فيما حزب الله يؤكد التزامه باتفاق وقف اطلاق النار غارات صهيونية دامية على لبنان ومخاطر حرب جديدة

يشهد جنوب لبنان موجة جديدة من الغارات الصهيونية هي الأعنف منذ وقف اطلاق النار

ويأتي هذا العدوان الجديد بعد استئناف إسرائيل حربها ضد غزة بدعم امريكي وصمت دولي . وتهدد هذه الأعمال العدوانية بنسف اتفاقيات الهدنة في لبنان وغزة في خضم متغيرات وهزات جيوسياسية كبرى تعيشها المنطقة ككل.

واستهدفت الغارات الصهيونية في مرحلة أولى مناطق في جنوب لبنان ردا على إطلاق ثلاثة صواريخ من هذه المنطقة .وطالت الموجة الثانية للغارات مدينة صور الساحلية ومناطق أخرى في جنوب لبنان وشرقه. وقتل في صور ثلاثة اشخاص وأصيب آخرون بحسب ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن وزارة الصحة اللبنانية.
وبدأ التصعيد غداة اطلاق صواريخ صباح السبت على الجليل . ولئن لم تتبن بعد أي جهة عملية إطلاق الصواريخ ، جدّد حزب الله التزامه الكامل بالهدنة ، مبينا في بيان بأنّه يقف خلف الدولة اللبنانية في معالجة هذا التصعيد".
وأوقف اتفاق وقف إطلاق النار حربا مفتوحة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله استمرت شهرين، بعدما فتح هذا الأخير جبهة ضد الدولة العبرية "إسنادا" لحماس منذ بدء الحرب في قطاع غزة في اكتوبر 2023.

وصمد الاتفاق عموما رغم الاتهامات المتبادلة بحصول انتهاكات فيما أبقى جيش الاحتلال الإسرائيلي قواته في خمسة مواقع استراتيجية في جنوب لبنان على طول الحدود مع شمال الكيان.
تفكيك منصات اطلاق
أعلن الجيش اللبناني أنه فكك ثلاث منصات إطلاق صواريخ "بدائية الصنع" في جنوب لبنان وأوضح في بيان أنه "على أثر إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة، أجرى الجيش عمليات مسح وتفتيش وعثر بنتيجتها على 3 منصات صواريخ بدائية الصنع في المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني".
وبعد إعلان إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل، حذر رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام من "تجدد العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية، لما تحمله من مخاطر جرّ البلاد إلى حرب جديدة، تعود بالويلات على لبنان واللبنانيين" مضيفا أنه أجرى اتصالا بوزير الدفاع شدد خلاله على "ضرورة اتخاذ كل الاجراءات الأمنية والعسكرية اللازمة، بما يؤكد أن الدولة وحدها هي من يمتلك قرار الحرب والسلم".
بدوره، أدان الرئيس اللبناني جوزاف عون في بيان للرئاسة اللبنانية "محاولات استدراج لبنان مجددا إلى دوامة العنف" وقال "ما حصل اليوم في الجنوب، وما يستمر هناك منذ 18 فيفري الماضي، يشكل اعتداء متماديا على لبنان وضرباً لمشروع انقاذه الذي أجمع عليه اللبنانيون".
وأعربت قوة الأمم الموقتة في لبنان (يونيفيل) المنتشرة في جنوب لبنان السبت عن قلقها من "تصعيد محتمل للعنف"، وحضّت "جميع الأطراف على تجنب تقويض التقدم المحرز".
ودعا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي السبت إلى تحرك دولي فوري "لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان".

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية إن الصفدي أكد في إتصال هاتفي مع نظيره اللبناني يوسف رجي "ضرورة التحرك الدولي الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان".
ونددت فرنسا بإطلاق صواريخ على إسرائيل من الأراضي اللبنانية، مع دعوتها الدولة العبرية إلى "ضبط النفس إثر استئنافها ضرباتها ردا على" هذا الأمر.
بين الردع وتجنب الحرب الشاملة
تصاعدت التوترات على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية في تطور قد ينذر بعودة المواجهة العسكرية بين الطرفين، بعد شهور من الترقب الحذر. فمع انهيار وقف إطلاق النار في غزة وتجدد الاشتباكات في جنوب لبنان، يبرز سؤال محوري: هل نحن أمام تصعيد محدود، أم أن المنطقة تتجه نحو مواجهة شاملة قد تغيّر معادلات الصراع؟
وأعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح امس السبت إطلاق خمسة صواريخ من لبنان اتجاه "الأراضي الإسرائيلية".
وبينما اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية ثلاثة صواريخ، سقط اثنان في الأراضي اللبنانية. وأشارت إذاعة الجيش إلى أنه الهجوم "الأول من نوعه" منذ ثلاثة أشهر، موضحةً أن إطلاق القذائف من لبنان يُمثِّل "انتهاكا خطيرا" من حزب الله.
في المقابل، شنَّت إسرائيل قصفا مدفعيا وغارات جوية على مناطق بجنوبي لبنان، ردا على إطلاق الصواريخ، وأكدت أن ردّها العسكري في هذه المرحلة يتركز على جنوب لبنان والنبطية
وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بوقوع سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية وقصف مدفعي على جنوب البلاد المتضرر من الحرب، ومنها بلدات حدودية وتلال على عمق نحو 8 كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية.ونقلت الوكالة عن وزارة الصحة اللبنانية أن شخصين قتلا وأصيب ثمانية آخرون في غارات جوية إسرائيلية في الجنوب قرب الحدود. ووفق مراقبين يعيد تطور الأحداث الأخيرة، من إطلاق الصواريخ من لبنان إلى الغارات الإسرائيلية المكثفة، يعيد إلى الأذهان سيناريوهات الحرب التي شنتها تل ابيب على لبنان بالتزامن مع حرب الإبادة التي تشنها في غزة منذ اكتوبر 2023.وجاء إطلاق الصواريخ من لبنان بعد اشهر من الهدوء النسبي، وهو ما تراه إسرائيل "تحديا أمنيا خطيرا"، ما دفعها إلى الرد السريع عبر القصف المدفعي والجوي.

لكن اللافت في هذه الجولة من التصعيد هو أن القصف الإسرائيلي تركز على مناطق محددة في الجنوب والنبطية، في إشارة إلى أن إسرائيل قد تكون راغبة في احتواء المواجهة بدلا من الانجرار إلى حرب مفتوحة. ومع ذلك، فإن أي تصعيد إضافي قد يفرض واقعا جديدا لا يخدم حسابات التهدئة.
حزب الله، يدرك أن أي مواجهة عسكرية كبرى ستكون لها تداعيات خطيرة على لبنان، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية الخانقة التي يمر بها البلد. لذلك، فإن الحزب قد يتبنى استراتيجية "التصعيد المدروس"، بحيث يرد بشكل محسوب دون أن يتجاوز الخطوط الحمراء التي قد تؤدي إلى حرب واسعة وفق مراقبين.
ومع ذلك، فإن أي تغير في ميزان القوى الإقليمي، أو قرار مفاجئ من قيادة الحزب، قد يجعل الأمور تخرج عن السيطرة، خصوصا إذا استمرت إسرائيل في توسيع نطاق ضرباتها. يقف لبنان على مفترق طرق جديد، حيث يواجه خطر الانزلاق إلى مواجهة عسكرية غير محسوبة، في وقت تعيش فيه المنطقة واحدة من أكثر مراحلها اضطرابا.
حرب مفتوحة بوسائل مختلفة
رغم مرور أشهر على إعلان وقف إطلاق النار، يبدو واضحا أن الحرب لم تتوقف فعليا إلا من الجانب اللبناني، في حين تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية بأساليب مختلفة. فمنذ 27 نوفمبر 2024، لم نشهد قصفا شاملا على الضاحية الجنوبية أو استهدافا مباشرا، لكن ذلك لا يعني أن الحرب انتهت، بل إنها اتخذت شكلا آخر، يرتكز على الاغتيالات المستهدفة والقصف المحدود الذي يطال مناطق محددة.
ويرى مراقبون أن ما يجري اليوم ليس مجرد استعراض للقوة، بل هو استمرار للحرب بأسلوب أقل ضجيجا لكنه أكثر فتكا وتأثيرا استراتيجياً. فمنذ أسابيع، تكثف إسرائيل عملياتها العسكرية داخل الأراضي اللبنانية، مستهدفة أفراداً تصفهم بأنهم عناصر من "حزب الله"، سواء كانوا في سيارات مدنية أو في أماكن محددة داخل مناطق جنوب الليطاني وشماله وحتى البقاع. هذه العمليات لا تأتي في سياق ضربات متفرقة، بل تعكس استراتيجية واضحة تهدف إلى استنزاف "حزب الله" وتقويض قدراته دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة.

"حماس" تندد بعدوان إسرائيل
نددت حركة "حماس"، امس الأحد، بالغارات الإسرائيلية على سوريا ولبنان وتكثيف "العدوان الأمريكي" على اليمن، واعتبرته "تصعيدا خطيرا" يتطلب موقفا عربيا وإسلاميا موحدا.
وقالت الحركة في بيان: "ندين بشدة العدوان الصهيوني الغاشم على دولنا العربية الشقيقة لبنان وسوريا، والعدوان الأمريكي المتواصل على اليمن، والذي يشكل امتدادا للعدوان المستمر على شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، في انتهاك صارخ لسيادة الدول والقوانين الدولية".

وعدت "استمرار الغارات الصهيونية على لبنان وسوريا، وتكثيف العدوان الأمريكي على اليمن، تصعيدا خطيرا".

وأشارت إلى أن ذلك التصعيد يأتي بـ"التوازي مع المجازر اليومية في قطاع غزة، وجرائم الاحتلال في الضفة الغربية".

وطالبت بضرورة وجود "موقف عربي وإسلامي موحد يرتقي إلى حجم هذه الهجمة، ويضع حدا لغطرسة العدو وإجرامه المستمر".

من جهته دعا وزير الخارجية والمغتربين اللبناني يوسف رجي إلى الضغط لإعادة الهدوء وإنهاء الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على بلاده.
ووفق قناة (الجديد) اللبنانية امس الأحد ، جاء ذلك في اتصال هاتفي اجراه الوزير رجي بأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والممثلة العليا للسياسة الخارجية الاوروبية ونائب رئيس المفوضية كايا كالاس.
وطالب الوزير رجي بـ "تدخلهما وإجراء الاتصالات اللازمة لوقف الهجمات الاسرائيلية".
وكان مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة أعلن في بيان مساء أمس الاول السبت ، أن "سلسلة الغارات التي شنها العدو الإسرائيلي على عدد من المناطق اللبنانية أدت إلى سقوط سبعة شهداء وإصابة 40 بجروح".

استشهاد قيادي بحماس في غزة

ويأتي هذا التصعيد بعد أيام قليلة من استئناف إسرائيل هجومها على غزة، مطيحة بالهدوء النسبي الذي ساد القطاع منذ وقف إطلاق النار في 19 جانفي.
وعاودت إسرائيل غاراتها الجوية على غزة الثلاثاء قبل أن تنشر قواتها مجددا في مناطق سبق وأن أخلتها خلال فترة توقف القتال.
وقال كاتس الجمعة إنه أمر الجيش "بالسيطرة على مزيد من الأراضي في غزة".وأفاد مصدر قيادي في حماس وفق وكالة فرانس برس أن قصفا استهدف بعد منتصف الليل خيمة في جنوب قطاع غزة أدى إلى مقتل القيادي في حماس صلاح البردويل.وقال المصدر "استشهد القيادي، عضو المكتب السياسي في حماس في غزة، صلاح البردويل وزوجته في قصف جوي إسرائيلي استهدف بعد منتصف الليلة خيمة تؤوي نازحين غرب مدينة خانيونس في جنوب قطاع غزة".ونعت حماس البردويل، عضو المكتب السياسي للحركة والنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي "ارتقى شهيدا في عملية اغتيال صهيونية غادرة"، مؤكدة "أن هذا العدو المجرم لن ينال من عزيمتنا ولا من ثباتنا".والسبت في مدينة غزة، قال سامح المشهراوي إن "سبعة أشخاص استشهدوا" في غارة على منزل عائلته أودت بحياة شقيقيه وزوجتيهما وأطفالهما.

هذا ودعت عائلات رهائن إلى تجديد وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن فترات الهدنة شهدت الإفراج عن رهائن أحياء.

إنشاء إدارة لتهجير الفلسطينيين من غزة

في الاثناء صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) ليلة السبت/الأحد، على إنشاء إدارة لتهجير سكان قطاع غزة، وفق مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
يأتي ذلك رغم موجة الرفض العربي والدولي لمخطط تهجير الفلسطينيين قسرا واستخدام أساليب التضييق والمجازر والحصار الخانق لإجبار الفلسطينيين الصامدين رغم نحو عام ونصف العام من الإبادة على الاستسلام والهجرة القسرية.

وقال وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان الأحد: "وافق الكابينت على إنشاء إدارة لانتقال سكان غزة طوعا إلى دول ثالثة لمن يُبدون اهتماما بذلك"، وفق ادعاءاته التي نقلتها صحيفة "هآرتس" العبرية.
وزعم كاتس أن إدارة تهجير الغزيين "ستخضع لأحكام القانون الإسرائيلي والدولي".
وأضاف أن "الإدارة ستكون تابعة لوزير الدفاع، وستعمل بالتنسيق مع المنظمات الدولية والجهات الأخرى وفقا لتوجيهات المستوى السياسي، وستنسق أنشطة الوزارات الحكومية المعنية في هذا الشأن".
ووفق كاتس، ستعمل هذه الإدارة على "التحضير وتسهيل انتقال آمن ومنضبط لسكان غزة الراغبين لمغادرة القطاع طوعا إلى دول ثالثة، بما يشمل تأمين حركتهم، وإنشاء مسار عبور، وإجراء تفتيش للمشاة عند المعابر المخصصة في قطاع غزة".
يضاف إلى ذلك "تنسيق توفير البنية التحتية التي تتيح الانتقال عبر البر والبحر والجو إلى الدول المستهدفة"، بحسب بيان كاتس.
كما أعلن كاتس أنه سيكشف قريبا عن الشخصية التي ستترأس هذه الإدارة.
من جانبها، قالت القناة 12 العبرية الخاصة، إن مصادقة الكابينت ليلة السبت/الأحد على إنشاء الإدارة الجديدة، تأتي وفقا لرؤية الرئيس ترامب الذي دعا في أكثر من مناسبة إلى تهجير سكان القطاع.
ومنذ 25 جانفي الماضي، يروّج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية وأوروبية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية، الأمر الذي رفضه العرب والمسلمين.ومنذ استئنافها الإبادة الجماعية بغزة فجر الثلاثاء وحتى السبت، قتلت إسرائيل 634 فلسطينيا وأصابت 1172 آخرين معظمهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.ويمثل هذا التصعيد، الذي قالت تل أبيب إنه يتم بتنسيق كامل مع واشنطن، أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي امتنعت إسرائيل عن تنفيذ مرحلته الثانية بعد انتهاء الأولى مطلع مارس الجاري.

ورغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المضي قدما في المرحلة الثانية، استجابة لضغوط المتطرفين في حكومته. وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 162 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115