دون وجود أفق لهدنة قريب أو وقف لإطلاق النار ، في وقت تعيش فيه حكومة الإحتلال حالة استنفار حيث بحث مجلس الأمن القومي للاحتلال الإسرائيلي ، سبل مواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي . وتأتي هذه المخاوف داخل إسرائيل بسبب تغير المواقف الدولية من الحرب التي تشنها ضد القطاع منذ أشهر ، ماجعلها تخشى الدخول في عزلة دولية في ظل عدم التزامها بالدعوات الدولية والقرارات الأممية لوقف الحرب.
وفي ظل المخاوف الدولية المتزايدة من المخطط الإسرائيلي لاجتياح رفح ،يتهم الفلسطينيون ومؤسسات حقوقية محلية ودولية هؤلاء القادة وغيرهم بارتكاب "جرائم حرب"، خلال الحرب المدمرة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن "مناقشة سرية" جرت في مجلس الأمن القومي "تمهيدا لاحتمال صدور مذكرات اعتقال دولية خلال الأيام المقبلة بحق مسؤولين كبار في إسرائيل" .
وأضافت: "بحسب المعلومات والمؤشرات المتوفرة لدى كبار المسؤولين في إسرائيل، يوجد احتمال أن تُوجه المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي الهولندية أوامر اعتقال لنتنياهو وغالانت وهاليفي".والمحكمة الجنائية ومحكمة العدل تابعتان للأمم المتحدة، لكن بينما تلاحق الجنائية الأفراد، تفصل العدل في النزاعات بين الدول، وهي تنظر بالفعل، وللمرة الأولى، في دعوى تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية بغزة.
وأوضحت نفس المصادر أنه ضمن المناقشة جرى إقرار إجراءات فورية يتعين على إسرائيل اتخاذها لمواجهة هذه الخطوة المحتملة، بينها "شن حملة سياسية" على المستوى الدولي ضدها.وأفادت بأن نتنياهو سيجري في هذا الشأن محادثات مع مسؤولين من دول أوروبية، بينها هولندا والنمسا.
ونقلت قناة إسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين (لم تسمهم) قولهم إنه في حال احتمال صدور مذكرات اعتقال دولية "ستعيد هذه الخطوة إلى الأذهان الإجراءات المتخذة ضد روسيا ورئيسها (فلاديمير) بوتين"على خلفية الحرب ضد أوكرانيا منذ فيفري 2022.وتابع المسؤولون أنه من المتوقع أن تركز المحكمة الجنائية الدولية في مذكرات الاعتقال على "صناع السياسة (في إسرائيل) وليس صغار الجنود".ومن المتوقع أن يعقد المجلس المصغر للشؤون السياسية والأمنية في إسرائيل (الكابينت) اجتماعا ، يُتوقع أن يتطرق إلى مسألة مذكرات الاعتقال المحتملة وفق تقارير إعلامية.
ماذا يعني إطالة أمد الحرب؟
من جهته قال الكاتب فراس ياغي لـ''المغرب'' ''أن رئيس هيئة الأركان "هيرتسي هاليفي" يحاول جهده لتبرير الهزائم تلو الهزائم التي يتعرض لها جيشه في قطاع غزة، رغم كل الدمار والإجرام الذي مارسه خلال ستة اشهر ونيف من حرب الإبادة.
وتابع ''يتضح أن الغالبية العظمى ممن يقرأون ما حدث خلال الستة أشهر الماضية وفقا للمنظور الإستراتيجي السياسي والعسكري، وليس وفقا لما أحدثه الجيش الإسرائيلي من كارثة فوق كارثة، لذلك يرى "نداف" أن إسرائيل كانت ترغب في إستعادة قوة الردع، والقضاء على حماس، وتحرير الأسرى المحتجزين في غزة، ولكن لم يتم تحقيق أيٍ من هذه الأهداف".
وأضاف ياغي ''كان وقع الأثر كبير لانسحاب الفرقة '98" من "خانيونس" كونه فاجأ الكثير من المحلليين العسكريين، كون أن الأهداف الإسرائيلية الأساسية وفق "عاموس هارئيل- لم تتحقق"، وقد كتب "هارئيل" في جريدة "هآرتس" بتاريخ 8 أفريل أن "هدفي الجيش الإسرائيلي هما القبض على كبار مسؤولي حماس في غزة وإنقاذ الأسرى المحتجزين لدى المقاومة"، ويرى "هارئيل" وهو المحلل العسكري لِ جريدة "هآرتس" أنه "يجب ان يقال للجمهور الحقيقة: أن الموت الهائل والدمار الذي يتركه الجيش الإسرائيلي وراءه في غزة، إلى جانب الخسائر القليلة من جانبنا، لا يقربنا حاليا من تحقيق أهداف الحرب" وفق تعبيره.
وأكد محدثنا ""اما مفهوم وعامل "الزمن" كما يراه رئيس هيئة الأركان "هاليفي" بإعتباره عامل "إنتصار"، فيراه غيره عامل هزيمة، بل يؤكد على فشل كبير وإستراتيجي للجيش الإسرائيلي عسكريا، عكس نفسه بالضرورة فشل كبير سياسي لِ "نتنياهو" رئيس وزراء إسرائيل وحكومته اليمينية ، أما ما يمكن قوله بعد ستة أشهر من الإبادة، فإن "زمن" رئيس هيئة الأركان "هاليفي" لم يشكل عامل "إنتصار" بقدر ما أصبح يشكل مخاطر إستراتيجية على "إسرائيل"، حيث جبهة الشمال وتأثيراتها وضغطها على الداخل الإسرائيلي من دمار ونزوح، وحصار "أنصار الله -اليمن" "لإسرائيل" لأول مرة في البحر الأحمر الذي تعتبره جزءا من فضائها الأمني وعكس ذلك على الوضع الإقتصادي لدولة إسرائيل وعلى الواقع الأمني الجديد في المنطقة وبالذات لما كان يُعد له بتحويل "البحر الأحمر" إلى بحيرة أمنية "أمريكية-إسرائيلية"، ووصول الطائرات المسيرة من "العراق" إلى مدينة "إيلات" بعد أن كانت مدينة آمنة، وأخيرا إنتظار الرد "الإيراني" الذي يرعب ليس "إسرائيل" وحدها وإنما "أمريكا" والمنطقة ككل، مما إستدعى هرولة سريعة لحضور قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال "إريك كوريلا" إلى إسرائيل للتنسيق بشأن الرد الإنتقامي "الإيراني" المحتمل، وهذا يشير بوضوح إلى أن كل ثانية من "زمن-هاليفي" أصبحت تعاكس نظرة "الإنتصار" التي يتبجح فيها، أو يحاول التغطية من خلالها على الفشل الكبير لكل مفاهيم العمل العسكري والسياسي، وأن "زمنه" قد يحول كل المنطقة إلى كتلة نار ملتهبة'' على حد تعبيره.
وتابع ''لكن "زمن" رئيس هيئة الأركان "هاليفي" نجح بامتياز في جرائم الحرب والسلوك الإجرامي عبر الإبادة والتطهير العرقي وعملية التدمير الممنهجة التي مورست في "غزة"، إلى درجة أنه يستحق جائزة أكبر مجرم حرب. فمفهوم "الزمن" عند جنرالات الجيش الإسرائيلي وسياسييه وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو"، هو عملية بلا نهاية، لأنه يحق لٍ "إسرائيل" ما لا يحق إلى غيرها، فهي محمية "أمريكية" يُسمح لها بأن تكون فوق القانون تعمل ما تُريد دون حسيب او رقيب، لكن هذا "الزمن" تغير، بل إنقلب على مُريديه وصانعيه، وأصبحت "إسرائيل" تحاكم في "محكمة العدل الدولية"، بتهمة "الإبادة" و"التطهير العرقي"، بل أصبحت كلمة "إسرائيل" ترادف مصطلح "جرائم الحرب" في كل أنحاء العالم ''.
وأضاف ''صحيح أن "إسرائيل" اليمينية الدينية المتطرفة تحاول استغلال هذا "الزمن" في "الضفة الغربية" حيث الوضع خطير جدا، كما يحدث في مناطق "جيم"، حيث تم تهجير أكثر من 25 تجمعا بدويا، ووضع "141" بوابة تعزل القرى عن مدنها، وتعزل المدن عن بعضها البعض، في محاولة واضحة إلى خلق "كانتونات" بلا تواصل جغرافي، عدا عن مصادرة الأراضي والإستيطان وإنشاء بنية تحتية من شبكات الطرق والمياه والكهرباء، وربط مستوطنات بعضها ببعض، ولكن كل هذا ليس بسبب تداعيات السابع من أكتوبر/تشرين، وإنما وفقا إلى برنامج معد سلفا ومرصودٌ له ميزانيات كبيرة من قبل حكومة اليمين الدينية، والتي تنتهج سياسة وخطة "الحسم" التي وضعها الوزير المتطرف "سموتريتش"، وليس وفقا إلى "زمن" "هاليفي".
وتابع ''طول الحرب ومحاولة إستغلال "الزمن" الذي يريده رئيس هيئة الأركان "هاليفي" في محاولة إلى خلق واقع امني ديموغرافي وجغرافي جديد في قطاع "غزة" هو جزء من الأهداف وضمن الرؤيا الأمنية، وهذا يعني استمرار حرب العصابات وتحويل الحرب إلى حرب إستنزاف كما يحدث الآن، وعلى المدى البعيد فإن هذا لا يخدم المصالح الإسرائيلية في الأمن والإستقرار والإزدهار، قد تكون "إسرائيل" قد تعودت على مفهوم "إحتلال خمس نجوم" في "الضفة الغربية" بسبب من واقع سياسي قيادي فلسطيني عاجز ومتردي، ولكن في "غزة" فالأمر سيكون كما "الزنة" أو كما أسموه "كمين الأبرار"، وليس كما "كمين البناشر" في "الضفة"، لذلك ستكون الأثمان المدفوعة أكبر بكثير من القدرة على تحملها، وهذا سينعكس بالتأكيد على مجمل القضية الفلسطينية، فنتنياهو وضباط قيادات الجيش اليمينيين عالقون في غزة، ووضعوا كل دولة إسرائيل في أزمات في الإقليم وفي المجتمع الدولي وفي داخلها، وسوف تتعمق تلك الأزمات كلما طالت مدة الحرب، وحدها الضفة قد تضيع إذا بقيت تعمل بالطريقة المرتهنة للسياسة الأمريكية، لكن أعتقد أن "زمن" رئيس هيئة الأركان "هاليفي" سينقذ ضياع الضفة والقدس لأن "غزة" حاضرة وهي من ستحسم ذاك "الزمن '' وفق تعبيره.
مخاوف من تصعيد في رفح
ميدانيا قصفت إسرائيل أمس الخميس عدة مناطق في قطاع غزة من بينها مدينة رفح المكتظة بالنازحين حيث يستعد الجيش لعملية برية في حربه ضد حماس، رغم تحذيرات من المجتمع الدولي وخاصة الحليف الأمريكي.
يأتي ذلك غداة نشر الحركة الإسلامية الفلسطينية شريط فيديو الأربعاء يظهر أحد الرهائن الذين خطفوا خلال الهجوم غير المسبوق الذي نفذته في 7 أكتوبر على الأراضي الإسرائيلية والذي أدى إلى اندلاع الحرب في قطاع غزة.وأضاف أن طائرة "قضت على خلية من القناصة" في منطقة مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.وذكر شهود عيان أن قتالا دار بين القوات الإسرائيلية ومقاتلين فلسطينيين في شمال هذا المخيم.
ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو منذ أسابيع أن الجيش سيهاجم مدينة رفح الواقعة في الطرف الجنوبي من قطاع غزة والتي تكتظ بأكثر من 1,5 مليون شخص، غالبيتهم نازحون، مشيرا الى أنها المعقل الأخير لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال المتحدث باسم الحكومة ديفيد مينسر في مؤتمر صحافي الأربعاء أن "إسرائيل ستمضي قدما في عمليتها لاستهداف حماس في رفح"، مضيفا "الكتائب الأربع المتبقية في رفح لا يمكن أن تكون محمية من إسرائيل، سنهاجمها".من جانبها، قالت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤولين مصريين إن إسرائيل تستعد لنقل المدنيين من رفح إلى مدينة خان يونس القريبة حيث تخطط لإقامة ملاجئ ومراكز لتوزيع الغذاء.
وقال هؤلاء المسؤولون إن عملية إجلاء المدنيين في غزة ستستمر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع وسيتم تنفيذها بالتنسيق مع الولايات المتحدة ومصر ودول عربية أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة.