ينتشي معها القلب وتخزن الذاكرة العديد من المشاهد لتحولها إلى كلمات تتغنى بكل المشاعر الانسانية الصادقة، الموسيقى حديث الروح وصدى لتردد ذبذبات الصدق داخل الانسان والموسيقى التصويرية في الاعمال الدرامية اصبحت بمثابة السيناريو الموازي تختار بدقة لمجارات الحدث الدرامي والتعبير عما تعيشه الشخصيات من متناقضات عاطفية وانسانية.
نجحت الاعمال الدرامية الرمضانية التونسية في ترسيخ اغان ومقطوعات موسيقية مميزة وتختلف حسب العمل ونوعه، تراوحت الموسيقات بين البدوي التونسي وفن الراب وايقاعات عالمية لها سحرها الخاص وباتت الموسيقى التصويرية تعبيرة فنية منفلتة قد ترسخ احيانا اكثر من شخصيات المسلسل واحداثه.
الموسيقى التصويرية سيناريو مواز يكتبه موسيقي مهتم بتفاصيل النوتة ويعمل على مدى تاثيرها في المتلقي انطلاقا من احداث العمل وتركيبة شخصياته ، يرافقها في لحظات الفرح والحب ويحول تلك المشاعر الى لغة لا تحتاج كلمات حتى تخترق قلب المتلقي وتجبره على الإنصات والمتعة وكثيرا ما تبقى الاغنية او الموسيقى تردد كثيرا بعد نهاية العمل والموسم الدرامي الرمضاني.
في دراما 2024 حققت اغنية "جنجون" في مسلسل "فلوجة" اخراج سوسن الجمني اعلى نسب مشاهدة على "اليوتيوب"، اغنية "يا عينيا" التي رثى من خلالها "يعقوب" الاستاذة "نور" في المسلسل، اغنية انتصرت للحب ودافعت عن حق المهمشين في عشق يشبه طموحهم واختلافهم وصنعت الاغنية نجوميتها وحظيت بنسب مشاهدة مرتفعة تعتبر الاكثر مقارنة ببقية الاعمال، الاغنية جسدت وجع الفراق وامل اللقاء في الوقت ذاته ونجح مغني الراب "جنجون" في ملاعبة مشاعر متابعي العمل والمهتمين بفن الراب عموما.
الموسيقى التصويرية مزيج من المشاعر ومحاولة اختزال للأحداث في اغنية او مقطوعة موسيقية ومسلسل "باب الرزق" ابدعت مجموعة الدبو في كتابة الموسيقى التصويرية للعمل، اعتمدت المجموعة على الايقاعات البدوية التونسية تماهيا مع فضاء احداث المسلسل مع بعض مقطوعات الجاز التي انسجمت مع مشاعر الشخصيات من سكان المدينة والعاملين فيها، "الدبو" وموسيقاهم المميزة التي نقلت مشاعر الخوف والحب وجسدت لحظات الموت والفاجعة بكل حرفية، موسيقى لها جماليتها وكانت من نقاط القوة في العمل، و"الدبو" من المجموعات الموسيقية المشتغلة على فن الهيب هوب ومزجه بالمزود التونسي ولهم نجاحاتهم الفنية وابداعاتهم الموسيقية المدافعة عن التراث والمجددة في الموسيقى.
كما عمل كاتب سيناريو العمل على إحياء الموروث الموسيقي التونسي وتقديمه عبر شخصية "عائشة" (اماني الرياحي) التي تعبر كل أفكارها وصراعاتها بالأغنية تحديدا الأغنية التونسية كلمة ولحنا، لتكون الموسيقى صدى للحياة في مسلسل "باب الرزق" وعوالم تماهت مع الحقيقة صنعتها مجموعة الدبو وابدعت في خلق عوالمها.
"رقوج" عالم موسيقي بسحره وشجونه، عالم مزج الواقع والمتخيل وكتب لكل شخصية موسيقاها، مزيج من مشاعر متناقضة التقطنها اذن حمزو بوشناق الموسيقية وكتبت منها اجمل الايعات، لتكون موسيقى "رقوج" اخراج عبد الحميد بوشناق الافضل حسب متابعي الدرلااما والمهتمين بعوالم الموسيقى، كما تحصل حمزة بوشناق على جائزة افضل موسيقى ضمن مسابقة الاذاعة الوطنية لافضل الاعمال الدرامية.
الموسيقى في "رقوج" انصتت لخفقان القلب وحولته الى ايقاعات عزفت بشغف وصدق، ايقاعات تنتصر للحب بكل تجلياته وتكتب سيرة العشاق بنوتات صاخبة، موسيقى كتبت من القلب ووصلت مباشرة الى قلوب متابعي العمل واصبحت كما الوصفة السحرية تشفي الروح من سقمها، كما كتب بوشناق لكل حدث موسيقاه ولكل شخصية نوتاتها وعوالمها فاصبحت الموسيقى خط مواز للاحداث والحكاية في غيابها سيكون "العدم" كما كرم العمل الراحل "رضا ديكي دركي" باغنية "انا نغني عالحب" .
للموسيقى التصويرية جماليتها في الاعمال الدرامية الرمضانية ومن مميزات الاعمال ايضا حضور فنانين ليقدموا شخصيات داخل المسلسل على غرار "جنجون" في الفلوجة وجسد شخصية عامل بناء هوايته الموسيقى والغناء، واماني الرياحي في "باب الرزق" وقدمت شخصية استاذة موسيقى ومغرمة بالبحث والتجديد في موسيقاها، زطرح "رقوج" وضعية الفنان في تونس عبر شخصية "بيدرو" الموسيقي في مكان لا يعتبر الفن مهنة ولا يحترم حساسية الفنان ودوره الحقيقي في التغيير.