ملف المهاجرين الأفارقة وتصاعد الجدل بصفة غير مسبوقة: بين المطالبة بإيقاف "الممارسات العنصرية" ضدهم والدعوة إلى ضرورة الترحيل القسري

لا يزال ملف المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء يثير جدلا واسعا

وسط تصاعد وتيرة العنف والفوضى والمواجهات وفق ما اظهرته بعض مقاطع الفيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة بعد تفكيك مخيمات عشوائية للمهاجرين في ولاية صفاقس، وقد أثارت هذه العملية العديد من الانتقادات وتتالت الدعوات إلى ضرورة إيجاد مقاربة جذرية لحلحلة هذا الملف الذي أرق بشكل كبير الدولة والاهالي خاصة أهالي جبنيانة والعامرة من ولاية صفاقس، وبحسب ما اكدته النائبة في البرلمان فاطمة المسدي فإنه بناءً على تصريحات المسؤولين الرسمية، تبين وجود قرابة 20 ألف مهاجرا غير نظامي في جهة صفاقس يتركزون أساسا في العامرة وجبنيانة.

بحسب النائبة فاطمة المسدي فإن الــتّرحيل القسري لمهاجري إفريقيا جنوب الصحراء ضَرورة والعودة الطوعية ليست حلاّ، وشددت في توضيح لها للرأي العام نشرته على صفحتها الرسمية على الفايسبوك على المرحلة الراهنة تستدعي إعادة طرح مبادرة قانون ترحيل المهاجرين غير النظاميين التي قالت انها قدّمتها سابقاً إلى مجلس نواب الشعب وتصويب الإخلال القانوني المتمثل في رفض المبادرة دون دراستها، مما يشكل مخالفة صريحة لأحكام القانون والنظام الداخلي للمجلس مع بلورة استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة هذا التحدي الذي يؤثر على صفاقس بشكل خاص وتونس بشكل عام وفق تعبيرها.

تخوفات من تنامي أعداد المهاجرين بوتيرة متسارعة

وفق ما اكدته فاطمة المسدي فإن تجمعات المهاجرين غير النظاميين في صفاقس تتميز بمعدل نمو ديموغرافي يفوق الوطني والمعدل العالمي بثلاثة أضعاف، مشددة على أن استمرار الوضع الحالي، وما لم يتم اتخاذ إجراءات ناجعة وفعالة، سيفضي حتماً إلى تنامي أعداد المهاجرين بوتيرة متسارعة قد تخرج عن التوقعات والسيطرة نتيجة النمو الديموغرافي المرتفع، وتواصل تدفقهم إلى المخيمات وذلك بالتوازي مع إحداث خلل في التركيبة السكانية في جهة صفاقس والولايات المجاورة مما يؤدي بشكل أو بآخر إلى توطين دائم للمهاجرين غير النظاميين في المنطقة. و أوضحت من جهة أخرى أن آلية المغادرة الطوعية تتجسد في عدة محاور ترتكز أساسا على وجود ثلاثة مراكز إيواء وقتية في البلاد التونسية لكافة المهاجرين غير النظاميين الراغبين في العودة الطوعية من كامل انحاء الجمهورية، مبينة ان هذه المراكز تحت اشراف مكتب المنظمة الدولية للهجرة في تونس، وتصل القدرة الاستيعابية إلى 100 مهاجر لكل مركز وذلك لتيسير إجراءات المغادرة الطوعية في غضون 15 يوماً بعد استصدار وثائق الهوية والسفر. وأضافت المسدي أن كل مركز إيواء يمكنه مساعدة ما يقارب 200 مهاجر شهرياً على المغادرة الطوعية لا غير.

إدانة الخطاب التحريضي والعنصرية

من جهتها، أدانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان العنصريّة المؤسّساتيّة والخطاب التحريضي ضدّ المهاجرين الصادر عن بعض النواب، ودعت إلى وقف جميع أشكال العنف والتمييز ضد المهاجرين في تونس، معربة عن تضامنها معهم، بغض النظر عن أوضاعهم القانونية أو خلفياتهم الثقافية والاجتماعية. وأكّدت في بيان لها أن حقوقهم تشكّل جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان، مشددة على أهمية مكافحة جميع أشكال التمييز والعنصرية ضدهم من خلال حملات توعية شاملة. وحمّلت الرابطة في بيان لها السلطات التونسية المسؤولية الكاملة عمّا اعتبرتها خيارات فاشلة في التعاطي مع ملف الهجرة، ما ساهم في تفاقم الأزمة وانعكاساتها على كل من المهاجرين والمجتمع التونسي، وخاصة البعض من أهالي العامرة الذین تضرروا من عدم قدرتهم علی استغلال أراضیهم. وأدانت الرابطة بشدة في ذات البيان "عنصرية مؤسّساتيّة وخطابًا تحريضيًا صادرًا عن بعض النواب، يتنافى مع مبادئ الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان". وطالبت بوضع استراتيجية وطنية واضحة وشفافة للتعامل مع تدفقات المهاجرین، قائمة على التعاون مع الدول المعنية والمنظمات الدولية، ما يضمن مصلحة البلاد واحترام السيادة الوطنية، وفي الوقت ذاته الالتزامات الحقوقية لتونس بما فيها المصادقة على الاتفاقية الدولیّة لحمایة المهاجرين.

وضع سياسات شاملة تحترم القوانين التونسية والمعاهدات الدولية

هذا ودعت الرابطة السلطات التونسية إلى تبنّي سياسات مسؤولة توازن بين حماية حقوق الإنسان والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعى، بعيداً عن أي حسابات سياسية أو أي خطاب شعبوي أو تحریض عنصري، واشارت إلى أن التعامل مع هذه الظاهرة لا يمكن أن يكون عبر مقاربات أمنية قمعية وخطاب تحريضي عنصري حسب تعبير الرابطة، بل من خلال سياسات شاملة تحترم القوانين التونسية والمعاهدات الدولية، وتحمي الذات البشرية وحقوق الإنسان، وتضمن التوازن والسلم الاجتماعي.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115