الكيان يكثف تدمير المباني الاجتياح البري والتهجير الجماعي ...سياسة الإحتلال لإفراغ غزة

تتجه الأنظار الى أسطول الصمود العالمي الذي يتحضر للإبحار

يوم الأربعاء القادم الى غزة من الموانئ التونسية وتحديدا من ميناء سيدي بوسعيد أين ستتجمع كل الأساطيل القادمة من اسبانيا وإيطاليا وغيرها محملة بمئات الناشطين من مختلف أصقاع العالم لتنطلق الى غزة . هذه المبادرة تأتي بدعم من شخصيات حقوقية ومدنية وفنية وبزخم شعبي استثنائي والغاية هي كسر الحصار عن غزة بعد ان فشل المجتمع الدولي في انهاء الحرب الصهيونية التي خلفت أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث.

وفيما يترقب العالم بدء تحرك السفن الى غزة يبدو القطاع يعيش أحلك وأشد المراحل قتامة ، مع دخول عملية "عربات جدعون 2" التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي مراحلها الأكثر عنفا، حيث يتجسد المشهد في اجتياح بري واسع النطاق، مدعوم بغارات جوية متواصلة وبسياسة تجويع ممنهجة، وانهيار شبه كامل للبنية التحتية المدنية. ووفق مراقبين لا يقتصر المشهد على القصف والقتل والتجويع، بل يتجاوزها إلى إبادة وتهجير قسري يهدد وجود أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين في القطاع.
منذ الساعات الأولى للعملية، استهدفت الأبراج السكنية، والمستشفيات، والمدارس، وحتى مراكز الإغاثة الإنسانية. وحوّل جيش الإحتلال الإسرائيلي أماكن توزيع المساعدات إلى مصائد موت، سقط فيها عشرات المدنيين بين شهيد وجريح وهم يبحثون عن الطعام في أسوء مجاعة يسجلها التاريخ الحديث.
ويسعى المحتل عبر منع الغذاء والدواء والوقود، وفي الوقت نفسه استهداف من يسعى للحصول على المساعدة إلى إرغام سكان غزة على الخروج منها عبر سياسة تهجير قسري ممنهجة.

تكثيف عمليات التدمير في مدينة غزة
وشهدت الأيام الأخيرة تكثيفا في معدل عمليات النسف والتدمير التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في مدينة غزة، سواء عبر عمليات التدمير بواسطة الروبوتات المتفجرة أو من خلال القصف الجوي. وإلى جانب هذا الأمر بات الاحتلال يتبع وسيلة أخرى تقوم على الحرق، من خلال استخدام مواد حارقة يجري إسقاطها على الخيام والمنازل بواسطة مسيّرات "كواد كابتر"، ما يخلف دمارا وخسائر.
وتشكل عمليات ضرب الأبراج في مدينة غزة زيادة في وتيرة الضغط على السكان حالياً، في ظل عمليات التدمير الممنهجة في مختلف مناطق القطاع، وعدم وجود منازل كافية، ووجود عدد كبير من السكان في مناطق عشوائية ومخيمات. وتترافق هذه المرة مع إطلاق جيش الاحتلال عملية "عربات جدعون 2" التي تهدف، بحسب مزاعم الاحتلال، إلى حسم الحرب والقضاء على حماس تماماً، في الوقت الذي ردت فيه "كتائب القسام"، الذراع العسكرية للحركة، بإطلاق عمليات "عصا موسى" للتصدي للعملية العسكرية الإسرائيلية.
وأعاد استهداف الاحتلال الإسرائيلي برج مشتهى غرب مدينة غزة الجمعة الماضي وتدميره بالكامل إلى الواجهة من جديد السياسة الإسرائيلية المتبعة في الحروب، وجولات التصعيد التي كانت تتم مع المقاومة الفلسطينية في أوقات سابقة. كما دمر الاحتلال، أمس الأول السبت، بصواريخ ثقيلة، برجا سكنيا من 15 طابقاً، يضم أكثر من 60 شقة، غرب مدينة غزة. ويقع برج السوسي، الذي سوي بالأرض، على مقربة من مقر لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا".

التهجير… نكبة مستمرة
ويرى محللون أن الاحتلال يكرر اليوم سيناريو النكبة الأولى عام 1948. فمع كل قصف جديد وحيّ يُسوى بالأرض، يجد آلاف الفلسطينيين أنفسهم مجبرين على مغادرة منازلهم والسير على طرق محفوفة بالموت نحو الجنوب. لكن المفارقة القاسية أن الجنوب نفسه لم يعد آمنا، حيث تُقصف مناطق النزوح كما تُقصف البيوت.
وتصف تقارير المنظمات الحقوقية المشهد بوضوح بأنه تطهير عرقي في وضح النهار ودون تحرك دولي . وبينما تكتفي بعض الحكومات الغربية بدعوات فضفاضة إلى "ضبط النفس"، يستمر الاحتلال في رسم خرائط جديدة على الأرض، تُغيّر الواقع الديمغرافي وتكرّس معادلة افراغ غزة من سكانها الأصليين .

الضفة الغربية: تكريس السيطرة

بالتوازي مع ما يجري في غزة، تواصل حكومة الاحتلال في الضفة الغربية تنفيذ خطتها تحت عنوان "فرض السيادة"، وهو الاسم الملطّف لمشروع الضم التدريجي. مصادرة أراض، توسع استيطاني وتشديد الحواجز، واعتقالات يومية تطال كل الفئات. والهدف منها هو تكريس واقع يمنع أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة، ودمج الضفة ضمن المشروع الاستيطاني على المدى الطويل.
إذ يدرك الإحتلال أن القطاع يشكل خاصرة استراتيجية في المعادلة الفلسطينية، وأن بقاءه صامدا يبقي نيران المقاومة متقدة. ومن هنا، فإن تحييد غزة أو تفريغها من سكانها يعتبر هدفا طويل الأمد لدى الكيان الغاصب.
في المقابل، تراقب دول المنطقة المشهد بقلق، إذ تدرك أن أي انهيار إنساني كامل في غزة قد يفجّر موجات نزوح جماعية، وربما يفتح الباب أمام صراعات إقليمية أوسع. ومع ذلك، تظل المواقف الرسمية محكومة بالحسابات السياسية والضغوط الدولية، ما يترك غزة رهينة لمعادلة معقدة تتجاوز حدودها الجغرافية.
ما يجري في غزة كشف بوضوح حجم ازدواجية المعايير الدولية. ففي الوقت الذي تُرفع فيه شعارات حقوق الإنسان والقانون الدولي في ساحات أخرى من العالم، يسمح لإسرائيل بارتكاب انتهاكات جسيمة أمام أعين العالم. فمجلس الأمن عاجز عن إصدار قرار ملزم، فيما تكتفي بعض العواصم الغربية بدعم غير مشروط للاحتلال تحت ذريعة ومزاعم "حق الدفاع عن النفس".
مبادرة أمريكية جديدة
من جانبه ذكر موقع أكسيوس، امس الأحد، أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف نقل رسائل إلى حركة حماس ، بشأن اتفاق شامل للإفراج عن جميع المحتجزين الـ48 المتبقين مقابل إنهاء الحرب.
ويتضمن الاقتراح الذي نقله ويتكوف إلى حماس عدة "مبادئ عامة" لمقترح شامل. فيما قالت هيئة بث الاحتلال الإسرائيلية، إن المبادئ المذكورة ليست صيغة رسمية للاتفاق، بل خطوط عريضة يُفترض أن تُشكّل أساساً للمباحثات والحوارات المستقبلية.
وكانت وسائل إعلام قد أفادت باستئناف المحادثات بين الإدارة الأمريكية وحركة حماس، خلال الأيام الأخيرة. ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مصادر أمريكية وعربية قولها إن المحادثات بين واشنطن وحماس، استؤنفت في الأيام الأخيرة، لكن واشنطن لن تمنع إسرائيل من التقدم نحو مدينة غزة.
وادعى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نهاية الأسبوع الماضي، أن إدارته تُجري "مفاوضات عميقة" مع حركة حماس، مكرراً تهديده للأخيرة: "إن لم تطلق سراح كل الأسرى، سيكون الوضع سيئاً". وتواصل واشنطن إظهار دعمها لإسرائيل حيال توسيع الإبادة وشروع جيش الاحتلال بتنفيذ قرار المجلس الوزاري للشؤون الأمنية - السياسية (الكابينت)، باحتلال مدينة غزة عبر إنفاذ مخطط "مركبات جدعون 2"، الذي يتواصل منذ أيام بتفجير ما تبقى من أبراج مدينة غزة، ودفع أكثر من مليون فلسطيني يأهلون المدينة إلى النزوح جنوباً، للمرة التي لا يعرف سكان غزة أنفسهم أي رقمٍ بلغت.
إلى ذلك، أفاد موقع "واينت"، امس الأحد، بأن عائلات المحتجزين الإسرائيليين، طالبت أمس الأول في خضم التظاهرات التي نظّمتها في مدن إسرائيلية؛ نتنياهو بـ"إرسال وفد للمفاوضات حول إنهاء الحرب وإعادة جميع المختطفين"، مشيرة إلى أنه "مرّت ثلاثة أسابيع وإسرائيل لم تجب بعد على رد حماس". واعتبرت أن "غريزة البقاء الشخصية لرئيس الحكومة لا يمكن أن تأتي على حساب الحاجة إلى إعادة جميع المخطوفين ومنع الموت غير الضروري، كجزء من حرب لا تنتهي، هدفها الحفاظ على الائتلاف الحاكم".
في الصدد، أعلنت حماس، مساء أمس، أنها لا تزال ملتزمةً الموافقة التي منحتها لمقترح الوسطاء في الشهر الماضي. ولفتت إلى أنه "نحن منفتحون على أي فكرة أو مقترح يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً لقوات الجيش الإسرائيلي من القطاع، ودخولاً غير مشروط للمساعدات الإنسانية، والإفراج عن الأسرى، وذلك من خلال مفاوضات جدية عبر الوسطاء".
إعلان حماس، أتى بعدما وصل وفد من قيادة الحركة إلى القاهرة، أمس، دون إعلان مسبق، بحسب "العربي الجديد"، وذلك تلبيةً لدعوة مسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية. أمّا سبب الزيارة فهو مناقشة النقاط التي أثارها أخيراً ويتكوف، مع مسؤولين مصريين مشاركين في الوساطة.
وفي السياق، نقل موقع "واينت" عمن قال إنه "مسؤول مقرّب من حماس" قوله إن وفد الحركة الذي وصل إلى مصر، زار الأسرى الذين أطلق سراحهم في الصفقة الماضية، وإنه ناقش مع المسؤولين في المخابرات المصرية ملف الصفقة، ولكن النقاشات تمحورت حول أفكار سبق أن نوقشت دون جدوى؛ إذ بحسبه "لا يوجد تقدم" في الشأن.
وبالعودة إلى تصريح ترامب حول "المفاوضات العميقة مع حماس"، أفادت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية، صباح امس الأحد، بأن الولايات المتحدة نقلت عبر وسيط إسرائيلي سبق أن شارك في المفاوضات، مبادئ مقترح اتفاق شامل إلى حماس، في خطوة هدفها تحديد استمرار المفاوضات بين الطرفين. وطبقاً لما نقلته الهيئة عن مصادر، فإن المبادئ المذكورة ليست صيغة رسمية للاتفاق، بل خطوط عريضة يُفترض أن تُشكّل أساساً للمباحثات والحوارات المستقبلية.
ما سبق، يأتي على وقع زيارة من المتوقع أن يُجريها وزير الشؤون الاستراتيجية، ورئيس فريق التفاوض رون ديرمر، المقرب من نتنياهو، للولايات المتحدة خلال الأسبوع الجاري للقاء كبار مسؤولي إدارة ترامب، بهدف متابعة المحادثات.

 

"خارطة طريق وطنية"

من جهة أخرى اختتم وفد من حركة حماس زيارة إلى مصر بحث خلالها مع فصائل وشخصيات فلسطينية "رسم خارطة طريق وطنية"، وسط الإبادة الإسرائيلية بقطاع غزة والعدوان في الضفة الغربية المحتلة والقدس.
وقالت الحركة في بيان امس الأحد: "اختتم وفد قيادي من حركة المقاومة الإسلامية حماس مساء أمس السبت زيارة إلى جمهورية مصر العربية".

وأوضح أن الزيارة جاءت "ضمن جهود العمل من أجل إنهاء حرب الإبادة (الإسرائيلية) على قطاع غزة، ووقف تصاعد العدوان الصهيوني في الضفة الغربية والقدس المحتلة"، دون تحديد تاريخ بدء الزيارة وفق الاناضول.
وأفادت بأن وفدها الذي ترأسه القيادي زاهر جبارين "التقى فصائل فلسطينية (لم تسمها) ومؤسسات المجتمع المدني وشخصيات فلسطينية، ورجال أعمال في العاصمة المصرية القاهرة".
الوفد ناقش "سبل تعزيز التشاور وتطوير العمل المشترك ورسم خارطة طريق وطنية، إلى جانب التأكيد على أن وحدة الموقف والميدان هي الضمانة لإنهاء الحرب وتعزيز الصمود".
ولفتت حماس إلى أن "الزيارة تزامنت مع تصاعد جرائم الاحتلال في قطاع غزة، وتزايد سياسة التدمير والتهجير الممنهجة، وذلك في إطار الخطط الصهيونية لإعادة احتلال مدينة غزة واستمرار الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين".
وأوضحت أن "الفصائل الفلسطينية توافقت على استدامة البحث عن سبل إنهاء الحرب، وإسناد صمود أهالي قطاع غزة، ومواجهة ما تتعرض له الضفة الغربية والقدس المحتلة، إلى جانب تعزيز العمل المشترك لإدارة المعركة، ورسم خارطة طريق وطنية لما بعد الحرب".
وترعى مصر إلى جانب قطر مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل بشأن التوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى وإنهاء الحرب على غزة.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل الرفض والمماطلة، بينما وافقت الحركة الفلسطينية على أكثر من مقترح اتفاق متتالي.
استهداف مستوطنة إسرائيلية
من جانبها أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي ، امس الأحد، مسؤوليتها عن قصف صاروخي استهدف مستوطنة إسرائيلية في غلاف غزة .
وقالت سرايا القدس ، في بيان صحفي امس : "استهدفنا مستوطنة نتيفوت بغلاف غزة بصاروخين،ردا على جرائم الاحتلال في حق أبناء الشعب الفلسطيني".
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن صباح امس عن إطلاق قذيفتين من المنطقة الوسطى للقطاع الساحلي تجاه الأراضي الإسرائيلية.
من جانبها، تبنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في بيان العملية.
وقالت "قصفنا مغتصبة نتيفوت بصاروخين رداً على جرائم العدو الصهيوني بحق أبناء شعبنا".
وهذه المرة الأولى منذ أشهر التي تهدد عمليات إطلاق صواريخ من غزة بلدة نتيفوت التي تعد حوالى 50 ألف نسمة وتقع على بعد حوالى عشرة كيلومترات عن القطاع.
تحركات شعوب العالم
لكن في المقابل، تتعالى أصوات الشعوب ومنظمات المجتمع المدني في مختلف أنحاء العالم، مطالبة بوقف العدوان ومحاسبة المسؤولين عنه. هذا التناقض بين المواقف الرسمية والشعبية قد يشكل عنصر ضغط متزايد على الحكومات الغربية في المرحلة المقبلة.
ونهاية أوت المنصرم، انطلقت نحو 20 سفينة ضمن أسطول الصمود العالمي من ميناء برشلونة الإسباني، تبعتها قافلة أخرى فجر الاثنين الماضي، من ميناء جنوة شمال غربي إيطاليا. وكان من المنتظر أن تلتقي هذه السفن بقافلة ثالثة ستنطلق من تونس الأحد، لكنها تأجلت إلى الأربعاء المقبل، قبل أن تواصل رحلتها باتجاه غزة خلال الأيام المقبلة، بهدف محاولة كسر الحصار الإسرائيلي. ويتكون الأسطول من اتحاد أسطول الحرية، وحركة غزة العالمية، وقافلة الصمود، ومنظمة "صمود نوسانتارا" الماليزية. ويتكون الأسطول من اتحاد أسطول الحرية، وحركة غزة العالمية، وقافلة الصمود، ومنظمة "صمود نوسانتارا" الماليزية.
وأعلن حفيد نيلسون مانديلا عن انضمامه للأسطول ووجه رسالة الى كل أحرار العالم قال فيها :" لدينا رسالة وحيدة من جنوب افريقيا من صنع الأب المؤسس لديموقراطيتنا وأيقونتنا العالمية نيلسون مانديلا في زيارة لفلسطين عام 1959 قال " حريتنا ليست مكتملة من دون حرية الفلسطينيين ".
وتابع حفيد مانديلا بالقول :"لقد أصبحنا ذلك الجيل الذي أمسك العصا ونحن نجاهد لضمان تحرير فلسطين في حياتنا .وندعو كل أولئك الذين يبحرون في العالم لدعم الأسطول لضمان إنهاء 18 عاما من الحصار على غزة ونعول عليكم لتنفيذ هذه المهمة الإنسانية ".
ورغم حجم الكارثة، يظهر الشعب الفلسطيني في غزة قدرة استثنائية على الصمود. فالحياة، رغم كل شيء، لم تتوقف؛ المدارس البديلة تُقام في الخيام، المبادرات الشعبية تنتشر لتوزيع ما تيسر من غذاء ودواء، وأصوات المقاومة لا تزال حاضرة على الأرض. وباتت هذه القدرة على التكيّف والصمود جزءا من هوية غزة التي تحوّلت إلى رمز عالمي للنضال ضد الاحتلال والظلم.

تظاهرات في عواصم أوروبية تضامنا مع غزة
وشهدت عواصم السويد وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا احتجاجات شارك فيها الآلاف للمطالبة بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة. وشهدت ولايات تركية عدة، وقفات تضامنية داعمة للشعب الفلسطيني، ولـ"أسطول الصمود العالمي" الذي انطلق بمشاركة من أكثر من 44 دولة لكسر الحصار الإسرائيلي عن القطاع.
في استوكهولم، اجتمع مئات المتظاهرين في ميدان أودنبلان، استجابة لدعوات منظمات المجتمع المدني، حيث طالب المتظاهرون الحكومة السويدية بالتحرك الفوري لوقف جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في غزة. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: "الأطفال يقتلون في غزة" و"المدارس والمستشفيات تقصف"، مستنكرين صمت الحكومة السويدية تجاه توسيع إسرائيل حرب الإبادة في قطاع غزة. كذلك ردد المتظاهرون هتافات من قبيل: "الحرية لفلسطين، القاتل (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو" و"أوقفوا خطة الاحتلال الإسرائيلية"، ثم ساروا إلى أمام وزارة الخارجية السويدية.
وقال الناشط السويدي فريدريك يوهانسون وفق وكالة الأناضول، إنه يطالب بوقف التطهير العرقي الذي ترتكبه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. وشدد يوهانسون على أن مشروع نتنياهو لتهجير سكان غزة فظيع للغاية، قائلاً: "خطة نتنياهو لم تكن قَطّ بتدمير حماس، بل احتلال غزة وقطاع غزة، وهو يسعى لتحقيق هذه الخطة منذ سنوات". وأكد أنّ إسرائيل ترتكب جريمة الإبادة الجماعية بمعاقبة شعب بأكمله، وقال: "إن التمييز والنفي وانتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات الدولية لم تبدأ في السابع من أكتوبر 2023، بل بدأت هذه الانتهاكات والإبادة الجماعية قبل 75 عاماً".
وفي باريس، اجتمع آلاف المحتجين في ميدان الجمهورية حاملين بأيديهم أعلام فلسطين، مطالبين بوقف الإبادة الإسرائيلية في غزة. وطالب المتظاهرون الحكومة الفرنسية بفرض عقوبات على حكومة تل أبيب، ودعوا إلى مقاطعة العلامات التجارية العالمية الداعمة لإسرائيل. وفي التظاهرة التي حظيت بمشاركة عائلات مع أطفالها، حضر محتج المظاهرة وفي يده حمامتان بيضاوان ترمزان إلى السلام. وحمل بعض المتظاهرين أكياساً رمزية من الدقيق على أكتافهم، سعياً منهم لتسليط الضوء على المجاعة التي يواجهها سكان غزة.
كذلك شارك مئات الآلاف من المتظاهرين في لندن، السبت، ضمن تظاهرة دعت إليها حملة التضامن مع فلسطين في المملكة المتحدة، للوقوف ضد الإبادة الجماعية في قطاع غزة، واحتجاجاً على موقف الحكومة البريطانية. وجابت التظاهرة وسط لندن، واختتمت أمام مقر الحكومة البريطانية في داونينغ ستريت، حيث ألقى العديد من السياسيين وممثلي النقابات والحركات الناشطة خطابات دعت إلى حماية الشعب الفلسطيني ودعم حق تقرير المصير وإنهاء الاحتلال. ودعا المتظاهرون إلى ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي، ورفعوا لافتات تدين التواطؤ البريطاني مع الإبادة في غزة.

وفي السياق، شهدت العاصمة الإيطالية روما، تظاهرة داعمة لأسطول الصمود العالمي الذي انطلق من إسبانيا، الأحد الماضي، لكسر الحصار الإسرائيلي على غزة والفلسطينيين. ونظم التظاهرة الاتحاد العام لنقابات العمال الإيطالية، إحدى أكبر نقابات العمال في البلاد، لدعم أسطول الصمود العالمي في روما، ومدينتي كاتانيا وبيسكارا. وفي التظاهرة التي أقيمت في ساحة كامبيدوجليو بروما، احتجاجاً على الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، أعرب المتظاهرون عن دعمهم لأسطول الصمود العالمي، الذي انطلق من مدينة برشلونة الإسبانية في 31 أوت الماضي، لكسر الحصار عن غزة وفق العربي الجديد.
وفي كلمته خلال التظاهرة، أوضح المصور الصحافي الفلسطيني عبد الرحمن الكحلوت، أنه رأى الدعم لغزة حينما كان داخل القطاع، وأنه جاء إلى أوروبا ليشرح للرأي العام ما يحدث في غزة بشكل أفضل. بدوره، تطرق عمدة روما روبرتو غوالتيري، إلى الأحداث في غزة، قائلاً: "الصمت إزاء ما يحدث أمر غير مقبول. ولهذا السبب نقف جميعاً مع الأسطول". وعبّر عمدة روما عن تمنياته برحلة سالمة للمشاركين في أسطول الصمود العالمي. وبعد ذلك توجهت جموع المتظاهرين من ساحة كامبيدوجليو إلى الكولوسيوم، أحد معالم روما.
اليونيسف: خطر المجاعة يتفاقم
على صعيد متصل حذرت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تيس إنغرام من تفاقم خطر المجاعة في مدينة غزة، وامتدادها إلى وسط القطاع في غضون أسابيع إذا لم يتم التدخل واتخاذ إجراء عاجل.
وقالت إن خطر انتشار المجاعة في مدينة غزة قائم، مؤكدة أن العائلات باتت عاجزة عن توفير الغذاء لأطفالها، وأن الوضع في القطاع أصبح "كارثيًا".
ومن غزة، أشارت إنغرام، وفق الأناضول، إلى أن الفلسطينيين في القطاع، لاسيما شرق وشمال مدينة غزة، يعيشون تحت وطأة تهديد مستمر من القصف الإسرائيلي المتصاعد.
وقالت إن "فلسطينيي تلك المناطق يفرون من القصف إلى الغرب نحو البحر، حيث تزداد أعداد المخيمات والخيام على طول الشريط الساحلي".
وأكدت أن مدراء المستشفيات أبلغوها بارتفاع عدد الأطفال المصابين بكسور وحروق وجروح جراء القصف الإسرائيلي في الأيام الأخيرة.
وأضافت إنغرام أن كثيرًا من فلسطينيي مدينة غزة يفكرون في النزوح جنوبًا، لكنهم يدركون أن الأوضاع هناك مشابهة، مع شح المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب واستمرار القصف.
وقالت: "لا يوجد مكان آمن في غزة". وأشارت إنغرام إلى أن الأمم المتحدة أكدت في 22 أوت الماضي، وجود مجاعة في غزة، لافتة إلى أن الوضع لم يتغير منذ ذلك الحين.

وفي 22 أوت الماضي، أعلنت منظمة IPC (المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) التابعة للأمم المتحدة، عبر تقرير، "حدوث المجاعة في مدينة غزة (شمال)" وتوقعت أن "تمتد إلى دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب) بحلول نهاية سبتمبر المقبل".
كما حذّرت إنغرام من أن المجاعة قد تمتد إلى وسط القطاع في غضون أسابيع إذا لم يتم التدخل واتخاذ إجراء عاجل .وفي معرض وصفها للوضع بغزة، قالت المسؤولة الأممية: "الأهالي يبحثون بيأس عن طعام وماء، التقيت بآباء وأمهات يمسكون يدي باكين ويسألون متى سيصل الطعام؟ هل سيبقى طفلنا على قيد الحياة حتى ذلك الحين؟ الوضع كارثة كاملة".
ولفتت إلى أن العاملين في القطاع الصحي والإنساني والصحفيين ظلوا منذ أشهر يحذرون من المجاعة في غزة، "لكن شيئًا لم يتغير".
وأضافت أن الأهالي الفلسطينيين يعيشون في حالة عجز لأنهم يعلمون أن الأسوأ لم يأتِ بعد، وأنه "لا يوجد ضغط دولي كافٍ لتغيير هذا الواقع".
وقالت إنغرام إن العيادات التي تدعمها اليونيسف تشهد ازدحامًا من الأهالي الذين ينتظرون إجراء فحوصات لأطفالهم الذين يعانون من مؤشرات سوء التغذية، وكثير منهم يتلقى العلاج بالفعل.
وعن زيارتها هذا الأسبوع عدة عيادات خاصة بسوء التغذية في غزة، قالت: "النسبة العامة تشير إلى أن 15-20 في المئة من الأطفال الذين خضعوا للفحص يعانون من سوء تغذية. هذه نسبة مرتفعة جدًا، بل تتجاوز عتبة المجاعة".

وأضافت: "هذا يعني أن آلاف الأطفال بحاجة ماسة للعلاج، وأنه يجب إدخال كميات كبيرة من الغذاء والمياه النظيفة إلى غزة فورًا".
وتابعت: "إذا لم يتغير الوضع، فالمزيد من أطفال غزة سيواجهون خطر الموت جوعًا".
وأفادت إنغرام أن أكثر من 110 أطفال توفوا حتى اليوم بسبب سوء التغذية، نصفهم تقريبًا خلال العام الجاري وحده.
وأكدت أن هذه الوفيات "من صنع الإنسان" وكان يمكن تفاديها.
وشددت على أن الأطفال بحاجة ماسة للغذاء والمياه والدواء، مؤكدة أن مئات الشاحنات يجب أن تدخل يوميًا إلى غزة لتغطية الاحتياجات الأساسية، "لكن ذلك لا يحدث حتى الآن".

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115