تونس في مهب التغيرات: الأزمات المتوالدة من أرحام بعضها تزيد من آلامها

ماانفكت الظروف العالمية والمحلية تزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية في تونس فما أن توشك أزمة على المرور حتى تولد أخرى.

فمنذ الأزمة الصحية المرتبطة بانتشار فيروس كورونا إلى حد اليوم لم تنفرج الأوضاع عالميا ألقت بظلالها على تونس مما ترتب عنه الوضع الحالي.

الوضع الآن في تونس يتسم بالضبابية على مستوى توفير الموارد المالية خارجيا فهذه سنة أولى تمر دون إبرام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي وهذا التأخر وعدم وضوح الرؤية بخصوصه يجر وراءه الأسواق العالمية المقرضة. فاتفاق صندوق النقد الدولي لا تكمن اهميته في قيمته المالية بقدر الدفع الذي يعطيه للمقرضين والرسالة الإيجابية للمستثمرين للثقة مرة أخرى في قدرة تونس على الايفاء بتعهداتها وقدرتها على سداد ديونها. وللاتفاق أهمية غل مستوى تخفيف درجة المخاطرة التي تعني ارتفاع تكلفة الاقتراض عند الخروج الى السوق المالية الدولية.
كما أن الاتفاق سيساعد تونس للوصول إلى تمويلات البلدان الخليجية التي أصبحت تشترط هي أيضا الإصلاحات قبل الأموال. الظروف العالمية تلقي بظلالها أيضا على الحياة اليومية للتونسيين. ذلك ان الحرب التي تبعد عنا آلاف الكيلومترات مازال صداها مسموعا في تونس فالاسعار ارتفعت بعد اضطراب سلاسل الإمدادات خاصة أسعار الغذاء والطاقة اللتين تسجل فيهما تونس تبعية عالية فالإستقلالية الطاقية لا تكاد تبلغ 50% بينما تورد تونس نحو 70% من حاجياتها من المواد الغذائية الأساسية. وارتفاع الأسعار امتد إلى جيب التونسي فارتفع التضخم إلى 10.4% . وتاثرت تونس بالأزمة التي تعيشها منطقة اليورو الشريك التجاري الأول لتونس أولا بالتضخم المرتفع هناك والذي يعبر عنه بالتضخم المستورد بالإضافة إلى تأثير أزمة الطاقة على المصانع مما قلص في بعض الفترات نسق عمل الشركات هنا في تونس.
ومع اتباع الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لسياسة التشديد النقدي ارتفع سعر صرف الدولار وبالتالي تأثر الاحتياطي من العملة الأجنبية وارتفعت تكلفة يوم من التوريد إلى 230 مليون دينار بعد أن كانت في العام الفارط في حدود 180 مليون دينار. وشكل الميزان التجاري الطاقي بنسبة 72% من العجز التجاري الجملي . كما رتفعت أسعار المنتوجات الحيوانية تاثرا بارتفاع تكلفة الأعلاف بعد تضاعف اسعارها في السوق العالمية وأصبحت أسعار اللحوم والدواجن الأكثر ارتفاعا في سلة مجموعة التغذية المعتمدة في احتساب التضخم.
تهب اليوم رياح أزمة بنوك انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية من مصرف سيليكون فالي بنك وامتدت الى بنوك أخرى واظهرت إمكانية انتقال العدوى إلى بلدان أخرى مما دفع عديد البنوك المركزية إلى توفير السيولة لأجل الحفاظ عل توازن البنوك والاستجابة لطلبات حرفائهم. ومازالت أزمة 2008 في البال والتي نتج عنها بالخصوص انكماش الاستثمار.
محليا زاد احتباس الأمطار من مزيد تعقد الوضع أكثر حيث ستكون محاصيل هذا الموسم 2022_2023 أقل من السنوات الماضية التي كانت بدورها بحصيلة متواضعة. إذا الظرف العالمي الناتج عن الأزمة الصحية والحرب الروسية الأوكرانية وما تشهده دول العالم من حالة عدم استقرار وارتفاع مخاطر ظهور ازمات جديدة والظروف المحلي المرتبط بتباطؤ القطاعات الاقتصادية والظروف المناخية وشح الموارد المالية عوامل تزيد من تعقيد أزمة معقدة أساسا. وتأمل تونس في انفراج الأوضاع في مختلف الاصقاع ليتقلص صقيعها الذي امتد في كل مفاصل حياة التونسيين.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115