وقد طالت هذه المرة أبرز هيكل نقابي وهو الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس من خلال إيقاف كاتبه العام يوسف العوادني رفقة ثلاثة أعضاء من النقابة الأساسية لشركة النقل البحري «سونوتراك» الرابطة بين صفاقس وقرقنة، عملية إيقاف العوادني والأعضاء الثلاثة اعتبرها الاتحاد الجهوي سابقة خطيرة تأتي في إطار مزيد ترهيب النقابيين وتكبيلهم عن عملهم بتهم كيدية، الأمر الذي جعله يعقد هيئة إدارية جهوية عاجلة أمس استعداد للدفاع عن الاتحاد ومناضليه والحق النقابي والحريات العامة والفردية والتي قررت تنظيم تجمع اليوم الأربعاء 22 نوفمبر الجاري أمام دار الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس والدخول في سلسلة من الإضرابات القطاعية التي ستتوج بالإضراب الجهوي العام.
تمّ يوم أول أمس إيقاف يوسف العوادني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس بعد استنطاقه في الإدارة العامة للحرس الوطني بالعوينة رفقة ثلاثة أعضاء من النقابة الأساسية لشركة النقل البحري سونوتراك الرابطة بين صفاقس وقرقنة وهم حاتم الزغب و اشرف المكي و سليمان القروي، وفق ما أعلنه الاتحاد الجهوي للشغل الذي أوضح أن الأمر يتعلق بقضية جديدة غير تلك التي استنطق العوادني منذ عدة أيام وهي التي تعلقت بخلاف مع أصحاب مؤسسة نفطية عاملة في الجهة حول تشغيل عمال. وكان نقابيو تلك الشركة هم الآخرين قد وقع استنطاقهم وإبقاؤهم جميعا في حالة سراح.
قضية عدلية
بالعودة إلى القضية الجديدة، فان الأمر يتعلق بشكوى رفعها موظف في شركة سونوتراك ضد يوسف العوادني وكافة أعضاء النقابة الأساسية للشركة الذين وقعت دعوتهم جميعا للاستنطاق في العوينة، وفق ما أكده الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس أما أسباب الشكوى فهي خلاف حول أولوية ركوب الباخرة حيث بدا للموظف المعني بالأمر أن يعترض عليه من خلال تعمده سحب البطاقة المثبتة لتلك الأولوية. ولان النقابيين تمسكوا بذلك الحق ( الممنوح لعدة منظمات وإدارات وأشخاص منذ عشرات السنين) فقد تطور الخلاف إلى بحث في ماهية ذلك الحق ونقاش حول الانتفاع به من عدمه. وبحسب الاتحاد فقد تطورت الأمور ونشأت قضية عدلية انطلقت باستنطاق والذي تم في خاتمته اتهام النقابيين بتعطيل مرفق واعتداء على موظف في إطار ما وقع تكييفه كتكوين وفاق إجرامي.
ترهيب النقابيين وتكبيلهم عن عملهم
عبر الاتحاد الجهوي عن استغرابه من جملة هذه الإجراءات واعتبر أن المقصود بها ترهيب النقابيين وتكبيلهم عن عملهم بتهم واهية وتسميم المناخ الاجتماعي بدفعه إلى مزيد من التوتر، وأمام هذه السابقة والتي وصفها بـ»الخطيرة» قرر عقد هيئة إدارية جهوية عاجلة أمس بدار الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس استعداد للدفاع عن الاتحاد ومناضليه والحق النقابي والحريات العامة والفردية. واعتبر الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس محمد عباس، أن ملف القضية سياسي بامتياز ودون معنى، غايته استهداف جهة صفاقس ومناضلي الإتحاد الجهوي للشغل والإتحاد العام التونسي للشغل عامة .
محاولات التضييق على العمل النقابي
من جهته، أكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي خلال إشرافه على إحياء الذكرى 73 لأحداث النفيضة أمس أن الإيقاف ليس جديدا عن يوسف العوادني واتهامه بتكوين وفاق إجرامي إن دل على شيء فهو يدل على أن هناك من يسعى إلى جر الاتحاد إلى مربع التصادم والاتحاد يبقى قوة نضال لا صدام، ليشدد على أن محاولات التضييق على العمل النقابي وضرب أسس الحوار الاجتماعي لا تعدو أن تكون إلا تغطية على القضايا الجوهرية المتمثلة بالخصوص في فقدان المواد الغذائية والأدوية وارتفاع نسبة التضخم المرتفعة وتدهور المقدرة الشرائية وضعف الأجور، مؤكدا أن اتحاد الشغل ليس ضد المحاسبة شريطة المحاكمة العادلة واحترام مؤسسات الدولة والقضاء المستقل. وشدد على أن الاتحاد أذكى من أن يسقط في فخ الاستفزاز ولن يوفر الفرصة لمن يسعى جاهدا لجر القواعد النقابية إلى مربع التصادم. وأكد أن الهيئة الإدارية للاتحاد ستجتمع يوم الخميس المقبل.
اتحاد الشغل يحذر
هذا وعبّر المكتب التنفيذي الوطني لاتحاد الشغل المجتمع أمس بصفة طارئة برئاسة الأمين العام نور الدين الطبوبي عن استغرابه من إيقاف الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يوسف العوادني وعضو الجامعة العامة للنقل حاتم الزغب وعضوي النقابة الأساسية لشركة سونوتراك للنقل البحري بقرقنة أشرف المكني وسليمان القروي وذلك مساء 20 نوفمبر 2023 بعد استنطاقهم في مقرّ الإدارة العامة للحرس الوطني بالعوينة. واعتبر في بيان صادر عن المكتب التنفيذي أن عملية الإيقاف «لا تتماشى مع الأسباب التي دعي إليها النقابيون إلى التحقيق باعتباره خلاف عادي لا يرتقي إلى التهم الموجّهة «تكوين وفاق من أجل الإضرار بالمصلحة العامّة» ويحدث في كلّ مرافق النقل العمومي. وشدد على أن الإعلان عن إيقاف النقابيين من طرف قناة تونسيّة خاصّة قبل انتهاء الأبحاث دليلا على الصبغة السياسية التي تحفّ بهذا الملفّ، محذّرا من تدخّل عديد الأطراف وعلى رأسهم السلطة التنفيذية لتوتير وإرباك الأوضاع ومحاولة توجيه القضاء للتنكيل بالنقابيين وترهيبهم.
المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين وحفظ كلّ القضايا
وأضاف أن هذا الإيقاف هو إمعان في استهداف اتحاد الشغل وحصار لإحدى أهمّ قلاع المنظّمة «جهة التأسيس وزعمائها» والتي قدّمت عشرات الشهداء في إضراب 4 و5 أوت 1947 معبرا ذلك مواصلة لسياسة ضرب الحقّ النقابي المضمّن في الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الدولة التونسية وفي دستور الجمهورية التونسية. كما الاتحاد في ذات البيان تواصل هرسلة النقابيين وفبركة القضايا الكيدية ضدّهم منذ أكثر من سنة والتي طالت نقابيي النقل وشركة تونس للطرقات السيارة والإطارات المسجدية والثقافة والتعليم والتجارة وآخرهم نقابيي صفاقس محاولة لإرباك المنظّمة والحيلولة دون القيام بمهامها الوطنية والاجتماعية. وطالب بإطلاق سراح الموقوفين فورا وحفظ كلّ القضايا الكيدية الأخرى، ودعا الهيئة الإدارية الوطنية للانعقاد لتدارس تطوّرات الأحداث واتّخاذ كلّ القرارات المناسبة دفاعا عن الحقّ النقابي وعن مناضليه ويحثّ كافّة النقابيين إلى اليقظة والتجنّد للدفاع عن المنظّمة واستقلاليّتها.
سابقة خطيرة ولا بد من فتح بحث تحقيقي
هذا وأدانت الهيئة الإدارية الجهوية الاستثنائية في بيان لها توظيف المؤسستين الأمنية والقضائية للتضييق على الحريات الفردية والعامة وضرب واستهداف العمل النقابي والنقابيين عبر تلفيق التهم الكيدية في محاولة لتطويع كل من المؤسستين لتصفية الخصوم والمعارضين للسياسات الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة وتكميم الأفواه والتضييق عليهم وترهيبهم والتي تندرج ضمن مخطط بات جليا وواضحا لضرب الجهة واستهداف قياداتها، وفق ما جاء في البيان. واعتبرت الهيئة أن اعتقال النقابيين بتهمة تعطيل العمل وتكوين وفاق في الغرض يؤكد على الصفة السياسية للقضية خصوصا بعد السبق الإعلامي في قرار الاعتقال الذي صرح به أحد الوجوه الإعلامية بمنبر تلفزي قبل إعلام المعنيين بالأمر ولسان دفاعهم وباحث البداية واعتبرها سابقة خطيرة وطالب بفتح بحث تحقيقي في الغرض ومتابعة كل طرف في ذلك.
في انتظار تحديد روزنامة التحركات
ودعت الهيئة الاستثنائية عموم النقابيات والنقابيين إلى التجمع اليوم الأربعاء 22 نوفمبر الجاري أمام دار الاتحاد للشغل في صفاقس والدخول في سلسلة من الإضرابات القطاعية التضامنية تتوج بالإضراب الجهوي العام تضامنا مع الموقوفين ودفاع عن المنظمة ووكلت الهيئة المكتب التنفيذي الجهوي لتحديد روزنامة هذه التحركات وآجالها مع إبقاء الهيئة الإدارية الجهوية والمكتب التنفيذي الجهوي في حالة انعقاد لمتابعة تطورات الأحداث.
كما تتالت بيانات المساندة والدعم من قبل عدة هياكل نقابية قطاعية وجهوية على سبيل الذكر لا الحصر الجامعة العامة للنقل والجامعة العامة للتعليم الأساسي والجامعة العامة للقيمين والقيمين العامين والاتحاد الجهوي للشغل بسليانة والاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة .....