في مهرجان البندقية السينمائي، كان من المتوقع أن يكون لفيلم "صوت هند رجب" صدى عند لجنة التحكيم وخاصة عند الجمهور في عرضه العالمي الأول. وفي قاعة اختتام المهرجان التي امتلأت بالتصفيق وبدموع التأثر، صعدت المخرجة التونسية كوثر بن هنية إلى منصة التتويج لترفع عاليا جائزة "الأسد الفضي"، بعد أن حملت بين يديها ست جوائز موازية مرموقة.
اقتنصت كاميرا المخرجة كوثر بن هنية نصيب الأسد من الجوائز التي يمنحها مهرجان البندقية السينمائي الدولي في دورته الثانية والثمانين، التي انطلقت يوم 27 أوت واختتمت مساء السبت 6 سبتمبر 2025.
أهدت الجائزة للهلال الأحمر الفلسطيني
منذ بداياتها، آمنت كوثر بن هنية بأن السينما ليست ترفا أو ترفيها بل وسيلة لمناصرة القضايا العادلة والدفاع عن حقوق الضعفاء...وفي "صوت هند رجب" لم تنقل المخرجة التونسية مأساة الطفلة الفلسطينية كحدث موجع بل أعادت صياغة الواقعة دراميا لتكون ذاكرة حية ومساءلة لضمير العالم الذي لم يفعل أي شيء أمام استغاثة الطفلة هند.
عند تتويجها بجائزة "الأسد الفضي" جدّدت كوثر بن هنية موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، وأهدت الجائزة للهلال الأحمر الفلسطيني وأشادت بـالأبطال من المسعفين الذين يعملون في فرق الإنقاذ تحت القصف والخطر.
وفي كلمتها قالت كوثر بن هنية: "إنّ صوت هند رجب هو صوت غزة نفسها، كان صوت هند صرخة استغاثة سمعها العالم بأسره، لكن لم يُجِب أحد. سيظل صوتها يتردد حتى يتحقق الحساب والعدالة. السينما لا تستطيع أن تعيد هند إلى الحياة، ولا أن تمحو الجريمة التي ارتُكبت بحقها، لكنها قادرة على حفظ صوتها."
وأكدت كوثر بن هنية أنّ "قصة هند ليست ماضيا بل مأساة راهنة إذ ما زالت أسرة هند، مثل آلاف العائلات في غزة، تعيش تحت الخطر والجوع والخوف في ظل قصف يومي متواصل، مناشدة قادة العالم إلى التحرك لإنقاذ غزة".
وختمت بالقول: "فلترقد هند بسلام، ولتسهر أعين قاتليها فلا تنام، والحرية لفلسطين."
استغاثة الطفلة الفلسطينية هند رجب تحرج العالم !
لقد أعادت كوثر بن هنية السينما لوظيفتها الأصلية في أن تكون سلاحا ضد النسيان وصوتا لا يخفت مهما اشتد الحصار.وانطلاقا من قصة حقيقة للطفلة الفلسطينية الشهيدة هند رجب، أسمعت المخرجة التونسية كل العالم استغاثة الطفلة ابنة الستة أعوام التي تتصل طلبا للنجدة التي علقت في السيارة بعد أن قتل أفراد عائلتها تحت نيران القصف الإسرائيلي. تتوسل هند، الناجية الوحيدة لإنقاذها لكن والقصف المباشر كان أسرع إليها من سيارة الإسعاف. فماتت هند وبقي صوت استغاثتها دليل إدانة للعالم الصامت عن مأساة غزة.
وفي اختتام مهرجان البندقية السينمائي، فاز فيلم "صوت هند رجب" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية بست جوائز موازية مرموقة من أصل ثماني جوائز يمنحها المهرجان.وتمثلت قائمة الجوائز التي ظفر بها الفيلم في:" الشبل الذهبي" و"جائزة الصليب الأحمر الإيطالي" و"جائزة أركا للسينما الشبابية" و"تنويه سينما من أجل اليونيسف" و" لابتسامة المختلفة" و"جائزة إنريكو فولتشينوني" .
في تونس تم تصوير فيلم "صوت هند رجب" في إنتاج تونسي قبل أن تنضم عديد الشركات الداعمة ويلتحق عدد من نجوم هوليود بشبكة دعم الفيلم الذي لا يتجاوز 90 دقيقة من الزمن لكنه كان كفيلا بهز صمت العالم.
وقد اختارت تونس رسميا ترشيح فيلم "صوت هند رجب" لتمثيلها في الدورة 98 من جوائز الأوسكار. ومن المنتظر أن يُعرض الفيلم في القاعات التونسية بداية من 10 سبتمبر 2025.
من "سيزار" إلى "البندقية"... كوثر بن هنية تدعو لإنقاذ غزة
في السنوات الأخيرة، أصبحت أفلام كوثر بن تصنع الحدث وتخطف الأضواء وتنجح في الإقناع واقتلاع أكبر الجوائز في أعرق مهرجانات السينما. وفي السنة الفارطة ، فاز فيلمها "بنات ألفة " بجائزة "سيزار" الفرنسية لأفضل فيلم وثائقي. وخلال تسلمها جائزة سيزار الفرنسية لم تتخل كوثر بن هنية عن دعم القضية الفلسطينية، حيث قالت في كلمتها على منصة التتويج وأمام كاميرات العالم"إّن "وقف قتل الأطفال أصبح مطلبا جذريا" مشددة على أن "المذبحة يجب أن تتوقف".
على مسرح الأولمبيا في باريس في حفل سيزار الـ49 في شهر فيفري 2024، صدحت كوثر بن هنية قائلة : "نعلم جميعا أن الأفلام لا تغير العالم، لكنها تغير علاقتنا بالعالم... إنه أمر فظيع للغاية ولا يمكن لأحد أن يقول إنه لا يعرف ما يحدث في غزة إنها أول مذبحة يتم بثها على الهواء مباشرة ونشاهدها على هواتفنا".