تضارب الأنباء حول إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية قرب غزة هل تعيد واشنطن تموضعها في الشرق الأوسط عبر بوابة غزة؟

تشهد الساحة الشرق أوسطية تطورا جديدا يعكس

تحوّلا في مقاربة الولايات المتحدة في المنطقة، بعد تداول تقارير عن بحث الجيش الأمريكي إمكانية إنشاء قاعدة مؤقتة قرب قطاع غزة المحتل، قادرة على استيعاب نحو عشرة آلاف فرد، في إطار خطة أوسع لتشكيل قوة استقرار متعددة الجنسيات تتولى مراقبة وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية حماس.ورغم نفي البيت الأبيض اتخاذ قرار رسمي بهذا الشأن، فإن مؤشرات التحرك الأمريكي توحي بمرحلة جديدة من إعادة التموضع العسكري والسياسي في المنطقة.وقالت كارولين ليفيت، المتحدّثة باسم البيت الأبيض، إنّ الإدارة الأمريكية "لم توافق بعد على إنشاء قاعدة عسكرية قرب غزة"، مشيرة إلى أن الحديث ما زال في مرحلة الاستطلاع الأولي، وفق ما نقلته وكالة ''بلومبيرغ''.

ورغم التوضيح، فإن الوثائق التي كُشف عنها ، وتتضمن طلبا لتقدير تكاليف إنشاء قاعدة مكتفية ذاتيا لمدة عام كامل ، أثارت اهتمام المراقبين، خاصّة أنّ الطلب يشير إلى بنية قادرة على دعم 10 آلاف شخص وتوفير مكاتب تشغيل بمساحة 10 آلاف قدم مربعة، إضافة إلى ''خطة أمنيّة متكاملة تشمل التعامل مع التهديدات وحالات الطوارئ''. ورغم أنّ طلبات المعلومات الفيدرالية لا تُعدّ دعوات رسمية للتنفيذ، فإنها عادة ما تمهّد لمشاريع إستراتيجية قيد الدراسة، وهو ما يمنح الخبر وزنا سياسيا أكبر من مجرد "فكرة تقنية" .
مشروع مراقبة أم إعادة تموضع
مصادر مطلعة أكدت وفق وكالة ''بلومبرغ'' أن الخطوة تأتي في إطار سعي واشنطن لتشكيل تحالف دولي يضمّ قوات من دول عدة، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار الهش الذي تم التوصل إليه مؤخرا في قطاع غزة المحتل.
لكن مسؤولا أمريكيا وصف الأمر بأنه مرحلة تخطيط مبكرة لإنشاء قاعدة محتملة في جنوب الأراضي المحتلة ، مما يوحي بأن واشنطن تفكر في موقع خارج حدود غزة مباشرة، لتجنب الانخراط الميداني المباشر، مع الاحتفاظ بقدرة إشراف لوجيستي واستخباراتي عالية.وسط تعتيم اسرائيلي عن الموضوع. هذا الغموض الإسرائيلي يعكس- بحسب محللين - ترددا واضحا داخل المؤسسة العسكرية الصهيونية في السماح بوجود أمريكي واسع قرب القطاع ، أو أن يمنح واشنطن نفوذا أكبر في إدارة ما بعد الحرب.
خلفيات سياسية وإستراتيجية
ووفق مراقبين تزامن الحديث عن القاعدة الجديدة مع تسريبات حول تعثر خطة السلام الأمريكية السابقة، التي تبنّاها الرئيس الأسبق دونالد ترامب عبر صهره جاريد كوشنر، والتي كانت تهدف إلى إعادة ترتيب المشهد الفلسطيني عبر مشاريع اقتصادية وإعمار مشروط بنزع سلاح المقاومة. وتشير تقارير إلى أن إعادة الإعمار لن تبدأ قبل ضمان السيطرة الأمنية الإسرائيلية على ما يصل إلى نصف مساحة القطاع، ما يجعل أي وجود أمريكي أو دولي مشروطا بقبول تل أبيب.في المقابل، يرى محللون أن واشنطن تسعى من خلال مشروع القاعدة إلى إعادة تثبيت حضورها في المنطقة بعد سنوات من الانكفاء، خصوصاً في ظل تزايد النفوذ الإيراني والروسي، وارتفاع حدة التنافس على الممرات الاستراتيجية في شرق المتوسط والبحر الأحمر.
ويرى خبراء أن إنشاء قاعدة أمريكية قرب غزة، حتى لو كانت مؤقتة، سيكون له تأثيرات سياسية عميقة تمتد إلى طهران وبيروت وصنعاء، حيث تنظر إيران إلى أي تعزيز للوجود الأمريكي على حدود فلسطين كخطوة استفزازية تهدد حلفاءها في المنطقة.
وفي المقابل، تحاول واشنطن تقديم المشروع على أنه تحرك "إنساني–أمني" يهدف إلى ضمان الاستقرار ومنع تجدد الحرب، مستفيدة من التفاهمات الأخيرة مع بعض العواصم العربية حول إعادة إعمار غزة . إلا أنّ الشكوك تحوم حول الفكرة خصوصا في ظل الانحياز الأمريكي المستمر للاحتلال الإسرائيلي على حساب الفلسطينيين.

إنهاء حصانة إسرائيل
من جهتها دعت فلسطين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية وإنهاء إفلات إسرائيل من العقاب لضمان مساءلتها عن عقود من الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.
جاء ذلك على لسان المستشارة القانونية في بعثة فلسطين الدائمة لدى الأمم المتحدة لورين صايج ، خلال مناقشة التقرير السنوي للمحكمة الجنائية الدولية بالجمعية العامة للأمم المتحدة.وقالت بهذا الصدد: "يجب فرض عقوبات على مجرمي الحرب، وحماية المدعين العامين والقضاة وموظفي الأمم المتحدة الساعين لإحلال العدالة".
ووصفت مذكرات التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت بأنها "بداية الطريق لإنهاء إفلات إسرائيل من العقاب".وأكدت أن المسؤولين الإسرائيليين يتصرفون بحصانة منذ أكثر من 70 عاماً، مسلطةً الضوء في هذا السياق على الممارسات الإسرائيلية كالاحتلال والضم والتعذيب والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية والفصل العنصري والقتل الممنهج والاعتقالات الجماعية.
وأشارت صايج إلى أن الحكومة الفلسطينية ستواصل التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية من أجل جميع الضحايا ومن أجل العدالة الدولية.وأردفت: "على مدى 77 عاما لم يُحاسب أي مسؤول إسرائيلي على الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني. أين نلجأ سوى المحكمة الجنائية الدولية، فهي ملاذنا الأخير".
واستطردت: "لا ينبغي الاحتفاء بمجرمي الحرب أو التغاضي عنهم. ولا ينبغي معاقبة ضحايا الجرائم الفظيعة لسعيهم إلى العدالة التي يستحقونها".وفي 21 نوفمبر 2024 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب الإسرائيلي السابق غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.ويوم 6 فيفري الماضي وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً بشأن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب هذا القرار.

إسرائيل تهدم منازل ومنشآت فلسطينية
هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي،امس الأربعاء، عددًا من المنازل والمنشآت الفلسطينية في جنوب الضفة الغربية، ضمن حملة متواصلة تستهدف مناطق عدة بذريعة البناء دون ترخيص، وفق ما أفادت به مصادر محلية وحقوقية.
وفي خربة الفخيت التابعة لمنطقة مسافر يطا جنوب مدينة الخليل، شرعت آليات إسرائيلية منذ ساعات الصباح بتنفيذ عمليات هدم واسعة طالت مساكن وحظائر أغنام تعود لعائلات فلسطينية تقطن المنطقة منذ عقود، وسط انتشار عسكري كثيف ومنع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم، بحسب ما ذكرت منظمة "البيدر" الحقوقية.
وقالت المنظمة في بيان وفق الأناضول إن عمليات الهدم تسببت بـ"حالة من الذعر بين الأهالي الذين فقدوا مساكنهم ومصدر رزقهم".وأشارت إلى أن المنطقة "تشهد منذ سنوات تصعيدًا إسرائيليًا يستهدف تهجير سكانها قسرًا لصالح التوسع الاستيطاني".
وأضافت أن "ما يجري في مسافر يطا يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويأتي ضمن سياسة ممنهجة لتفريغ التجمعات الفلسطينية في جنوب الخليل".وطالبت المؤسسات الدولية بالتدخل العاجل لوقف عمليات الهدم وحماية الوجود الفلسطيني في المنطقة.
وفي محافظة بيت لحم، هدمت قوات إسرائيلية منزلًا مأهولًا في قرية الولجة غرب المدينة، يعود للمواطن إيهاب صبري رضوان، بحسب ما أفاد رئيس مجلس قروي الولجة خضر الأعرج وفق الأناضول.وأوضح الأعرج أن القوات أغلقت المدخل الرئيسي الوحيد للقرية أثناء عملية الهدم ومنعت حركة المركبات والمواطنين، مشيرًا إلى أن المنزل يقع عند مدخل القرية.
وتضم مسافر يطا نحو 19 تجمعًا بدويًا وزراعيًا يقطنها مئات الفلسطينيين، وتُعد من أكثر المناطق المهددة بالترحيل القسري في الضفة الغربية، بعد أن صنفتها إسرائيل في ثمانينيات القرن الماضي "منطقة إطلاق نار عسكرية".
أما قرية الولجة، فتقع ضمن المنطقة "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بموجب اتفاقية أوسلو الثانية لعام 1995، وتشهد بين الحين والآخر عمليات هدم بحجة "عدم الترخيص".
وصنفت اتفاقية أوسلو 2 التي وقعت عام 1995 أراضي الضفة إلى 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 60 بالمئة من مساحة الضفة.
وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، نفذت إسرائيل منذ أكتوبر 2023 أكثر من ألف عملية هدم طالت نحو 3,700 منشأة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، بالتزامن مع تصاعد الاعتداءات ضد الفلسطينيين في مختلف المناطق.

الجنائية الدولية وأوامر الاعتقال
على صعيد آخر دعت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية القاضية اليابانية توموكو أكاني الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى دعم تنفيذ أوامر التوقيف الصادرة عن المحكمة.
وقالت أكاني في كلمة ، أثناء مناقشة التقرير السنوي للمحكمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن 33 مذكرة توقيف أعلنتها المحكمة الجنائية الدولية لم تُنفَّذ بعد.
ومن بين أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الدولية ثمة مذكرتان أصدرتا في 21 نوفمبر 2024 بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، إثر ارتكابهما جرائم حرب وضد الإنسانية بحق الفلسطينيين.
وأضافت أكاني: "تدعو المحكمة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى مساعدتها من خلال التعاون في اعتقال ونقل الأفراد الذين أمرت المحكمة الجنائية الدولية باعتقالهم".وتطرقت إلى عدد من التحقيقات التي تتابعها المحكمة عن كثب، ومن بينها أمرا التوقيف الصادرين بحق نتنياهو وغالانت.وقالت بهذا الصدد: "واصلت المحكمة جهودها لتعزيز قدراتها على الملاحقة، إلا أن أوامر التوقيف لا يمكن تنفيذها من دون تعاون الدول".
وأردفت: "على الرغم من جميع التحديات، ستواصل المحكمة الجنائية الدولية الوفاء بوظيفتها القضائية باستقلالية وحيادية تامتين".
"إسرائيل" تدمر 1500 مبنى بعد اتفاق غزة
هذا وأظهرت صور أقمار اصطناعية تدمير "إسرائيل" لأكثر من 1500 مبنى في قطاع غزة، منذ وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
وتشير الصور التي حللتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" والتقط آخرها في 8 نوفمبر الحالي، استمرار أنشطة التدمير الإسرائيلية في غزة "على نطاق واسع"، بحسب تقرير للهيئة، أمس الأربعاء.وكشفت الصور أن الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي سويت بالأرض خلال شهر واحد من وقف إطلاق النار، وأن الدمار يتركز بشكل خاص في بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس ومنطقة البيوك بالقرب من رفح.
وأكد التقرير تدمير أكثر من 1500 مبنى غير متضرر بالجرافات بعد وقف إطلاق النار.وخلص إلى أن آلاف المباني دمرت في المناطق الواقعة خلف ما يعرف بـ "الخط الأصفر". و"الخط الأصفر" هو الخط الذي انسحب إليه الجيش الإسرائيلي في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب على غزة، ويشكل أكثر من نصف مساحة القطاع.كما تشير الصور إلى تواصل عمليات الهدم أيضًا في حي الشجاعية وقرب مستشفى الإندونيسي شرق مدينة غزة.
من جهته قال نادي الأسير الفلسطيني،أمس الأربعاء، إن السلطات الإسرائيلية تنتهج سياسة "الانتقام الجماعي" بحق الأسرى المحررين المبعدين إلى مصر، من خلال منع عائلاتهم من السفر ولقائهم منذ الإفراج عنهم.وأوضح عبد الله الزغاري رئيس النادي (غير حكومي)، في بيان وفق الأناضول ، أن العشرات من الأسرى المبعدين يعانون أوضاعًا صحية حرجة، ويحتاجون إلى رعاية طبية وإلى وجود عائلاتهم إلى جانبهم.
وخص الزغاري بالذكر الأسير المحرر عبد الرحمن صلاح (71 عامًا) من جنين، الذي أمضى 23 عامًا في سجون الاحتلال الإسرائيلية، ويخضع للعلاج في أحد مستشفيات مصر منذ الإفراج عنه مطلع العام الجاري.وأضاف أن "الاحتلال لم يكتفِ بسلب حريتهم لسنوات طويلة، بل يواصل معاقبتهم بعد تحررهم عبر منع ذويهم من السفر ولقائهم".واستشهد بحالة الأسير المحرر معتصم رداد، الذي توفي في مصر بعد منعه من رؤية عائلته حتى في لحظاته الأخيرة.ودعا الزغاري المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية إلى التدخل العاجل لإنهاء هذه السياسة التي وصفها بـ"الانتقام الجماعي"، والسماح للعائلات بزيارة أبنائها المبعدين.
وأشاد بدور مصر في استضافة عشرات الأسرى المحررين وتوفير الرعاية الصحية والإنسانية لهم.وبحسب بيان سابق للنادي، فإن إسرائيل أبعدت نحو 383 أسيرًا محررًا إلى مصر عقب الإفراج عنهم ضمن صفقات تبادل منذ أكتوبر 2023، مشيرًا إلى أن الغالبية العظمى منهم ما زالت في مصر حتى اليوم.وتعد سياسة الإبعاد أحد الإجراءات العقابية التي تنتهجها إسرائيل ضد الأسرى الفلسطينيين منذ عقود، إذ تُستخدم كشرط في صفقات التبادل أو كوسيلة لمنع الأسرى من العودة إلى ذويهم في الضفة الغربية وقطاع غزة.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115