ويحولها الى عمل فني تفوح منه رائحة الحب والشجن، للرسام اكثر من وسيلة ليعبر عن احلامه ويسكن العمل الفني البوح ويتفنن في رسم عوالمه السحرية، ولحياة القاسمي المؤدب عالمها الابداعي الخاص، رسامة تعانق الذاكرة باعمالها وترحل الى خبايا لمكان تنفث في روح ريشتها والوانها لتصنع احلامها التشكيلية الموغلة في الصدق.
يمثل المكان تيمة تشكيلة وقادحا للإبداع للفنان التشكيلي، فالفنان هو ذاكرة الرسام وذكرياته تتدفق دفعة واحدة وتجعل الريشة والألوان يرقصان كما امهر الحالمين وتكون النتيجة لوحات تشكيلية موشاة باللون والفكرة وتعبر عن هوية الرسام وتفاصيل عديدة من ذكريات الطفولة، وفي اعمال الرسامة والشاعرة حياة القاسمي تحضر باجة بكل مناخاتها وجغرافيتها الجميلة، فهي تستلهم من المكان جمالياتها التشكيلية ورمزياتها الفنية ايضا.
باجة المدينة والذاكرة منها تنطلق رحلة الفنانة حياة المؤدب القاسمي لترسم طيلة اربعين عاما تفاصيل المكان والنساء، تلامس ريشتها عمق الروح في حرائر المدينة وتلتقط ريشتها الازقة المظلمة وتنيرها بفضل لعبة الالوان، فتكون "حلمة" معرض تشكيلي تستحضر من خلاله الرسامة سيرة اربعين عاما من ملاعبة اللون والبوح بافكارها وخبايا الروح على القماش الابيض.
"حلمة" معرض فني احتضن لوحاته رواق فسيفساء بالنصر تونس العاصمة، لوحات بتيمات مختلفة فتزينت الجدران البيضاء بأجمل الالوان، فحياة القاسمي تتقن التعامل مع "palette" الالوان وتتفنن في استعمال الوانها ودمجها في اللوحة الواحدة لتشبه تلك المدينة الساحرة باجة بربيعها والوانها المبهرة وعمارتها المميزة، فيحضر "السوق" بصخبه وألوانه وأصواته الكثيرة يكاد يسمعها متامل اللوحة، وترسم "خرجة الربيع" و"المدينة" و"شيشة" و"لحظة السعادة" و"المنزل الباجي" وجميعها تمزج فكرة السعادة بالمكان ، فالعمل جزء من الروح هو ذاكرة الفنانة البعيدة وجزء من حكايات الطفولة تتقن جيدا التعامل معها.
"حلمة" معرض فني ينقل افكار الرسامة ويشكلها في لوحات تشكيلية تنتشي لها العين، بريشتها تنتصر حياة القاسمي للنساء وهي الرسامة المعروفة بدفاعها عن النساء وحقوقهنّ، بألوانها ترسم المرأة الافريقية ومعاناتها وتنصت لوجع الكادحات وتجعل الوانها الزاهية محرّر للانتصار للمراة وجعلها تيمة تشكيلية ورمزية عصية عن الانهيار، بريشتها وألوانها ترسم "الملكة" تونسية بلباسها التقليدي وجلستها المميزة متربعة على عرشها وامامها زهرة الياسمين تعطر المكان.
ترسم "الكاهنة" شامخة مشرئبة للحياة والدفاع عن أرضها ترسم "الجازية الهلالية" بشعرها الطويل وألوان النصر المرسومة على محياها، ترسم نساء عظيمات ساهمن في شموخ هذا الوطن، بطريقتها تعيد اليهنّ الحياة وتبثهنّ لواجع نساء اليوم وتتشارك معهنّ قصص نجاح المرأة التونسية.
ترسم حياة القاسمي بشغف الاطفال وحرفية الكبار، تبدع في توزيع اللون على المحمل وتستعمل لوحاتها لتكون صوتا للروح ولصدى حكايات النساء، ترسم المرأة الافريقية بالوانها الزاهية، ترسمهنّ حاملات للارض فوق الرؤوس فالمرأة في افريقيا هي حارسة المكان وحاملة كل حكايات القدامى في لباسها وتسريحة شعرها ورقصاتها الثائرة دوما، لذلك ترسم القاسمي لوحة "الرقص" وتبثها لواعج الحب والفرحة من خلال حركة اللون.
النساء فكرة ولوحة في اعمال حياة القاسمي التشكيلية، من وجعهنّ تستلهم جمالية اللون ودقة الحركة ومن قوتهنّ تنتصر لفنها والحياة، فالرسامة العصامية التكوين تنحت ذاتها التشكيلية منذ اربعين عاما، تنصت للنساء وتنقل احاسيسهنّ على قماشها الابيض فيمتزج حلم الفنانة باحلام شخصياتها المرسومة وتتفن في توزيع اللون والفكرة، لان المرأة تيمة تشكيلية جادة ومميزة في معرض "حلمة" والمعارض السابقة لحياة القاسمي فاغلبها يحتفي بالانثى لوحة وفكرة وقيمة رمزية.
"حلمة" معرض فني لحياة المؤدب القاسمي، تجربة اربعين عاما من الرسم والحلم وحكايات تجمع الهوية والحاضر تتفنن الرسامة في تشكيلها تيمة جمالية ورمزية تشبهها في الشاعرية والانصهار مع الجماليات، "حلمة" تجربة اخرى لابنة باجة التي احبت مدينتها فحملتها بين جنبات القلم وكلما رسمت اندفعت تفاصيل المدينة على العمل التشكيلي لتكون لوحاتها صدى للمكان ولحكايات الانسان.