وبالتحديد في المزونة والرقاب والمكناسي التي سجلت عدة رجات متتالية كانت أشدّها في 3 فيفري الماضي، رجات تعتبر من المنظور العلمي متوسطة وهي ظاهرة طبيعية وتواتر الرجات المسجلة تتحكم في بروزها الصدوع والاتجاهات المختلفة، رجات، وفق المعهد الوطني للرصد الجوي مازالت متواصلة في المستقبل القريب أو المتوسط إلى أن تخرج كل الطاقة الموجودة في باطن الأرض ويحدث التوازن، وقد سجلت معتمدية الرقاب من ولاية سيدي بوزيد يوم الجمعة 18 أفريل الجاري على الساعة 10 و33 دقيقة رجة أرضية بلغت قوتها 3.7 درجة على سلم ريشتر، بحسب ما رصدته محطات رصد الزلازل التابعة للمعهد.
وكانت اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث وتنظيم النجدة بسيدي بوزيد، قد اتخذت مجموعة من التدابير والإجراءات إثر تسجيل رجات أرضية متتالية منذ يوم 3 فيفري الجاري بالجهة. وقرّرت اللجنة البقاء في حالة انعقاد دائم، وتجميع الإمكانيات والتجهيزات المتاحة، وأوصت بخروج اللجان المحلية لمعانية البناءات المهددة بالسقوط، وتنظيم عمليات بيضاء تحاكي حدوث زلازل، والاتفاق على وضع خطة للتعاطي الإعلامي بعد كل رجة.
تسجيل 139 رجة أرضية في ولاية سيدي بوزيد
أكد خير الدين العطافي كاهية مدير الزلازل وعلم الفلك بالمعهد الوطني للرصد الجوي في تصريح لـ"المغرب" أنه عبر التاريخ منذ السبعينات تمّ في عدة مناطق من ولاية سيدي بوزيد وبالتحديد المكناسي والمزونة والرقاب وما جاورها تسجيل 139 رجة أرضية بما فيها الرجة التي تمّ تسجيلها غرب معتمدية الرقاب يوم الجمعة 18 أفريل على الساعة 10 و33 دقيقة والتي بلغت قوتها 3.7 درجة من سلم ريشتر، وهو عدد يعتبر ضعيفا مقارنة بجهات أخرى في العالم. وتبرز الإحصائيات أنه بالنسبة للرجات أقل من 2 درجة على سلم ريشتر فقد تمّ تسجيل 4 رجات بالجهة، فيما تمّ تسجيل 67 رجة بين 2 و3 درجة على سلم ريشتر و53 رجة ما بين3 و 4 درجات و11 رجة ما بين 4 و5 درجات و3 رجات ما بين 5 و 6 درجات والملاحظ، وفق محدثنا أن النشاط الزلزالي يتمركز بين 2 و3 درجة وخصائص هذه الجهة تقع بها زلازل تتحكم في نشاتها البنية الجيولوجية مع تمركز محورها أقل من 3 درجات على سلم ريشتر ونادرا ما تقع رجات أرضية تكون قوتها أكثر من 4 درجات على سلم ريشتر.
نقطة التقاء لعدد كبير من التشكلات الجيولوجية
وفق مصدرنا فإنه من الناحية الجيولوجية تمثل المنطقة الممتدة بين الرقاب والمكناسي والمزونة من ولاية سيدي بوزيد نقطة التقاء لعدد كبير من التشكلات الجيولوجية التي تكون سلسلة الجبال بالجهة والتي لها اتجاهات متعددة، مشيرا إلى أن البنية الجيولوجية النشيطة فيها الكثير من الاتجاهات والمحور شمال جنوب معروف كثيرا جيولوجيا وله امتداد كبير وهي جبال أو هضاب ليست مرتفعة كثيرا وتمر بمنطقتي المكناسي والمزونة حيث تتقاطع بسلسلات جبلية متجهة من شمال 45 إلى 90 درجة والالتقاء لهذه السلسلات من الناحية الجيولوجية يكون ملائما لخروج إلى السطح لصخور تنتسب إلى الترياس وهي بنية تشكيلية لحقبة جيولوجية قديمة تحتوي على مواد جبسية أو صخور لها خصائص فيزيائية وجيوتقنية بلاستيكية والتي تمر عبر أتربة وصخور تنتمي إلى العصر الجيولوجي الرباعي والحديث للظهور على سطح الأرض بالمنطقة .
عوامل ملائمة لوقوع رجات أرضية
وأورد محدثنا ان البنية الجيولوجية بالجهة سواء كانت بنية تكتونية هشة أو بنية مثنية تتسم باتجاهات متعددة جعل منها مكانا التقاء لعدد من الاتجاهات الجيولوجية معينة وعدم تحمل بعض المواد الباطنية الطاقة المخزونة بباطن الأرض على عمق أدنى من 30 كم فان هذه العوامل كانت ملائمة لوقوع رجات أرضية تعبر عن تحرير لهذه الطاقة، وفق محدثنا الذي أفاد أن بعض الرجات التي حصلت كانت مرتبطة بالإتجاهات الجيولوجية المذكورة ومبينا أن الرجات الأرضية التي شهدتها الجهة مؤخرا أساسا بين المزونة وغرب معتمدية المكناسي تتوزع على صدوع نشطة في العصر الجيولوجي الحديث، بمعنى أن تواتر الرجات المسجلة تتحكم في بروزها الصدوع والاتجاهات المختلفة وهي مازالت متواصلة في المستقبل القريب أو المتوسط إلى أن تخرج كل الطاقة الموجودة في باطن الأرض ويحدث التوازن في تلك الجهة ، حيث من الممكن أن نشهد بعض الارتدادات الأرضية الأخرى.
أماكن في تونس تحتوي على صدوع نشطة
وأضاف نفس المصدر أنه بالنسبة لكامل تراب البلاد فقد تمّ تسجيل 3326 رجة منذ قديم العصور وبالتحديد منذ 410 بعد الميلاد إلى حدود هذه الساعة تتوزع بين 281 رجة أقل من 2 درجة على سلم ريشتر وبين 2 و3 درجة تمّ تسجيل 1801 رجة وبالنسبة إلى الرجات بين 3 و4 درجة على سلم ريشتر تمّ تسجيل 1013 رجة وتم تسجيل ما بين 4 وأقل من 5 درجات، 186 رجة و39 رجة بين 5 و6 درجات وبين 6 و7 درجات تمّ تسجيل 5 رجات فيما لم يتم تسجيل أية رجة أكثر من 7 درجات على سلم ريشتر. وأشار محدثنا على أن الواقع الجيولوجي يختلف من مكان إلى مكان إلى آخر على تراب البلاد ، ومشيرا إلى أن النشاط الزلزالي هو نشاط عادي يظهر في جميع أنحاء العالم وبالنسبة لتونس لنا عدة أماكن تحتوي على صدوع نشطة مثال ذلك جهة قفصة والمتلوي والرديف والشبيكة وتنتج عنها رجات أرضية ضعيفة وكذلك جهات الساحل والقصرين وسيدي بوزيد والشمال الغربي وهي أماكن لها نشاط بارز. وبحسب محدثنا فإن معهد الرصد الجوي يعمل ويتابع هذه الظواهر باستمرار على مدار السن ويقوم بالتنسيق مع عدة أطراف مثل ديوان المناجم والحماية المدنية ووزارة التجهيز ووزارة الداخلية بمعنى أن المعهد لا يعمل بمعزل عن بقية الأطراف كما يتم تداوله.
تقييم شدة الرجة على السطح باعتماد سلم "ميركلي"
كما أشار خير الدين العطافي إلى أن الزلازل تصنف بنوعين، زلازل في حدود الصفائح وزلازل داخل الصفائح، وبالنسبة لما حصل في ولاية سيدي بوزيد فإنه يتم احتساب قوة الرجة بطريقة ريشتر مع العلم أن المعهد يقوم بتقييم شدة الرجة على السطح باعتماد طرق أخرى مثل سلم "ميركلي" وغيره وهو سلم يعبر عن زخم الرجة على السطح ومثل هذا السلم أو هذه الطريقة تمكن من تقدير الشدة على السطح وتسمح بجمع المعطيات عن حدوث تصدعات أو شقوق في البنايات ومعطيات عن تأثيرها على التضاريس أو على البشر وذلك لدراستها والتي تمكن من تقدير الخطر الزلزالي ومعالجة هذه الهزات الأرضية بطريقة حسابية احتمالية والحصول على معطيات أخرى تمكن من معرفة الظاهرة علميا وتمكن من السعي في التخفيف من تأثيرها على البنية التحتية بالخصوص.