كبر الطفل وكبرت معه احلامه ورغبته الجامحة في ان يكون مسرحي، احتفظ بحلمه وشكله ليصبح اليوم من اهم الاسماء المسرحية في تونس .
مخرج ومجرّب وكاتب وناقد، يشتغل على مسرح التجريب ويؤمن ان اب الفنون لا حدود للتجديد فيه، المخرج والفنان انور الشعافي كرّم في ليلة الاحتفال باليوم العالمي للمسرح، تحصل المبدع الذي لا يعرف حدودا على تكريمين ، تكريم اول من قبل المسرح الوطني التونسي وثان من طرف الجمعية التونسية للنقد المسرحي، تكريمين لكل منهما طعمه وتأثيره المختلف على قلب فنان مرهف الحس له قلب طفل وكلما اشتغل على المسرح عاد حرّا يحلق كما طائر النورس في ملاعبته للأزرق الممتد.
انور الشعافي فنان بحجم وطن، من جنوبه تعلم الصمود، قاوم كل اشكال الاقصاء ليثبت ذاته الفنية، في مدينته مدنين كانت البدايات الاولى في ممارسة الفن المسرحي، ثم تجوّل كرحالة يحمل في قلبه الشغف وعلى كتفيه مسؤولية مسرح متجدد وفنّ نبيل ينتصر للانسان والانسانية.
درس انور الشعافي محبوبه المسرح في المعهد العالي للفن المسرحي وتخرّج منه عام 1988، سكنه هذا الفن وكبرت معه مشاعر الانتماء لهذا العالم، قرأ وتدبّر كثيرا في قراءته للفن النبيل واختار ان يكون المسرح العالمي ملاذه، اتقن اللغة الانقليزية ليقرئ نصوص شكسبير بلغتها الاصلية ومن عظمة امهات النصوص العالمية بدأت ابداعات انور الشعافي المسرحية.
في ليلة 27مارس اشعلت اضوء المسارح اعترافا بجميل من صنع الفرجة وبعث الفرحة في نفوس متابعي المسرح ومحبّيه، وبهذه الاحتفالية قال معز مرابط مدير المسرح الوطني التونسي "يصنع المسرح بمختلف أشكاله الفنية وجها شغوفا بالحياة لا تقدر الواقعية التي نعيش في ظل أزماتها المتكررة أن تصنعه لذلك قيل دوما "أعطوني مسرحا أعطيكم شعبا عظيما" فالفن الرابع أداة سحرية تبث العظمة في حياة الشعوب إن حسن توظيفها".
ومن هذه السحرية وجمالياتها برع الشعافي في اعماله التي قدمها للمسرح التونسي وربما اكثرها ترسخا بالذاكرة مسرحية "ترى ما رأيت" التي اعتمدت اساسا على لغة الجسد وحوّلت القصائد المكتوبة بلغة شاعرية الى حركات واستعمل تقنيات لاعبي السيرك.
على ركح قاعة الفن الرابع التي عرفها كثيرا الشعافي وخبر تفاصيلها كان التكريم الاوّل لفنان يعمل بصمت ويبدع كلما انجز عملا فنيا وهو العارف بهذا المسرح بعد ادراته من 2011 الى 2014 في اصعب فترات الادارة التونسية بعيد الثورة، الشعافي شرّف بقراءة رسالة اليوم العالمي للمسرح التي كتبها "جون فوسه" وترجمها الشعافي الى العربية بتكليف من الهيئة الدولبة للمسرح وقرأ الشعافي النص بتقطّع تماما كالوضع الذي ينادي بضرورة تغليب الفن على الحرب، فالفن دعوة ازلية للسلام وعبر الفنون تبعث رسائل الانتصار للانسان والحياة.
انور الشفاعي الرائد في فنه، الشغوف بالتجريب، فنان وباحث انطلقت تجربته الاحترافية في هذا العالم الساحر منذ العام 1988 تاريخ تخرجه ثم عاد الى مدنين واسس فرقة مسرح التجريب بمدنين عام 1989، وفي مدينته بعث مهرجان مسرح التجريب عام 1992 ولازال منارة راتئدة في هذا المجال ويعتبر من افضل المهرجانات واكثرها تخصصا في المشهد المسرحي التونسي، كما تقلّد الشعافي منصب مدير مركز الفنون الركحية والدرامية بمدنين واشتغل مع ابناء الجهة ايمانا بقدرتهم على النجاح واعترافا بزخم الجهة الفني وفي رصيده اكثر من 20عمل مسرحي.
التكريم الثاني كان في مدينة الثقافة من قبل الجمعية التونسية للنقد المسرحي التي تشرف عليها الدكتورة فوزية المزي، تكريم لقلم ناقد لا حدود لجرأته، فالشعافي كلما كتب اصبحت نصوصه مرجعا للصدق والحرفية، تكريم انور الشعافي هو "تكريم للحظات الصمت قبل العرض،لنبضات القلوب المترقبة، لأنفاس الممثلين المحتبسة قبل الدخول إلى الخشبة، إنه احتفاء بالحوارات التي تمس الروح، بالحركات التي تنطق بألف كلمة، بالموسيقى التي تنسج من الهواء سحراً، وبالأزياء التي تحكي تاريخاً بألوانها وخيوطها" هو تكريم لفنّان قدم الكثير للمسرح وأعطاه من روحه وجسده ليضيء دروبه ويشعل في التجريب نار التجديد.