اليوم الاثنين 3 نوفمبر الجاري، لتنفيذ إضراب عام يمتدّعلى يومين بدعوةمن الجامعةالعامة للبنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين، وسط حالة من الترقّب الحذر لإمكانية توجيه دعوة إلى جلسة تفاوض في الساعات الأخيرة قبل انطلاق التحرّك الاحتجاجي، فالمجلس البنكي والمالي يرفض الحوار مع الجامعة حتى انه إعتبر الدعوة إلى الإضراب غير مبررة، إضراب يأتي في ظلّ تواصل الخلافات بين الهياكل النقابية وسلطة الإشراف بشأن عدد من الملفات المهنية والاجتماعية و استمرار الانسداد في الحوار الاجتماعي وعدم احترام الحقوق النقابية، وخصوصًا فيما يتعلق بـ تعديل المقدرة الشرائية للعاملين في ظل انعكاسات قانون المالية لسنة 2025، فضلاً عن عدم تطبيق الفصل 412 الفقرة الثالثة من القانون عدد 2024/41 من المجلة التجارية التونسية على أعوان وموظفي البنوك، وفق ما أكدته جامعة البنوك.
الدخول في إضراب عام يمتدّ ليومي الاثنين والثلاثاء، يُنتظر أن يُحدث شللًا شبه تام في المعاملات المالية للمواطنين والمؤسسات على امتداد يومين كاملين، في وقت لوّحت فيه بعض الأطراف النقابية بإمكانية تنفيذ إضراب ثانٍ خلال شهر ديسمبر القادم قد يستمرّ ثلاثة أيام إذا لم تُستجب المطالب. وقد أثار هذا الإضراب جدلًا واسعًا في البلاد، حيث تباينت المواقف بين من يراه حقًا مشروعًا في ظلّ تدهور أوضاع العاملين بالقطاع، وبين من يعتبر أنّ تعطيل الخدمات البنكية يمسّ مباشرة بمصالح المواطنين في ظرف اقتصادي حساس.
التجمع في بطحاء محمد علي
نشرت جامعة البنوك تفاصيل الإضراب العام، مشددة على أن الامتناع عن الالتحاق بمراكز العمل يشمل جميع الإدارات المركزية والفروع، مؤمنة بـ وعي العاملين وقدرتهم على الدفاع عن حقوقهم المشروعة دون الانصياع لأي ضغوط أو ترهيب. ودعت جميع الأعوان إلى عدم التوجه لمراكز العمل والمشاركة بفاعلية لإنجاح الإضراب، مع تعزيز الالتفاف حول النقابات الأساسية والجامعة وكافة هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل. كما وجّهت دعوة خاصة إلى أعوان وإطارات القطاع في تونس الكبرى للحضور بكثافة اليوم الاثنين 3 نوفمبر ابتداءً من الساعة التاسعة صباحًا ببطحاء محمد علي أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل.
الجامعة بين تنفيذ الإضراب والدعوة إلى الحوار
تتواصل، حتى الساعات الأخيرة قبل انطلاق الإضراب، حالة الترقّب داخل القطاع البنكي والمالي، بين تمسّك النقابات بتنفيذ قرار الإضراب العام المقرّر اليوم الاثنين وغدًا الثلاثاء وبين انتظار إمكانية عقد جلسة حوار في اللحظة الأخيرة قد تغيّر مسار الأحداث. هذا ووجه أحمد الجزيري، الكاتب العام للجامعة العامة للبنوك، قبل ساعات قليلة من تنفيذ الإضراب المقرر في قطاع البنوك والمؤسسات المالية والتأمين، نداءً إلى بنات وأبناء القطاع، دعاهم فيه إلى التمسك بالوحدة والثبات في الموقف النضالي. وأكد الجزيري في تدوينة له على صفحته الرسمية أن هذه المرحلة تُعد من "أهم المحطات النضالية في تاريخ القطاع"، مشيرًا إلى أن الجامعة بذلت كل الجهود الممكنة لتجنّب الإضراب عبر الحوار، "لكن هل أسمعت لو ناديت حيّا"، على حدّ تعبيره. كما حيّا التفاف العاملين حول هياكلهم النقابية، مجددًا تمسك الجامعة بخيار الحوار، دون أن يعني ذلك التراجع عن النضال المشروع. وأضاف: "نحن دعاة حوار، ولكننا لا نخشى ساحات البذل والإيثار والعطاء".
رسالة الجامعة إلى المجلس البنكي والمالي
وفي ما يتعلق بمحاولات الضغط على الأعوان، قال الجزيري إن الجامعة تتابع "ما يتعرض له بعض الزملاء من هرسلة وتهديد"، لكنها واثقة أن هذه المحاولات "ستنكسر أمام جدار الحق الذي شُيّد بالنضال والتضامن"، داعيًا الجميع إلى الثبات والوحدة. كما الجزيري رسالة إلى المجلس البنكي والمالي قائلاً: "مازالت لديكم فرصة ساعات، استجيبوا للحوار، نجلس على طاولة واحدة ونفتح ملفات القطاع ومطالب الموظفين بكل شفافية ومصداقية، فالتفاوض يعني تعليق الإضراب، وما دون ذلك سيأتيكم الرد اليوم من الموظفين رغم الهرسلة والتهديد".
المجلس البنكي: الدعوة إلى الإضراب غير مقبولة
الدعوة الى الإضراب في القطاع البنكي اعتبرها المجلس البنكي والمالي في بلاغ له، غير مبررة وغير مقبولة، مشددا على التزامه بالزيادة في الأجور في إطار أحكام قانون المالية لسنة 2026. وعبر المجلس البنكي والمالي عن حرصه على تفعيل الزيادة في الأجور التي سيقع إقرارها في أحكام قانون المالية لسنة 2026 خاصة الفصل 15 منه والأمر الذي سيليه إبان المصادقة عليه وصدوره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. وذكّر المجلس بحرصه "على إعطاء الأولوية القصوى لتحسين ظروف عمل كافة موظفي القطاع البنكي ودعم قدرتهم الشرائية سواء من خلال الزيادات في الأجور أو الامتيازات الأخرى، باعتبار أن رأس المال البشري يمثل الضمانة الأساسية لديمومة ومستقبل هذه المؤسسات وتطورها" وفق نص البيان.
إحترام أحكام القانون
وتابع المجلس البنكي في بيانه "يعتبر القطاع البنكي والمالي قطاعا حيويا، من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني وعليه يعتبر المجلس أن الدعوة لهذا الاضراب ليس لها أي مبرر اجتماعي أو اقتصادي، بل من شأنها إلحاق الضرر البالغ بمصالح الأفراد والشركات والمؤسسات المالية المعنية في وقت تقتضي فيه المصلحة العامة المزيد من العمل ومضاعفة الجهود والتحلي بروح التضامن والتآزر". وشدّد المجلس على إحترام أحكام القانون والتراتيب الجاري بها العمل في حالة الإضراب.
البنك المركزي: اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان استمرارية الخدمات
أمام تواصل تمسك جامعة البنوك بالاضراب العام وما يمكن ان يحدثه من تداعيات جد سلبية، وجه البنك المركزي التونسي مذكرة إلى البنوك، دعا فيها إلى اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان استمرارية الخدمات البنكية الأساسية خلال الإضراب القطاعي المزمع تنفيذه يومي 3 و 4 نوفمبر الجاري. وأكد محافظ البنك المركزي، فتحي زهير النوري في المذكرة أن الهدف هو تأمين حسن سير المعاملات المالية وحماية مصالح الحرفاء والمؤسسات خلال فترة الإضراب مع الحرص على مواصلة توفير الخدمات الحيوية التي تهم الأفراد والمؤسسات.
تأمين عمليات الدفع الإلكتروني والسحب النقدي وتحويل الأموال
وشملت التعليمات الموجهة للبنوك جملة من الإجراءات من بينها تأمين عمليات الدفع الإلكتروني والسحب النقدي وتحويل الأموال، تزويد الفروع البنكية بالكميات اللازمة من الأوراق النقدية لتغطية الحاجيات خلال فترة الإضراب، ضمان خدمة نقل الأموال بالتنسيق مع الشركات المختصة، الإسراع في تنفيذ أوامر الدفع والمعاملات المالية قبل موعد الإضراب، الحفاظ على جاهزية قنوات التواصل مع البنك المركزي لتأمين التدخل عند الحاجة، تنزيل العمليات الضرورية في حسابات الحرفاء وشركات الصرافة المشتركة.
الاستعداد الدائم للتدخل
كما دعا البنك المركزي البنوك إلى التفاعل السريع مع أي عطب أو انقطاع في الخدمات وتوفير الحد الأدنى من المعاملات الضرورية لضمان استمرارية النشاط البنكي دون تعطيل، مشدّدًا على ضرورة التزام مصالح البنك المركزي وفروعه بتطبيق هذه الإجراءات مع استعدادها الدائم للتدخل عند الاقتضاء لتأمين حسن سير النظام المالي الوطني.