وقع عاصفة من التطورات المتلاحقة التي أدخلت المنظمة في دوامة من التأويلات والتسريبات والنفي المتواصل، وسط انقسام داخلي عميق ومحاولات مكثّفة لاحتواء الأزمة قبل موعد الإضراب العام المقرر يوم 21 جانفي 2026 والمؤتمر المبرمج مبدئيا في مارس 2026، ففي الوقت الذي انتشرت فيه أخبار عن استقالة الأمين العام نور الدين الطبوبي والأمين العام المساعد أنور بن قدور، وما تلاها من حديث عن شغور فعلي داخل المكتب التنفيذي، خرجت قيادات الاتحاد تباعا لتكذيب ما يروج. غير أنّ تسارع الأحداث، وما رافقه من تحركات غير مسبوقة داخل المقر المركزي، جعل من النفي وحده غير كاف لإخفاء الصراع الداخلي وتواصل المعركة حول المؤتمر القادم .
رغم موجة الأخبار المتداولة على صفحات التواصل الاجتماعي، خرجت قيادات الصفوف الأولى لنفي ما يتم تداوله، فقد أكد الأمين العام نور الدين الطبوبي، في تصريح إعلامي مقتضب أمس أنّ ما يتم تداوله حول استقالة أنور بن قدور "لا أساس له من الصحة"، قائلا "موش صحيح… كلّو حديث فايسبوك، وما عندي حتى استقالة"، مؤكدا أنّه لا وجود لأي وثيقة رسمية أو مراسلة داخلية تتعلّق بهذا الشأن، في محاولة منه لوضع حد لما اعتبره "إشاعات" تهدف لإرباك المنظمة الشغيلة. وحسب الأخبار المتداولة فقد تولى الأمين العام المساعد للاتحاد التونسي للشغل أنور بن قدور أمس تقديم استقالته في مكتب الضبط المركزي التابع للاتحاد، علما وأن بن قدور كان قد غادر اجتماع الهيئة الإدارية الوطنية الأخير مهددا بتقديم استقالته.
نفي الاستقالات وإعادة الطبوبي السيارة الوظيفية
نفى الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، بدوره و بشكل قاطع ما يتم تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول استقالة الأمين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي، مؤكداً أن الأخبار المتعلقة بتسليم السيارة الوظيفية "مجرد أكاذيب" لا تمتّ الواقع بصلة، وفي خطوة اعتبرها البعض "إشارة سياسية"، قام نور الدين الطبوبي بإعادة السيارة الوظيفية الموضوعة على ذمته لإدارة المركزية النقابية، ما أثار تساؤلات عديدة حول خفايا ما قام به، بين من يراها ضغطا داخليا ومن يعتبرها رسالة انسحاب، وحسب سامي الطاهري فإن هذه الأخبار "مجرد إشاعات وأخبار زائفة لا أساس لها من الصحة"، إلا أنّ هذا النفي لم ينجح في احتواء الجدل، خاصة بعد تداول معطيات تؤكد أن أنور بن قدور تقدّم باستقالته رسمياً، وأن الطبوبي قام فعلا بإرجاع السيارة الوظيفية يوم أمس.
موعد المؤتمر يفجر الخلافات بين الشقين
كل المعطيات المتداولة لا تخفي حقا وجود حالة احتقان داخلي وصراع كبير حول موعد المؤتمر وبروز مقترحات جديدة بترحيله من مارس 2026 إلى سنة 2027، وهو ما فجر خلافات داخلية بين شقّين، أحدهما يدفع نحو الإبقاء على الموعد المعلن أي الشق التابع للطبوبي، والآخر يسعى لتأجيله، خلافات عمل الاتحاد على عدم خروجها للعلن سيما بعد تكليف لجنة قانونية بملف المؤتمر، تأتي هذه التطورات في ظرف دقيق للغاية، إذ يستعد الاتحاد لخوض إضراب عام يوم 21 جانفي 2026، ينظر إليه على أنه محطة حاسمة في علاقته بالسلطة، تطورات تعكس حجم الارتباك داخل الاتحاد ومدى جدّية الأزمة التي يعيش على وقعها منذ أشهر عديدة.
الاتحاد الجهوي للشغل بتونس يطلب الفصل بين الإدارة والمكتب التنفيذي
هذا وقد رجّحت بعض المعطيات المتداولة على صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية أن يكون فاروق العياري وهو أحد الوجوه النقابية المعروفة ، المرشّح الأقرب لتسيير الأمانة العامة مؤقتا في انتظار حسم ملف المؤتمر وتحديد موعده النهائي. وبالتزامن مع هذه التطورات انعقد صباح أمس اجتماع عام تحت إشراف الاتحاد الجهوي للشغل بتونس، وذلك بعد موافقة الاتحاد العام التونسي للشغل. ترأس الاجتماع جبران بوراوي الكاتب العام للاتحاد الجهوي، بحضور نزار السميري عضو المكتب التنفيذي، إضافة إلى ممثلي وأعضاء النقابة الأساسية. وقد خُصِّص الاجتماع لبحث الوضع العام داخل المؤسسة، حيث شهد نقاشا واسعا وتبادلًا للآراء حول عدد من الإشكاليات التي باتت تهدد استقرار العمل وحقوق الأعوان. وطالب الحاضرون وفق ما نشره الاتحاد الجهوي على صفحته الرسمية بضرورة التدخل العاجل لإيجاد حلول عملية وجذرية لعدة ملفات أساسية، من بينها، تأمين الاستمرارية المهنية والاجتماعية للأعوان وإصلاح وضعية الانخراطات بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حفاظًا على الحقوق الاجتماعية والتقاعد وضمان ديمومة المنظمة في ظل التخوفات المتزايدة بشأن مستقبلها والاستجابة لصرف الأجور في آجالها القانونية دون تأخير إلى جانب تسوية وضعيات المنح المعلقة منذ أشهر والفصل بين الإدارة والشؤون الإدارية للموظفين والمكتب التنفيذي لضمان الشفافية وحسن التسيير ومعالجة الإشكاليات المالية المتراكمة التي باتت تمثل مصدر توتر داخل المنظمة .
دعوة المكتب التنفيذي إلى تحمل مسؤولياته
هذا وشدد المشاركون على أنّ هذه المطالب مشروعة وعاجلة ولا تحتمل المزيد من التأجيل، داعين المكتب التنفيذي إلى تحمل مسؤولياته وفتح قنوات تفاوض جديّة. وفي ختام الاجتماع، أعلن الحاضرون استعدادهم للدخول في سلسلة من التحركات النضالية في صورة تواصل التجاهل أو عدم الاستجابة لمطالبهم، مؤكدين تمسكهم بالدفاع عن حقوقهم بكل الأشكال القانونية التي يضمنها العمل النقابي.
تصدّع داخل اتحاد الشغل بسبب موعد المؤتمر: بين نفي الاستقالات وتواصل الصراع...هل ينجح الاتحاد في احتواء أزمته الداخلية قبل موعد الإضراب؟
يعيش الاتحاد العام التونسي للشغل منذ فترة على
آخر مقالات دنيا حفصة
- أسبوع يفصلنا عن ذكرى 17 ديسمبر: أنصار الرئيس يواصلون التعبئة لـ«الهبة الشعبية» بالتزامن مع إعلان اتحاد الشغل الإضراب العام
- المطالبة بالزيادة في الأجور بعنوان 2025 تصعّد التوتر الاجتماعي: 13 قطاعا يدخلون في إضراب بيوم بداية من منتصف ليل 9 ديسمبر الجاري
- في الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل...توتر واحتقان وانسحاب وتهديدات بالاستقالة: إقرار الإضراب العام يوم 21 جانفي المقبل وتكليف لجنة قانونية بملف المؤتمر
- الطبوبي في الذكرى الـ73 لاغتيال فرحات حشاد: "الإتحاد سيظل في قلب المعركة الحقوقية والوطنية ولن يستسلم ولا نخشى السجون ولا الاغتيالات"
- بعد إيقاف العياشي الهمامي... تحركات مهنية ومدنية متعددة: وقفة احتجاجية اليوم ومقاطعة قضائية بداية من الاثنين وتكوين لجنة ودعوة لمسيرة يوم السبت
Leave a comment
Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.