تمّ إخراجهما قسرا من دار الجمعيات بحمام الأنف: من ينقذ قوت وعرائس محمد نوير وأحلام ميسار؟

من الهامش إلى الظل إلى التضييق...لا يزال عدد من الفنانين في تونس

يصارعون من أجل حق بسيط: فضاء لممارسة الفن. وقد ضاق هذا الفضاء على الفنانين المحترفين محمد نوير وأحلام ميسار الذين أمضيا عمرا طويلا في نحت ملامح مسرح العرائس ليجدا أنفسهما بين عشية وضحاها دون ورشة ودون مقر ... وفي إحالة على بطالة قسرية !

دون إمهال أو سابق إنذار، تمّ غلق دار الجمعيات الثقافية بحمام الأنف دون تفسير منطقي، لينجر عنهم حرمان الفنانين من مواصلة ورشتهم وإتمام المشاريع التي في عهدتهم ...

غلق باب الرزق والحلم

هي 50 سنة وأكثر، نذرها الفنان العرائسي القدير محمد نوير من عمره ويومياته من أجل تأثيث ركح فن العرائس بمنتهى الرقي والجمال. وبكثير من الوفاء والإتقان، رافقته في رحلة الإبداع رفيقة دربة وفنّه العرائسية أحلام ميسار ليشيّدا معا قصورا من الأحلام للأطفال ... وللكبار !
وشاءت الأقدار، والفنانين في قطيعة عن العالم وفي عزلة مع العرائس في مكانهما المفضل، في ورشتهما التي يصنعان فيها شخصيات من جسد ونبض حتى وإن كانت لا تنطق، أن يقتحم عزلتهما أعوان البلدية لتنفيذ قرار غلق "دار الجمعيات الثقافية" بحمام الأنف. وفي صوت حزين، روت الفنانة المسرحية أحلام ميسار تفاصيل ما حدث، فقالت: " بينما كنا بصدد العمل في الورشة وأيدينا مغمسة بالطلاء وبالألوان، تفاجآنا بدخول ثلاثة من أعوان البلدية ليقوموا بإغلاق المقر دون سابق إنذار. توجهت إلى المعتمد للاستفسار فلم أعثر على إجابة مقنعة، وحتى الادّعاء بأنّ البناية آيلة للسقوط وغيرها من الحجج فإنّ الأمر يفترض مرونة في التطبيق. نحن اليوم في وضعية نفسية متأزمة وفي عطالة فنية ومادية وقد تعطل شغلنا وتعثّر مسار مورد رزقنا في أوّج موسم نشاطنا بعد ان التزمنا بتعهدات ومشاريع عمل مع عدد من المهرجانات ومؤسسات الطفولة. لقد تركنا في الورشة التي تم غلقها قسرا حوالي 10 مسرحية و30 عروسة يعني شقاء العمر وتعب سنوات من الاعتكاف والصبر في خلق العرائس.

رسالتا تظلم إلى الوزارة وولاية بن عروس

في وقت تؤكد فيه وزارة الشؤون الثقافية دعم الإبداع والفن، تأتي صرخة أحلام ميسار باسمها وباسم الفنان القدير محمد نوير لتطالب بفضاء لممارسة الفن. وفي رسالتي تظلم بتاريخ 30 جوان 2025، الأولى موجهة إلى وزيرة الشؤون الثقافية والثانية إلى والي بن عروس، ورد ما يلي : "بعد 15 سنة من الوجود بفضاء دار الجمعيات (الحمّام السوري سابقا) ودون سابق إنذار وقع إخراجنا من المقر قسرا دون أي تفسير وتبرير ! والحال أن ورشتنا هي مورد رزقنا الوحيد وشقاء كل عمرنا وثمرة 40 سنة من التعب. "
وطالب الفنانان المحترفان والمختصان في فن العرائس محمد نوير وزوجته أحلام ميسار بالعودة إلى مقر دار الجمعيات أو تمكينهما من فضاء آخر يواصلان فيه العمل والحلم .
لم تخف الفنانة أحلام ميسار حسرتها وهي تقول لـ "المغرب": نحن لا نتقاضى أجرا شهريا من الوزارة ولا نتمتع بالتغطية الاجتماعية فقط نعيش من عرق جبيننا وسخاء عرائسنا حين تكتمل وتصبح جاهزة للعرض. لذلك فإن ورشتنا التي تمّ غلقها
ليست مجرد هواية بل باب رزقنا. ولما نُقصى من حقنا في العمل ونحن نملك كل الشروط، كأننا نُحرم من حقنا في العيش بكرامة. ولما يغلقوا في وجهنا باب المسرح، فإنه قد أغلقوا معه باب البيت والخبز والكرامة!"

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115