قراءة في قصة "الوحش سكر" عوالم الطفولة:الأفق والانتظارات

صدر عن دار ليالي الجازية للنشر والتوزيع قصة طويله للكاتبة

ريحان رحيم تحت عنوان "الوحش سكر" في طبعتها الأولى 25 20 وعلى امتداد 77صفحة وزعت أفكارها ورسائلها ومجموع ما أرادت تبليغه للأطفال كرسائل تربوية وأخلاقية واجتماعية.

وقد نحتت مضمون متنها بلغة وكلمات تتماشى والتطور الحس حركي والمعرفي لدى الطفولة إد أجزمنا بما قال القدامى " الطفل عن الطفل ألقن ".
وها هي ريحان رحيم الكاتبة صاحبة14 سنة تكتب نصا ومتنا اختارت له وحشا لتشد انتباه الأطفال المولعين والمحبين لعالم الوحوش والقصور المهجورة وعوالم الفضاء وغيرها من الأمكنة التي يتفاعل معها الطفل وهو يشكل شخصيته ويصقلها بالمعارف والخيال والمطالعة.
هذا الوحش الغائب الحاضر في كل تمفصلات القصة الوحش المتصور هذا الوحش الذي كان وأصبح حديث الكبار والصغار الذي نسجت حوله الحكايات والجدل والرعب الذي استبدل راحة الناس وسكينتهم بالخوف والرعب فتخيلوا شكله واخترعوا له وجها وملامح ويجب أن يكون عملاقا لتتوفر فيه كل الصفات التي تجعل منه وحشا قاتلا عدوانيا آكلا للحوم البشر والحجر. هذه الصورة التي تشكلت في أذهان الكبار قبل الصغاروكانت منطلقا وحجة للتوأم سراج وسارة و وأيان لخوض غمار تجربة دخول الغابة والقضاء على هذا الوحش القاتل والظفر بمكسب السبق في هذا المضمار نظرا لعدم تقدم أي رجل من هذه القرية الآمنة الطيبة وارجاع الطمأنينة لأ هلها الطيبين.
هذه الرحلة التي قدمت للأطفال العديد من الدروس وفكت الطلسم هذا الوحش اللغز. هذه الرحلة التي كشفت زيف الأقاويل والحكايات حول هذا الكائن الذين وجدوه بريئا مسالما يحب الأكل و النوم واللعب ولا يرغب في إيذاء أحد فهو حيوان عاشب يلهو و يلاحق الفراشات والعصافير كائن وديع وجميل فعوض أن يعود الأطفال ومعهم الوحش مقتولا بعد أن قضى عليه الأطفال أو أن يكونوا هم لقمته السائغة عاد معهم مشيا على الأقدام وقد تكونت صداقة حميمية بينهم ليكون المشهد صورة واقعية تدحض كل الأقاويل والأكاذيب التي حيكت عنه .
هده الرحلة التي اكتشفوا من خلالها زيف شجاعتهم وخوفهم وفزعهم . هذه الرحلة التي قدموا من خلالها نقدهم الذاتي فيما يخص تصديقهم للحكايات التي قيلت عن الوحش واعتبروا أنفسهم مغفلين وأنهم تسرعوا في أخذ قرار الدخول للغابة والبحث عن الوحش وأنهم أخطأوا في الخروج من البيت دون الاستئذان من الوالدين والاعتذار عما بدر منهم من خروج دون مشورة.وما أحدثه غيابهم من قلق أسري حتى وصل لكل القرية صغيرهم وكبيرهم.
هذه الرحلة التي جعلت منهم أبطالا وكانوا محل فخر الوالدين بعد أن عادوا ومعهم الوحش سكر عادوا وقد تسلحوا بتجربة ثرية ستنضاف كميا وكيفيا لذواتهم بعد أن تسلحوا بتربية خاصة قال عنها المتحدث باسم التجربة والرحلة الطفل أيان "ولا تنسى يا أبي أنك ربيتنا على الشجاعة والاقدام والتضحية والايثار"ليتعلم أطفال القرية درسا مهما " في التضحية والايثار ومحبة الناس والموطن والوطن."
هذه الأخلاق تحلى بها الأب قبلهم فقد كان جارا خلوقا لا يتردد في مساعدة جيرانه3 لذلك تكاتفت المجهودات النسائية والرجالية في البحث عن التوأم والدخول الى الغابة والمواساة والتخفيف والتضامن والدعم النفسي في لحظات انهيار الأب والأم حالات الاب والام.
قادت الرحلة وحالات الأب والأم النفسية حركة سردية يتناوب فيها اليأس والفزع والفشل والانهيار والبكاء والقلق القاتل مع لحظات طمأنينة وسكينة لتصل دروتهاعند الاعلان الرسمي لفقدان التوأم والفشل الذريع لأن المجموعة لم تجد الأطفال ليدب الأمل الفياض من جديد عند عودة التوأم ومعهم الوحش الوديع .
كما قدم المتن منجما بيئيا فحضرت الطيور والفراشات والغربان والذئاب والمغارة الصغيرة والهواء النقي وعالم التخييم ومخاطره مع أهميته في التمتع بجمال الطبيعة والاعتراف بمن أبدع وجمل.
أعطت الكاتبة البطولات والتضحيات للأطفال الذين يمكنهم فعل ما لا يفعل وإنجاز ما يحسب صعب التحقق والمنال وهذه هي التجارب الابداعية من الطفل الى الطفل والخروج به من دائرة التقليد والاستماع والتطبيق إلى دوائر الفعل الايجابي الذي يحقق المكاسب وينجز ما يمكن إنجازه .
كان نص الكاتبة الواعدة ريحان رحيم حاملا لأفكار وتصورات الطفل ببراءته وفضوله ورغبته الجامحة في اختراق الأبواب التي توصد دونه وقالت عنهم وعنها وعن الطفولة "لتنفيذ ما يجول برؤوسهم من أفكار شقية وخارقة وممنوعة" مع لغة سليمة شيقة وسلسة معبرة عن الحالات النفسية أوقات الذروةوالقلق والفرحة.
كان الدرس متبادلا استفادوا من بعض الدروس وقدموا بدورهم دروسا للآخرين. كما لم تخرج الكاتبة عن قاعدة الأرقام ولعبة الأعداد فحضر الرقم3كعدد للتوأم وهذا الرقم متداول في قصص الأطفال مع الرقم7 والرقم9 لتعبيراته السحرية ولأنه ارتبط بعوالم الأساطير والحكايات القديمة

بقلم طارق العمرواي 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115