مشروع معطل منذ 8 سنوات: المكتبة الرقمية بصفاقس متى تخرج من الورق إلى النور؟

 تسلمت صفاقس مشعل الثقافة العربية من مدينة الجسور « قسنطينة» في سنة 2016.

وأمام احتضان هذا الحدث العربي الضخم، رفعت هيئة تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية سقف الأحلام عاليا بالتعهد بإنجاز عديد المشاريع وتغيير وجه المدينة كوجهة للسياحة والثقافة والاقتصاد .. وكان من بينها تحويل الكنيسة الكاثوليكية في وسط المدينة إلى مركز ثقافي ومكتبة رقمية ذات وسائط متعددة.

أصبح حدث احتضان صفاقس لتظاهرة عاصمة للثقافة العربية ماضيا انقضى ووّلى، وبقيت الرهانات المرفوعة وقتها مجرد شعارات، وعلى رأسها مشروع المكتبة الرقمية الذي أصبح كـ "الدابة السوداء" التي تطمس كل نور المدينة وتنسف كل ما بقي من أثر حدث عربي كبير مرّ في سنة 2016 بولاية صفاقس.

من كنيسة إلى مكتبة رقمية إلى وضعية كارثية !

تحتل الكنيسة الكاثوليكية بصفاقس موقعا استراتيجيا وهي التي تمّ تغيير صبغتها من فضاء لممارسة الطقوس الدينية إلى قاعة رياضية متعدّدة الاختصاصات قبل أن يتمّ وضعها مجدّدا على ذمة القطاع الثقافي. كان من المنتظر أن تكون المكتبة الرقمية بصفاقس منارة ثقافية بامتياز. باعتبار أن هذا الصّرح الثقافي سيكون المكتبة الرقمية الأضخم في تونس من حيث المساحة ومن حيث حجم بنك المعلومات الذي سيوضع على ذمّة الباحثين على اختلاف مجالات بحثهم، علاوة على أنّ ترتيب المكتبة الرقمية بصفاقس في هذا السياق سيكون متقدما على المستوى العربي والإفريقي. تتمركز الكنيسة وسط مدينة صفاقس أي داخل مجال تتقاطعُ فيه أكثر من مؤسسة تعليمية ثانوية بالإضافة إلى القطب الجامعي الذي لا يبعد عنها كثيرا.

 

ميزانية 18 مليون دينار بلا أثر !

كان مشروع المكتبة الرقمية من أهم الأعمدة التي ارتكزت عليها تظاهرة عاصمة للثقافة العربية لتغيير خارطة المكان والزمان، فإذا بهذه الأعمدة بلا عماد وبلا بنيان إلى اليوم .انطلقت أشغال المكتبة الرقمية في جويلة 2017 على أن تستكمل بعد سنة أي في جويلية 2018. وبعد حوالي 8 سنوات، لا تزال الحال على ما هي عليه ... بل أفسدت الأشغال التي بدأت ولم تنته جمالية مبنى الكنيسة الذي يعتبر تحفة معمارية فريدة من نوعها ومعلما تاريخيا استثنائيا. وقد تم رصد أكثر من 18 مليون دينار لإنجاز مشروع المكتبة الرقمية ، ليراوح هذا المشروع مكانه رغم زيارات المسؤولين والوزراء في كل مرة.
وكان من المنتظر أنّ يحتضن مبنى الكنيسة إلى جانب المكتبة الرقمية وفي جزئه السفلي مركزا ثقافيا متعدّد الاختصاصات حيث سيقع تركيز مسرح جيب وقاعة عروض سينمائية لتشكّل بذلك فور دخولها الفعلي حيز الاستغلال - رئة إضافية في جسد المشهد الثقافي في ولاية صفاقس .

طلب عروض جديد لاستئناف الأشغال
في إطار زيارة ميدانية إلى ولاية صفاقس بتاريخ غرّة فيفري 2025 ، اطّلعت وزيرة الشؤون الثقافية السيدة أمينة الصّرارفي على مشروع المكتبة الرّقمية، وعاينت بالمناسبة مدى تطوّر الإنجاز وتقدم الأشغال. وبتاريخ 28 فيفري 2025، أشرفت الوزيرة على جلسة عمل خصصت للنظر في مشروع تهيئة فضاء الكنيسة بصفاقس المغلق منذ2016 ، وذلك بحضور المندوب الجهوي للشؤون الثقافية محمد الخراط وعدد من إطارات الوزارة.ودعت وزيرة الشؤون الثقافية "إلى ضرورة تجاوز كل الاشكاليات العقارية والتقنية التي تحول دون استئناف الأشغال المتوقفة منذ سنة 2021، مشدّدة على أهمية تضافر جهود كل الأطراف المعنيّة من أجلانجاز هذا المشروع الثقافي الهام الذي من شأنه أن يُحدث حركية ثقافية بالجهةلفائدة أهالي صفاقس".في استعراض أبرز الإخلالات والنقائص التي منعت استكمال مشروع تهيئة كنيسة صفاقس مما استوجب فسخ العقد مع المقاول، دعت الوزيرة إلى "ضرورة نشر طلب عروض جديد لاختيار مكتب دراسات من أجل استئناف الأشغال وفق ما تقتضيه الإجراءات الإدارية".
تعاني كنيسة صفاقس الشهيرة اليوم من وضعية كارثية، أمام تشويه المبنى وغلقه لمدة ثمان سنوات وحرمان رواده من المبدعين والرياضيين والجمهور من وجهة ثقافية ورياضية كانت في ما مضى هي القلب النابض في وسط المدينة.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115