من حرية التعبير.واستنكرت المنظمة الهجمات "ذات طبيعة عنصرية" ضد المساجد والمعابد اليهودية والمقابر في فرنسا واستخدام الخطاب العنصري ضد المسلمين.
حملة عقاب جماعي في غزة
وجاء في افتتاحية تقرير منظمة العفو الدولية بقلم الأمينة العامة أنياس كالامارأن عام 2023 كان أشبه بفترة ما قبل 1948."ففي أعقاب الجرائم البشعة التي ارتكبتها حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، حينما قتل أكثر من 1000 شخص، معظمهم من المدنيين الإسرائيليين، وأصيب الآلاف الآخرونوأخذ حوالي 245 شخص كرهائن أو أسرى، شنت إسرائيل حملة انتقامية تحولت إلى حملة عقاب جماعي، وشملت شن عمليات قصف متعمدة وعشوائية على المدنيين ومنشآت البنية التحتية المدنية، ومنع وصول المساعدات الإنسانيةو تدبير المجاعة".
وذكرت المنظمة أنه في نهاية 2023 "لقي 21,600 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، مصرعهم في خضم القصف المتواصل لغزة، مع الآلاف الآخرين في عداد المفقودين الذين يعتقد أنهم عالقون تحت الأنقاض بينما نزح 1،9 مليون فلسطيني داخليا وحرموا من أي سبيل للحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى ومرافق الصرف الصحي والمساعدات الطبية".
"نسخة أخرى من نكبة 1948"
وكتبت أنياس كالامار "أن تكون فلسطينيا داخل غزة اليوم يعني أن تعيش نسخة أخرى من نكبة 1948، حينما تعرض أكثرمن 750،000 للتهجير القسري، ولكنها نسخة أشد عنفا ودمارا." ونوهت بخروج الملايين من المتظاهرين حول العالم للاحتجاج على مقتل المدنيين والدعوة إلى إطلاق سراح الرهائن والمطالبة بوقف اطلاق النار وذلك بالرغم من الموقف الحازم للأمين العام للأمم المتحدة و رؤساء الوكالات التابعة لها و المنظمات الإنسانية وهي "خطوات غير مسبوقة لإدانة جرائم الحرب المرتكبة في جنوب إسرائيل وفي غزة ودعوة إسرائيل إلى احترام القانون الدولي.
"فشل أخلاقي ذريع"
وذهبت منظمة العفو الدولية إلى أبعد مما كانت تقوله في السابق حول الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية حيث اعتبرت أن "في نظر الملايين حول العالم، تمثل غزة في القوت الحالي فشلا أخلاقيا ذريعا يتحمله الكثير من مصممي نظام ما بعد الحرب العلمية الثانية، وفشلا في ضمان الالتزام المطلق بشمولية حقوق الإنسان وباحترام انسانيتنا المشتركة وضمان التزامنا بما أعلن تحت شعار "أبدا بعد اليوم". فقد نكث بالمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جينيف واتفاقيات منع جريمة الإبادة الجماعية والعاقبة عليها والقانون الدولي لحقوق الإنسان".
وتحمل المنظمة الحقوقية المسؤولية للسلطات الإسرائيلية. "إلا أن الأمر لا يقتصر على إسرائيل فقط، فقد كان للولايات المتحدة الأمريكية دور رئيسي أيضا في ذلك، وكذلك بعض قادة دول أوروبا و قيادات الإتحاد الأوروبي، إلى جانب كل من يواصل ارسال الأسلحة إلى إسرائيل، وكل من لم يدن الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بلا هوادة وكل من يرفض الدعوات المنادية بوقف إطلاق النار." واعتبرت المنظمة أم ذلك يشكل مثلا على ازدواجية المعايير التي لطالما نددت بها العفو الدولية. وإن تعتبر المنظمة أنها قامت بما هو ممكن لإيقاف المجزرة في غزة بدون نجاح فإنها تعول على الجماهير الشعبية التي تتظاهر يوميا في كل أنحاء العالم للتأثير على حكوماتها من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.