تونس تحيي الذكرى الخامسة عشرة لاندلاع الثورة: مسيرات متباينة المطالب بين دعم السيادة ورفض التدخل الأجنبي والتشغيل والتنمية والبيئة السليمة

أحيت تونس، أمس الأربعاء 17 ديسمبر، الذكرى الخامسة عشرة

لاندلاع الثورة، وسط تحركات ميدانية متزامنة شملت العاصمة وعددا من الولايات، عكست تباينا في الشعارات والمطالب، بين مسيرات داعمة لمسار 25 جويلية 2021 ورافضة للتدخل الأجنبي، وأخرى احتجاجية رفعت مطالب اجتماعية وبيئية وتنموية. وفي إطار إحياء هذه الذكرى وقبل ساعات من انطلاق المسيرة، تحوّل رئيس الجمهورية قيس سعيّد في الساعات الأولى من فجر أمس إلى شارع الحبيب بورقيبة.

شهد شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، أمس الأربعاء، مسيرة حاشدة لأنصار رئيس الجمهورية قيس سعيّد ومساندي مسار 25 جويلية 2021، بمناسبة الإحتفال بالذكرى الخامسة عشرة لاندلاع الثورة. وانطلقت المسيرة من أمام المسرح البلدي، حيث توافد المشاركون منذ الساعات الأولى للصباح من مختلف ولايات الجمهورية، رافعين الأعلام الوطنية ولافتات تؤكد التمسك بالسيادة الوطنية ورفض ما وصفوه بكل أشكال التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي. وردّد المتظاهرون شعارات داعمة لرئيس الجمهورية ولسياساته، معتبرين أن مسار 25 جويلية مثّل "تصحيحا للمسار" واستجابة لإرادة شعبية عبّرت عن رفضها للأوضاع السياسية والاقتصادية التي سادت خلال السنوات التي أعقبت الثورة.

استكمال مسار الإصلاح

وشارك في المسيرة عدد من الشخصيات السياسية والبرلمانية والرسمية، من بينهم رئيس مجلس نواب الشعب وأعضاء من البرلمان ومجلس الجهات والأقاليم، إلى جانب نشطاء من المجتمع المدني ومواطنين من مختلف الفئات العمرية. وطالب المشاركون بمواصلة مكافحة الفساد وتكريس المحاسبة ومنع ما اعتبروه وصاية أجنبية على القرار السيادي التونسي، مؤكدين أن الحفاظ على استقلالية القرار الوطني يمثل أحد أبرز أهداف الثورة. كما عبّر عدد منهم عن تمسكهم بيوم 17 ديسمبر باعتباره التاريخ الحقيقي لانطلاق الثورة، داعين إلى استكمال مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بما يحقق مطالب التونسيين في الكرامة والعدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة.

رسالة دعم

واتسمت أجواء المسيرة بطابع تعبوي، حيث تخللتها هتافات وأناشيد وطنية، وسط حضور أمني مكثف لتأمين المسيرة، واعتبر عدد من المشاركين أن هذه المسيرة تمثل رسالة دعم واضحة لرئيس الجمهورية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، ودعوة إلى مزيد الالتفاف الشعبي حول مؤسسات الدولة، من أجل إنجاح مسار البناء الوطني وتحقيق أهداف الثورة التي اندلعت قبل خمسة عشر عاما. وقال رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة، في تصريح إعلامي، إن الاحتفال بذكرى الثورة يمثل مناسبة للتواجد مع الشعب والاستماع إلى مشاغله، مؤكدا أن الهدف الأساسي هو "أن تكون تونس في المسار الصحيح وأن تتحقق الدولة الاجتماعية التي نادى بها التونسيون". وأضاف أن البرامج الحكومية، وخاصة ما ورد بقانون المالية، تتجه نحو تحقيق العدالة الاجتماعية.

مسيرات للمطالبة بالتشغيل والتنمية والبيئة السليمة

وبالتوازي مع تحركات العاصمة، شهدت عدة ولايات مسيرات واحتجاجات اختلفت مطالبها باختلاف الجهات. فقد خرجت مسيرات للمعطلين عن العمل في عدد من المدن وبالتحديد في سيدي بوزيد رفع خلالها المحتجون مطالب التشغيل العاجل، داعين إلى حلول جذرية لملف البطالة الذي ظل من أبرز القضايا العالقة منذ اندلاع الثورة. كما شهدت ولايات أخرى تحركات شعبية رفعت مطالب متعلقة بالتنمية الجهوية وتحسين الخدمات العمومية والتشغيل، في حين عبّرت بعض المسيرات عن مواقف ناقدة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، ما عكس تنوع الرؤى والمواقف بشأن المرحلة الراهنة، رغم الإجماع على استحضار شعارات الثورة الأساسية في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

وفي ولاية قابس، انتظمت مسيرة احتجاجية ذات طابع بيئي وتنموي، طالب خلالها المشاركون بتفكيك الوحدات الصناعية الملوِّثة أو نقلها بعيدا عن المناطق السكنية، محمّلين السلطات مسؤولية تفاقم الأوضاع الصحية والبيئية بالجهة، ومؤكدين حقهم في بيئة سليمة وتنمية عادلة.

محطة لتجديد التمسك بقيم الثورة

وفي السياق ذاته، أكد مجلس الجهات والأقاليم، في بيان له بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لاندلاع الثورة، أن هذه المناسبة تمثل محطة لتجديد التمسك بقيم الثورة، مشددا على التزامه بدوره الدستوري في دعم مسار البناء الوطني، وتعزيز العدالة، والعمل على إرساء تنمية شاملة ومستدامة تنصف مختلف الجهات. وأضاف المجلس أن وحدة الصف الوطني وتكامل مؤسسات الدولة وتغليب المصلحة العليا للوطن تظل ركائز أساسية لمواجهة التحديات الراهنة، معتبرا أن يوم 25 جويلية 2021 شكّل محطة مفصلية عبّر فيها الشعب عن إرادته في تصحيح المسار وترسيخ السيادة الوطنية.

إعادة بناء ديمقراطية تحمي التعددية ومكتسبات الحرية

من جانبه اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في بيان أصدره بمناسبة إحياء الذكرى الخامسة عشرة لاندلاع الثورة، أن المسار السياسي الحالي الذي تعيشه البلاد لا يمكن إصلاحه، داعياً إلى ضرورة "إعادة بناء دستوري" يكرس المشاركة الفعلية والمواطنة الحقيقية، ويضمن استقلالية آليات الرقابة المؤسساتية. وشدد المنتدى على أن الخروج من الأزمة المركبة الراهنة يستوجب فك الطوق عن الحياة السياسية، وإعادة بناء ديمقراطية تحمي التعددية ومكتسبات الحرية، مؤكدا أن الدفاع عن قيم الثورة يظل مسؤولية مستمرة لمواجهة محاولات إعادة إنتاج التسلط وشخصنة الحكم ، داعياً القوى الحية إلى مواصلة النضال السلمي لوقف التضييق على الفضاء المدني، والمطالبة بإطلاق سراح المظلومين وصون كرامة المهاجرين، انتصارا لمبادئ العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115