يلزمها بذلك ورئاسة الجمهورية هي الجهة الوحيدة المخولة دستوريا لختم القوانين إلا أن ذلك لم يحل دون توجيه انتقادات كبيرة للهيئة المعنية وصلت حدّ مطالبة أعضائها بالاستقالة وحلّها وإرساء المحكمة الدستورية في أقرب الآجال ،من جهة أخرى فإن تركيز المحكمة الدستورية اليوم هو مطلب ملّح هذا مما لا شكّ فيه ولكن السؤال المطروح ما هي الإشكالات والعراقيل التي حالت ولا تزال دون تحقيق هذا الهدف بالرغم من أن القانون جاهز منذ أكثر من سنة تقريبا؟.
من المفارقات العجيبة ربما في ما يتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وما لاقته من اتهامات وانتقادات بعد إصدار قرارها هي أن النواب من أطياف سياسية مختلفة الذي وجهوا اللوم لها وطالبوا باستقالة أعضائها هم أنفسهم من صادقوا على ذلك القانون الذي يجبر الهيئة على إحالة القانون إلى رئاسة الجمهورية وهم من اختاروا أن يكون عدد الأعضاء زوجي سواء في قانون الهيئة الحالي أو في قانون المحكمة الدستورية.
مع كل مناسبة يتجدد الطلب
إرساء المحكمة الدستورية يمثل خطوة جديدة في مسار انتقال السلطة القضائية من الوضع المؤقت إلى الوضع الدائم ولبنة أخرى في بناء مسار العدالة الانتقالية ،هذا الهيكل الدستوري تمت المصادقة على القانون المنظم له منذ نوفمبر 2015 ولكن منذ ذلك الوقت بقي في الرفوف إذ تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة تركيز المحكمة الدستورية مع كلّ مناسبة أو حدث وتخمد تلك الأصوات مع انتهاء الحدث،اليوم وبعد قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بخصوص قانون المصالحة الإدارية وخيارها رمي الكرة في ملعب رئاسة الجمهورية بالقانون طالب عديد النواب بحلّها وبالإسراع في إرساء المحكمة الدستورية وكأنها مركب النجاة ولكن السؤال هل هناك فرق بين قانون الهيئة الحالي وقانون المحكمة المذكورة في النقطة المتعلقة بالإجراءات المتبعة للنظر في دستورية مشاريع القوانين؟ الاجابة لا فالقانون الجديد يجبر بدوره المحكمة الدستورية على إحالة القوانين محلّ الطعن على رئاسة الجمهورية دون سواه في حال التساوي كما أن أعضاء المحكمة الدستورية 12 اي عدد زوجي وهو ما يجعل حصول الأغلبية أمر غير ممكن وفق تقدير كاتب عام الهيئة الحالية حيدر بن عمر ،من جهة أخرى لم ينصّ القانون الجديد أيضا على أن يكون صوت الرئيس مرجحا ليحسم الأمر بل يدخل في التصويت منذ البداية.
ما هي موانع التركيز؟
تتركب المحكمة الدستورية طبقا لما ينصّ عليه قانونها من 12 عضوا يعيّن اربعة منهم مجلس نواب الشعب عبر الاقترع السرّي ،من جهته يعيّن المجلس الاعلى للقضاء اربعة أيضا اذ لكل مجلس قضائي الحق في ترشيح أربعة أسماء على الجلسة العامة على أن يكون ثلاثة منهم من المختصين في القانون وتحدث لدى المجلس الأعلى للقضاء لجنة خاصة تتكون من رؤساء المجالس القضائية الثلاثة توكل لها مهمة التثبت في توفر شروط الترشح من عدمها وبعدها تنتخب الجلسة العامة بالاقتراع السري وبأغلبية ثلثي أعضائها أربعة أعضاء، أما رئيس الجمهورية فهو بدوره يعيّن الأربعة المتبقين. الإشكال هنا هو ما دام القانون واضح وصريح لماذا لم يقم كلّ طرف بمهمته؟ الإجابة بسيطة وموجودة فقط بإلقاء نظرة على ارض الواقع نجد المجلس الأعلى للقضاء يعاني من عديد المشاكل تتعلق بظروف العمل ويهدد بتعليق نشاطه في كلّ لحظة ،كما أن تركيبته لم تستكمل بعد وهناك قضايا لدى المحكمة الإدارية ،من جهته مجلس نواب الشعب وتحديدا لجنة الفرز لم تستأنف النظر بعد في الترشحات للمرّة الثانية وذلك الجدل الذي اثاره الفرز الأول ،أما رئاسة الجمهورية يبدو وانها تنتظر سابقيها لتقوم بمهمتها. وهنا تجدر الاشارة إلى أن الاصوات المطالبة بارساء هذا الهيكل الدستوري الذي له وزن كبير واثر عميق على مسار الانتقال الديمقراطي أمر ايجابي ولكن يجب معالجة الواقع الذي سيبنى عليه هذا الهدف أو ازاحة العواقب التي تحول دون تقدّم هذا الملف.
نورة الهدار